الحمد للّه الذي هيَّأ لنا علماء أجلاء، أبانوا السبيل، وأزالوا الشبه، وأرشدوا الأمة، فالشكر للّه أوَّلاً، ثمَّ لأهل العلم ثانياً، أدام اللّه فضلهم، وأجزل لهم المثوبة، ورفع قدرهم.
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه اللّه تعالى في مقدمة كتاب الرد على الجهمية والزنادقة: (الحمد للّه الذي جعل في كل زمان فترةٍ من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب اللهِ الموتى، ويبصِّرون بنور اللهِ أهل العمى، فكم من قتيلٍ لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالٍ تائهٍ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب اللهِ تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عقال الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على اللهِ وفي اللهِ وفي كتاب اللهِ بغير علم، يتكلَّمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهَّال الناس بما يشبِّهون عليهم، فنعوذ باللّه من فتن المضلِّين).
إنَّ تكفير المسلم أمرٌ خطير، لأنَّ التكفير تترتَّب عليهِ أحكامٌ دنيويَّة وأُخرويَّة، ولهذا جاءت النصوص محذِّرة من تكفير المسلم، من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ. فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلاَّ رَجَعَتْ عَلَيْهِ)[1].
وإنَّ الطعن في العلماء والدعاة والمصلحين فيه من الضرر العظيم، ففيه صدُّ الناس عن الانتفاع بالخير الذي يحملونه، وفيه إثارة العداوة والبغضاء بين أهل الخير، قال اللَّه عزّ وجلّ: { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83) }[2]، وقال الإِمام الطَّحاوي رحمه اللهُ تعالى: (وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين، أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر، لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل)، وقال الإِمام القرافي رحمه اللهُ تعالى: (قاعدة ضبط المصالح العامَّة واجب، ولا ينضبط إلَّا بعظمة الأئمة في نفوس الرعيَّة، ومتى اختلفت عليهم أو أُهينوا تعذرت المصلحة)[3].
وإنَّ هذه الأفعال التي يفعلها الغلاة بصفةٍ عامَّة وفي بلاد المسلمين خاصة هي في حقيقتها إِجرام وإِفساد في الأرض، مهما كانت نواياهم، فإن النيَّة الحسنة لا تحسِّن العمل السيِّئ، وذلك لانطوائها على مخالفات شرعيَّة، كالقتل، والإتلاف، والغدر، وتسليط الكفار على المسلمين، ومخالفة جماعة المسلمين بخلق أسباب التفرُّق والنزاع، أسأل الله سبحانه وتعالى لهم الهداية.
وإنَّ قتل المسلمين وسائر معصومي الدماء بطريقة الغلاة من أعظم الجرائم والآثام، لما فيها من مخالفات شرعية وأضرار محضة أو راجحة، أرأيت لو أنَّ إنساناً قطع يد إنسان من غير ضرورة ولا مصلحة راجحة فهل يعد فعله إلا إجراماً؟ وكذلك لو أكل الإنسان الميتة لغير ضرورة فقد أتى محرَّماً، وأما من أكل الميتة مضطراً فقد أباح الله تعالى ذكرهُ له ذلك عند الضرورة، وكذلك لو أنَّ طبيباً اضطُّر إلى قطع يد مريض خشية أن تفسد جميع البدن فتؤدِّي إلى هلاك المريض فإنّ عمله هذا يعدُّ مقبولاً لدى سائر العقلاء بخلاف من لم يكن من أهل الطب.
الغلو في التبديع المحتويات
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه اللّه تعالى في مقدمة كتاب الرد على الجهمية والزنادقة: (الحمد للّه الذي جعل في كل زمان فترةٍ من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب اللهِ الموتى، ويبصِّرون بنور اللهِ أهل العمى، فكم من قتيلٍ لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالٍ تائهٍ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب اللهِ تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عقال الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على اللهِ وفي اللهِ وفي كتاب اللهِ بغير علم، يتكلَّمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهَّال الناس بما يشبِّهون عليهم، فنعوذ باللّه من فتن المضلِّين).
إنَّ تكفير المسلم أمرٌ خطير، لأنَّ التكفير تترتَّب عليهِ أحكامٌ دنيويَّة وأُخرويَّة، ولهذا جاءت النصوص محذِّرة من تكفير المسلم، من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ. فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلاَّ رَجَعَتْ عَلَيْهِ)[1].
وإنَّ الطعن في العلماء والدعاة والمصلحين فيه من الضرر العظيم، ففيه صدُّ الناس عن الانتفاع بالخير الذي يحملونه، وفيه إثارة العداوة والبغضاء بين أهل الخير، قال اللَّه عزّ وجلّ: { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83) }[2]، وقال الإِمام الطَّحاوي رحمه اللهُ تعالى: (وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين، أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر، لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل)، وقال الإِمام القرافي رحمه اللهُ تعالى: (قاعدة ضبط المصالح العامَّة واجب، ولا ينضبط إلَّا بعظمة الأئمة في نفوس الرعيَّة، ومتى اختلفت عليهم أو أُهينوا تعذرت المصلحة)[3].
وإنَّ هذه الأفعال التي يفعلها الغلاة بصفةٍ عامَّة وفي بلاد المسلمين خاصة هي في حقيقتها إِجرام وإِفساد في الأرض، مهما كانت نواياهم، فإن النيَّة الحسنة لا تحسِّن العمل السيِّئ، وذلك لانطوائها على مخالفات شرعيَّة، كالقتل، والإتلاف، والغدر، وتسليط الكفار على المسلمين، ومخالفة جماعة المسلمين بخلق أسباب التفرُّق والنزاع، أسأل الله سبحانه وتعالى لهم الهداية.
وإنَّ قتل المسلمين وسائر معصومي الدماء بطريقة الغلاة من أعظم الجرائم والآثام، لما فيها من مخالفات شرعية وأضرار محضة أو راجحة، أرأيت لو أنَّ إنساناً قطع يد إنسان من غير ضرورة ولا مصلحة راجحة فهل يعد فعله إلا إجراماً؟ وكذلك لو أكل الإنسان الميتة لغير ضرورة فقد أتى محرَّماً، وأما من أكل الميتة مضطراً فقد أباح الله تعالى ذكرهُ له ذلك عند الضرورة، وكذلك لو أنَّ طبيباً اضطُّر إلى قطع يد مريض خشية أن تفسد جميع البدن فتؤدِّي إلى هلاك المريض فإنّ عمله هذا يعدُّ مقبولاً لدى سائر العقلاء بخلاف من لم يكن من أهل الطب.
إنَّ من أجلِّ نعم الله عزَّ وجل بعد نعمة الإِسلام والتوحيد نعمة الأمن
والاستقرار، قال اللهُ عزَّ وجل: { لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ
الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـٰذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي
أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4) }، فيجب على المسلمين أن يحافظوا على ما بقِيَ من النِّعم، وأن يُصلحوا ما فسد بما يُحقِّق الإِصلاح، وإِن أُريد إلا الإصلاح ما استطعت، واللّه الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
المصادر
[1] صحيح مسلم، الإيمان، 225
[2] سورة النِّساء، الآية رقم 83
[3] الذخيرة (13/243)
[4] مسند الإمام أحمد (4/389)، سنن النسائي (7/211)
[2] سورة النِّساء، الآية رقم 83
[3] الذخيرة (13/243)
[4] مسند الإمام أحمد (4/389)، سنن النسائي (7/211)
الغلو في التبديع المحتويات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق