عهد الكتب الورقية إلى زوال

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
تنبيه: إتضح لي أن الألواح الإلكترونية "Tablets" لا تصلح للقراءة الطويلة مثل قراءة الكتب. الرجاء الرجوع إلى مقال أحدث بعنوان "قارئ الكتب الإلكترونية" بعد قراءة هذا المقال.
تحدثت في مقال سابق عن الألواح الإلكترونية الحديثة وأهميتها، وأنها أفضل من الكتب الورقية. وكنت قد ذكرت أن النقص الوحيد فيها هو عدم سهولة التعليق على نفس الكتاب مع إمكانيته. فإنَّ كثيراً من برامج البي دي أف تُمَكِّن من التعليق على الكتاب وتعليم بعض الجمل باللون الأصفر مثلاً. وهذه الميزة أفضل من التعليق على الكتب الورقية، لأنه يمكن محوها في أي لحظة وتعديل التعليق أو حذفه.
وكنت قد اقترحت عمل قابض للألواح الإلكترونية إما عن طريق الشركات المصنعة للألواح أو الشركات المصنعة لأغطية الألواح. وحاولت البحث عما إذا كانت مثل هذه الأغطية موجودة، فكتبت الكلمة المفتاحية هذه؛ tablet cover with handle على محرك البحث غوغل، فوجدت بعض هذه الغطاءات والقابضات وهي فكرة جيدة جداً. ومن أمثلتها:
بحكم دراستي في مجال الكمبيوتر واهتمامي بقسم الهاردوير (الإلكترونيات) كنت أتوقع منذ عام 2000 زوال عهد شريط الكاسيت، وبالفعل انتهى عهده عندنا هنا بأوروبا وهي إلى زوال في غيره من الدول. وكذلك توقعت زوال شريط الفيديو، وقد انتهى عهده. وكنت أتوقع زوال عهد الأقراص الضوئية (DVD or CD) ولكن عجباً، فقد ظهر بعدهما (Blue-ray). لا أدري ما السبب؟ ولكن لعله خداع فقط من شركات المرئيات والصوتيات والإلكترونيات.
وقد لاحظت هذا الخداع واضحاً في شركة آبل التي تصنع أجهزة مختلفة للآيباد وتضع لها فوارق في السعر غريبة. ومن ذلك فرق السعر لوجود خدمة الثريجي أو الفورجي أو لسعة الذاكرة. ومن عنده معرفة، يعلم أنه لا حاجة لهذه الخدمات مع توفر البديل.
تتأكد عدم الحاجة إلى حجم الذاكرة مع وجود برامج يمكن تركيبها على الألواح الإلكترونية لقراءة الملفات من جهاز الحاسب الموجود بالبيت أو المكتب عبر التوصيل اللاسلكي لجهاز الحاسب باللوح الإلكتروني. هذه البرامج هي برامج إدارة الملفات (file manager). فيمكن كتابة هذه الكلمة المفتاحية على (Google play store) أو على (Apple store) لتحميلها وتركيبها على اللوح أو الهاتف الذكي، ومن ثم استخدامها لقراءة الكتب الموجودة على الحاسب الآلي مباشرة عن طريق شبكة البيت أو المكتب اللاسلكية. ومع وجود ما يسمى بالسحب الحاسبيَّة (cloud computing) مثل غوغل درايف وأبونتو ودروب-بوكس لم تعد ثمة حاجة كبيرة لحجم الذاكرة.
ومع وجود خدمة الهوتسبوت في الهواتف، لم تعد ثمة حاجة إلى وجود خدمة الثريجي ولا الفورجي في الألواح الإلكترونية. وذلك لإمكان تشغيل خدمة الإنترنت على اللوح باستخدام خدمة الثريجي أو الفورجي الموجودة على الهاتف الذكي عن طريق خدمة الهوتسبوت، وهي خدمة تستخدم الهاتف الذكي وكأنه ويرليس راوتر (مُحوِّل لاسلكي) يرسل خدمة الإنترنت لاسلكياً، ومن ثم يمكن إستقبالها على اللوح الإلكتروني وغيره من الأجهزة.
ومما أثار عجبي إنتاج شركات الأجهزة لما يسمى باللوح الصغير (mini tab)! فلست أدري ما فائدته. إذا افترضنا حاجة الإنسان لحمل الكتب صغيرة الحجم مثل القرآن الكريم وكتب الأذكار مثل حصن المسلم، فإن بالإمكان تركيب مثل هذه الكتب على جهاز الهاتف الذكي. يبدو لي أن هذا خداع آخر من الشركات. خاصَّة وأن الناس ربما لا تعرف معنى كلمة اللوح أو تابليت بهذا المصطلح عرباً كانوا أم عجباً. فيستغلون جهل الناس بالهدف الأساسي من اللوح الإلكتروني .
من فوائد استخدام اللوح الإلكتروني التي يمكن إضافتها إلى ما ذكرته سابقاً في مقال "الألواح الإلكترونية"؛ الاستغناء على تكلفة تصنيع الأوراق، والحفاظ على البيئة بعدم تقطيع الأشجار التي تستخدم في تصنيع الورق، والإقتصار على استخدام الأشجار في غيرها من المنافع مثل بناء المنازل وتصنيع الأثاث ونحوه. ومنها المحافظة على البيئة بتقليل نفايات المصانع والأوراق.
بعض كبار السن لا يقبل التغيير ويصر على القديم حتى ولو كان الجديد أفضل. فلا أدري ماذا بقي من أضرار الألواح الإلكترونية أو منافع الأوراق؟ قد يقول البعض؛ الأجهزة الإلكترونية مضرة للعينين. لست متخصصاً ولا أدري أيهما أشد ضرراً للعينين؛ الأوراق أم الشاشات الحديثة. ولكني متأكد أن كليهما قد يكون فيه ضرر للعينين.
سبقت مصر الدول المتقدمة بتصنيعها لوحاً إلكترونياً أطلقت عليه اسم "اللوحي" لأجل تعميمه على طلاب المدارس والإستغناء به عن الكتب المدرسية. هذا المشروع من الناحية العمليَّة مفيد جداً ولكني لا أعرف فائدته من الناحية الإقتصادية. وقد سخر الشارع المصري من هذا المشروع معلقين بما معناه أنهم لا يجدون الحاجات الأساسية والحكومة منشغلة بمثل هذه الكماليات! ولكن الخبر يقول بأن بعض دول الخليج تعاقدت مع مصر على شراء "اللوحي". فإذا صح الخبر، فإن له فوائد اقتصادية إلى جانب فوائده العمليَّة. والله تعالى أعلم.

عمر عبداللطيف محمدنور عبدالله
لنيكوبنج، السويد
يوم الأثنين 3/6/2013م، 24 رجب 1434هـ
pdf
رجوع إلى قسم ثقافة ومعارف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق