قارئ الكتب الإلكترونية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
كنت قد كتبت موضوعين عن الألواح الإلكترونية وفائدها في قراءة الكتب، ولكني بعد أن جرَّبت أحد الألواح الإلكترونية، لاحظت أن قراءتها مجهدة للعينين. ويظهر أثر إجهاد العينين في شكل إنزعاج وصداع أحياناً، والسبب هو الشاشة المستخدمة.
قبل يومين مررت على أحد محلات الإلكترونيات فلفت انتباهي جهاز صغير شاشته بحجم 6 بوصات من تصنيع شركة سوني، علمت بمجرد إلقاء نظرة عليه وقبل أن أقرأ عنه، أن شاشته تصلح لقراءة الكتب.
ولعدم معرفتي باللغة السويدية علمت بعد عودتي إلى البيت والبحث عبر النت أن هذا الجهاز وأمثاله يسمى بقارئ الكتب الإلكترونية. ثم علمت أن شاشة هذا الجهاز تستخدم تقنية اسمها، تقنية الشاشة الورقية الإلكترونية، ويطلق عليها الكثيرون e ink. الهدف الأساسي من هذه التقنية هو التمكن من القراءة الإلكترونية بطريقة تشبه قراءة الورق.
وميزة الأجهزة التي تستخدم هذه الشاشة أن قراءتها لا تجهد العينين، وأنها تشبه فعلاً قراءة الكتب الورقية، والفرق الأساسي بينها وبين الشاشات الأخرى هو عدم استخدام الإضاءة الخلفية. فتستطيع أن تقرأ الشاشة حتى تحت ضوء الشمس تماماً كما تستطيع أن تقرأ الورق تحت ضوء الشمس. ولها ميزة أخرى وهي عدم استهلاك الطاقة الكهربائية لعدم الحاجة إلى الإضاءة الخلفية.
في سنة 2004م استخدمت هذه الشاشة في قارئ كتب إلكترونية باليابان كأول تطبيق لهذه التقنية. وتوجد الآن العديد من أجهزة قارئات الكتب الإلكترونية، منها على سبيل المثال:
Sony Reader, Barnes & Noble nook, Kindle, Hanlin eReader, Onyx Boox and JetBook.
الفرق الأساسي بين قارئ الكتب الإلكترونية واللوح الإلكتروني من حيث التقنية هو الشاشة. ولأن تقنية الشاشة المصنع بها جهاز قارئ الكتب الإلكترونية لا تزال في طور التطوير منذ الإعلان عنها سنة 2001م ولم تكن ملونة، فهذه الأجهزة لا تكاد توجد فيها تطبيقات غير قراءة الكتب الإلكترونية وما يتعلق بالقراءة مثل الترجمة ونحو ذلك، وفي بعضها توجد تطبيقات دراسية مثل الجدول الدوري والحاسبات. وفي بعضها يوجد متصفح الإنترت، وبما أن الشاشة في أغلبها غير ملونة، فالغرض الأساسي من متصفح الإنترت هو تحميل الكتب والملفات. وقد ظهر تطبيق ملون لهذا النوع من الشاشات في جهاز قارئ كتب إلكترونية اسمه JetBook.
معظم الأجهزة التي تستخدم هذه الشاشة الآن هي قارئات الكتب الإلكترونية، وقد استخدمت في بعض أجهزة الهواتف المحمولة، ولعل السبب هو الجدارة في الطاقة، وفي بعض الساعات اليدوية. والسبب الأساسي هو أنها لا تزال في طور التطوير. وتم الإعلان عن الجيل الرابع لهذه التقنية وهي شاشة ملونة في شهر نوفمبر من عام 2010م. ولكن معظم الأجهزة المستخدمة لهذه التقنية لا تزال غير ملونة.
تقنية الشاشة الورقية الإلكترونية هي من اختراع شركة E ink التي أسست سنة 1997م. وتم الإعلان عن أول شاشة باستخدام هذه التقنية عام 2001م. واستخدمت لأول مرة عام 2004م باليابان في جهاز قارئ كتب إلكترونية. لمزيد معرفة تأريخ هذه التقنية وتطبيقاتها يمكن الرجوع إلى؛ الموقع الرسمي للشركة.
هذه التقنية الحديثة هي من نعم الله عز وجل علينا، وعلى من لديه القدرة والإمكانات أن يسخرها في طاعة الله عز وجل خاصة قراءة الكتب الشرعية وغيرها من الكتب النافعة. ولأجل اختيار الجهاز المناسب لك، من المفضل قراءة المعلومات التالية:
التطبيق الملون هو أفضل التطبيقات وهو جهاز JetBook ولكنه أغلى أجهزة قارئات الكتب الإلكترونية، وحسب بحثي لا يوجد فيه متصفح إنترنت، مما يجعل تحميل الكتب غير ممكن مباشرة من النت، بحيث لا بد أن يتم عبر الوسائط مثل عود الذاكرة ونحوه.
وأنا أفضل الشاشات الكبيرة. وأكبر شاشة حسب بحثي هي بحجم 9.7 بوصة. الشاشات الصغيرة جيدة لقراءة الكتب الإلكترونية المشتراة والتي عادة ما تستخدم فورمات أو تشكيلات غير pdf. مثل epub والتي تساعد في قراءة الكتب الكبيرة عبر الشاشات الصغيرة، لأن الكتابة تتشكل (تتغير مواقع الكلمات بحيث ينزل بعضها إلى السطر التالي) عند تكبير الحجم لتلائم حجم الشاشة، بحيث لا يختفي أي جزء من الصفحة خلف حجم الشاشة مهما كانت صغيرة. بينما الغالب في pdf أنه صورة، وبالتالي فتظل الكلمات في مكانها عند التكبير أو التصغير، مما يجعل الصفحة غير ملائمة لحجم الشاشة وتختفي بعض الكلمات خارج نطاق الشاشة، وتتطلب القراءة تغيير موقع الصفحة باستخدام ما يعرف بالاسكرول وهو التمرير والرفع والإنزال لقراءة الأجزاء المختفية خارج نطاق الشاشة عند تكبير حجم الكلمات. وبما أن معظم الكتب المجانية والموجودة الآن على هيئة pdf وعلى هيئة صورة، فمن الأفضل شراء جهاز بحجم كبير لتفادي اختفاء أجزاء من الصفحة خلف نطاق الشاشة واستخدام التمرير للقراءة.
بقي أن أقول إن تقليل صرف الطاقة الكهربائية هو أهم ما يشغل الباحثين الآن في مجالات الأجهزة الإلكترونية، خاصة مع صغر الحجم وزيادة صرف الطاقة عندما يكون الجهاز في حالة مفتوح وفي حالة عدم استخدام (idle). وتقنية الشاشة الورقية الإلكترونية من مميزاتها تقليل صرف الطاقة، وهي ميزة تزداد أهميتها في الأجهزة المحمولة. بعض الشركات المصنعة للأجهزة المستخدمة لتقنية الشاشة الورقية الإلكترونية إدعت أن أجهزتها لا تحتاج إلى شحن لمدة أسابيع. المقصود أن هذه الميزة مهمة جداً، مما يجعلني أتأكد تماماً أن هذه التقنية إذا طورت بالقدر المناسب فإنها ستحل محل كل التقنيات السابقة، وسرعان ما سيتم استخدامها في جميع الأجهزة الإكترونية. وهذا يتوقف على عوامل تقنية وتجارية كثيرة، منها تكلفة هذا النوع من الشاشات، جودة الألوان، وجودة الصور المتحرِّكة.
وإذا تم هذا الأمر في المستقبل القريب، فإن الكتب الورقية ستنحسر. في بعض الدول الآن، يمكنك استعارة كتاب إلكتروني لمدة معينة، وبعض مضي هذه المدة لا تستطيع قراءة الكتاب. وكثير من الكتب والمنشورات والصحف والمجلات صارت في شكل إلكتروني مع وضع ضوابط لحقوق الطبع والمحافظة على تجارة المطبوعات.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل، والحمد لله أولاً وآخراً. فإن الله عز وجل علمنا أن نحمده ونشكره على نعمة الفلك وغيرها مما يصنعه الناس بأيديهم، لأن الفضل كله لله عز وجل وحده، فهو مسخر البحر والرياح والمواد التي يصنع الناس بها ما يشاؤون {وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ. لِتَسْتَوُوا عَلَىٰ ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ}.

عمر عبداللطيف محمدنور عبدالله
27 صفر 1435هـ، 30 ديسمبر 2013م
لوند، السويد
pdf
رجوع إلى قسم ثقافة ومعارف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق