جريان الربا في الأوراق النقدية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن سلك سبيلهم إلى يوم الدين.

المحتويات

  1. تمهيد
  2. الربا في العُملات
  3. شبهة حول تحريم الربا
  4. ربا القروض
  5. الفرق بين ربا القروض وربا البيوع
  6. علة الثمنية
  7. خاتمة

تمهيد

الربويات عند الفقهاء هي أصناف معينة من الأموال، والمال في اللغة كل شيء له قيمة.
المنصوص عليها من الربويات ستة أصناف، أربعة منها أطعمة وهي؛ الحنطة والشعير والتمر والملح، والصنفان الآخران هما النقدان؛ الذهب والفضة، والحنطة والبر والقمح متقاربة.
وقاس كثير من العلماء أصنافاً أُخرى على هذه الأصناف الستة الواردة في السنة، واقتصر الظاهرية على ما ورد في النص، واختلف العلماء الذين قاسوا عليها غيرها في علة القياس وبالتالي في الأصناف المقيسة عليها.
قسَّم العلماء الربا إلى قسمين؛ ربا القروض وربا البيوع.
والأصل في ربا القروض أنه يجري في كل شيء من صنف واحد تماثلت أغراضه ومنافعه، ولا يختص بالربويات.
والقرض هو دفع مالٍ لمن ينتفع به ليردُّ بَدَلَهُ، والمال كل شئ له قيمة، فيشمل جميع الأثمان والمثمنات.
وأما ربا البيوع فلا يجري إلا في الربويات، وهو نوعان؛ ربا الفضل وربا النسيئة.
وأما ربا القروض فلا يُتصوَّرُ وقوعه إلا مع النسيئة، والنسيئة تعني التأخير.
فنخلص إلى أن ربا الفضل يحرم في الربويات فقط ولا يُتصوَّر إلا في البيوع، وأما ربا النسيئة فهو نوعان؛ ربا قروض وربا بيوع.
وفي هذا البحث بيان كيفية التفريق بين ربا القروض وربا البيوع إذا كان نسيئةً وذِكْر خلاف العلماء في الحد الفاصل بينهما.
والعلماء مجمعون على تحريم ربا الفضل وربا النسيئة في البيوع.
وربا الفضل هو بيع جنسٍ ربوي بجنسه حالاً مع التفاضل وهو الزيادة في المقدار.
وأما ربا النسيئة في البيوع فهو بيع ربوي بجنسه مع التأخير والزيادة.
وبالمثال يتضح المقال؛ فربا الفضل مثاله؛ بيع جرام ذهب بجرامين ذهب حالاً، حتى ولو كان جرام الذهب أفضل من جرامي الذهب، كما لو كان الجرام من عيار أربعة وعشرين والجرامان من عيار ثمانية عشر.
وأما ربا النسيئة فمثاله بيع جرام ذهب بجرامين على أن يدفع المشتري الجرامين بعد مدة، ويحرم بيع ربوي بجنسه نسيئةً حتى ولو اختلف البدلان في الجودة كما تقدم شرحه في ربا الفضل.
ومن الأمثلة السابقة يتضح أن ربا الفضل محرم لغيره وليس لذاته إذ لا ضرر فيه، وكذا فإن منع التفاضل في النسيئة مع اختلاف الجودة محرَّمٌ لغيره إذ لا فرق بينه وبين سائر البيوع.
وهذا هو معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ربا إلا في النسيئة)، يعني حقيقة الربا لا تكون إلا في النسيئة، فهو ما يمكن أن يكون محرماً لذاته.
وأما في غير الربويات فيجوز بيع الجنس غير الربوي بجنسه مع التفاضل في المقدار إذا اختلف البدلان في الصفة والغرض والمنفعة، سواء كان البيع حالاً بإجماع العلماء أو كان نسيئةً على مذهب الإمام مالك رحمه الله تعالى.
وأما إذا اتحد صنف البدلان وتماثلا في الغرض والمنفعة مع النسيئة فإنه قرض وإن سماه المتبادِلان بيعاً، إذ العبرة في العقود بالمعاني وليست بالألفاظ والمباني، واشتراط رد الزيادة في القرض يُعدُّ رباً في كل صنف تماثلت أغراض أفراده ومنافعها، ولا يختص بالربويات بإجماع العلماء، وسواء كانت الزيادة عيناً أو منفعةً.

الربا في العُملات

تحريم ربا القروض في العملات الورقية والمعدنية يرجع إلى سببين؛ أحدهما مجمع عليه، والثاني محل خلاف معروف بين الفقهاء.
ومع أن السبب الأول فيه نزاع في بعض تفريعاته وتخريجاته إلا أنها نزاعات غير مؤثِّرة في حُكْم ربا القروض البنكية خصوصاً وربا العملات الورقية والمعدنية عموماً، ومنها ما يعد خلافاً غير معتبر.
وأما السبب الثاني؛ فمع كونه محل خلاف إلا أنه الأرجح وتفصيله في هذا البحث.
والسببان هما؛ الأول؛ أن ربا إقراض العُملات الورقية والمعدنية عموماً والقروض البنكية خصوصاً هو من ربا القروض إذا اشترط المقرِض الزيادة، وهو السبب المجمع عليه.
وربا القروض هو ربا الجاهلية الذي جاءت النصوص بتحريمه، فالآيات والأحاديث التي ورد فيها تحريم الربا في الجملة هي في هذا النوع من الربا.
ولهذا أجمعت المجامع الفقهية المعاصرة على تحريم ربا العملات والأوراق النقدية.
ومع أنَّ الفقهاء اختلفوا في بعض تفريعات ربا القروض وتخريجاته إلا أنهم اتفقوا على أنه في كل صنف تماثلت أغراض أفراده ومنافعه، وأنه لا يختص بالربويات في الجملة، وأما ما اختلفوا فيه فغير مؤثر في حكم ربا العُملات بأنواعها، ومنه ما هو غير معتبر، وفي هذا البحث شرح سبب عدم اعتباره.
الثاني؛ أنَّ الأوراق النقدية تعدُّ من الربويات قياساً على الدنانير والدراهم بجامع الثمنية، وهو السبب المختلف فيه بين الفقهاء إلا أنه الأرجح، وشرحه موجود في هذا البحث.

شبهة حول تحريم الربا

الكلام في رد هذه الشبهة ليس لبيان أضرار الربا، وإنما هو لبيان أن تحريمه ليس فيه ظلم كما يدعي بعضٌ.
سبق أن ربا القروض هو ربا الجاهلية وأنه محرم لذاته، وأنه يجري في كل صنف تماثلت أغراض أفراده ومنافعها، بخلاف ربا البيوع الذي يجري فقط في الربويات الستة وما يُقاس عليها.
فإن قيل بأن الأشياء لها قيمة زمنية، فلم حرم الربا فيها؟ فجوابه أن قيمة الأشياء تتغير بزيادة تارةً ونقصان أخرى، وذلك حسب نوعها وحسب تقلبات الوضع الاقتصادي، وعدم الربا في القروض عدل سواءٌ زادت قيمتها أو نقصت لأن منفعتها ثابتة مهما تغيرت قيمتها.
فإن قيل فما بال الأوراق النقدية فإنه لا منفعة في ذاتها؟ فجوابه؛ أن قيمة العملة تتغير بالزيادة والنقصان، فعدم ظلم الدائن إذا زادت قيمة العملة واضح بين، وأما إذا نقصت قيمتها فإليك شرح وجه عدم الظلم في ذلك.
منفعة العملات هي تقييم السلع والخدمات، فهي معيارٌ وثمنٌ للأشياء، وسواءٌ كان تغيُّر قيمة العملة مؤشراً حقيقياً للوضع الاقتصادي أو بتلاعبٍ بقيمتها من الدولة أو مزوري العملات، فإن العدل في عدم الربا.
فإذا نقصت قيمة العملة فإن الضرر واقع على الدائن والمدين، لأنه بسبب الوضع الاقتصادي أو تلاعبٍ بالعملة من غير الدائن والمدين، فليس في عدم تحميل المدين تعويض الدائن ظلم.
والفرق غير مؤثر غالباً بينما لو كان التغير بسبب تغير في الوضع الاقتصادي أو تلاعبٍ بالعملة، فالضرر  في كل الأحوال واقع على الدائن والمدين إذا لم يكن المُتلاعب بالعملة أحدهما، فإذا كان المُتلاعب بالعملة دائناً فإن في الربا زيادة ظلم على المدين.
وتغير قيمة العملة قد يكون مجازياً، فالزيادة مجازية إذا كانت بسبب نقصان قيمة ما يقابلها من العملات العالمية، أو إذا كانت مقابل سلع معينة نقص سعرها لوفرة فيها، وأما النقصان المجازي فيكون بسبب زيادة قيمة ما يقابلها من العملات العالمية، أو مقابل سلع معينة زاد سعرها لندرة فيها.
وأما التغير الحقيقي في قيمة العملة فإنه يكون عندما يتغير الوضع الاقتصادي أو عند التلاعب بالعملة، وذلك لأن الأثمان لا تختلف عن السلع في العرض والطلب، فزيادة الطلب المحلي والعالمي على العُملة يزيد من قيمتها، ونقصان الطلب عليها بسبب ركود في الحركة الاقتصادية يُنقص من قيمتها، مثلها مثل السلع.
وأما تغير قيمة العملة بسبب التلاعب بقيمتها، فبما أن العملات تتأثر بالعرض والطلب مثل السلع والخدمات، فإن زيادة العرض ونقصه قد يكون بسبب تدخل الدولة أو تزوير العملة، فقد تكون زيادة عرض العملة بسبب زيادة طباعة العملة أو زيادة عددها الرقمي في حواسيب البنك المركزي.
فإذا كانت الدولة هي الدائن، فاشتراط الربا عند نقصان العملة بسبب تلاعب الدولة فيه زيادة ظلم، لأن ما حدث في حقيقته هو أن الدولة سرقت من الناس بمن فيهم الدائنين والمدينين نقوداً لسداد عجز عندها في الميزانية.
فالدول لا تلجأ للطباعة عند ضعف الاقتصاد إلا لإكمال نقص في ميزانياتها، وذلك لأن لجوء الدولة إلى زيادة الأوراق النقدية بالطباعة حال ضعف الاقتصاد مضر، فقد ثبت بالعقل والتجربة أن زيادة الطباعة دون زيادة في الاستثمار تؤدي إلى التضخم، ولهذا تحارب الدول تزوير العملات.
وبالمثال يتضح المقال، فإذا كان لديك مائة دولار، فطبعت الحكومة الأمريكية مزيداً من الدولارات،  فنقصت قيمة ما عندك من دولارات لتساوي سبعين من القيمة السابقة، فإن الحكومة الأمريكية تكون قد سرقت منك ما يُقارب الثلاثين دولاراً.
وفي عصر الحوسبة قد لا تكون زيادة عدد المتداول من العُملة بطباعة مزيد منها، فقد تكون النقود أرقاماً في البنك المركزي الذي يتحكم في الصرف في بقية البنوك، فتكون زيادة المتداول من العملة بزيادة عددها الرقمي في البنك المركزي.
والعملات ثمنٌ للسلع والخدمات، فكيف يصح مساواة العملات بالسلع والخدمات في الاتجار بها من غير ضوابط خاصة؟ ولعل هذه هي الحكمة في جعل النقدين من الربويات الستة، والربا الحقيقي في الربويات أغلظ من الربا في غيرها.
فالثمنية هي علة الربوية في النقدين على الأرجح، والربويات كما سبق هي التي يحرم فيها ما لا يحرم في غيرها من السلع، وفي هذا المقال تفصيلٌ في علة الثمنية في ربوية النقدين.
ولعل الحِكمة في منع استخدام آنية الذهب والفضة عدم تعريضهما للاتجار فيهما كبقية السلع والخدمات دون ضوابط خاصة، لأن الدنانير والدراهم تصك منهما، وليس في السنة تصريح بأن العلة أو الحكمة هي أنهما للمؤمنين في الآخرة.
وللمزيد حول التضخم وأضرار الربا في الأوراق النقدية يمكن الرجوع إلى هذين المقالين؛ مدونتي » سياسة واقتصاد » من أجل تبسيط فهم الأزمة الإقتصادية العالمية و؛ مدونتي » سياسة واقتصاد » أثر الربا على الاقتصاد.

ربا القروض

ربا القروض لا يختص بالربويات كما تقدَّم، وذلك لأن ربا الجاهلية الذي جاءت النصوص بتحريمه كان في كل شيء من نفس الجنس والغرض والمنفعة.
إضافةً إلى النصوص الصريحة في تحريم ربا القروض، فتحريمها في كل صنف تماثلت أغراض آحاده ومنافعها محل إجماع، ولم يخالف في ذلك أحد من أهل العلم.
قال ابن حزم الظاهري رحمه الله تعالى: ( مسألة: والربا لا يجوز في البيع، والسلم في ستة أشياء فقط: في التمر، والقمح، والشعير، والملح، والذهب، والفضة - وهو في القرض في كل شيء )[1].
وقال ابن رشد رحمه الله تعالى: (واتفق العلماء على أن الربا يوجد في شيئين: في البيع، وفيما تقرر في الذمة من بيع، أو سلف، أو غير ذلك.
فأما الربا فيما تقرر في الذمة فهو صنفان: صنف متفق عليه، وهو ربا الجاهلية الذي نهي عنه، وذلك أنهم كانوا يسلفون بالزيادة وينظرون، فكانوا يقولون: أنظرني أزدك، وهذا هو الذي عناه عليه الصلاة والسلام بقوله في حجة الوداع: "ألا وإن ربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب".
والثاني: "ضع وتعجل" وهو مختلف فيه، وسنذكره فيما بعد.
وأما الربا في البيع فإن العلماء أجمعوا على أنه صنفان: نسيئة، وتفاضل )[2].
ومما يدل على أن الربا في القروض في كل صنف تماثلت أغراض آحاده ومنافعها إضافة إلى النصوص الدالة على تحريم الربا قاعدة؛ "كل قرض جر نفعاً مشروطاً فهو ربا".
ومع أنَّ رفع هذا القول إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا يصح؛ إلا أنَّ أدلة الكتاب والسنة تدل عليه، وتعضده الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين والأئمة، ويدل عليه المعقول، فهي قاعدة مجمع على مضمونها ولم يخالف فيها أحد من العلماء، وهي عامة ولا تختص بالأجناس الربوية.

الفرق بين ربا القروض وربا البيوع

وأما المسائل المختلف فيها من ربا القروض؛ فلا أثر لها في مسألة ربا القروض البنكية كما تقدَّم.
فأما غير المعتبر منها فهو خلافهم في الحد الفاصل بين ربا القروض وربا البيوع إذا كان نسيئةً، فبعض الفقهاء أرجع الفرق إلى الصيغة وشكل العقد، وهو قول واهٍ ضعيف، إذ العبرة في العقود بالمعاني وليست بالألفاظ والمباني.
ومع ضعف هذا القول فإنه لا أثر له في حكم القروض البنكية خصوصاً وإقراض العملات الورقية والمعدنية عموماً، لأنَّ أصحاب البنوك يسمونها قروضاً، وأضعف منه التفريق بين ربا القروض وربا البيوع بالنية إذ لا سبيل لأحد المتعاقدين أن يعرف نية الآخر.
فلا فرق في ربا القروض بينما لو قلت بعتك أو قلت أقرضتك، وإنما الفرق هو أن ربا القروض المجمع عليه هو في اتِّحاد صنف البدلين وتماثلهما في الغرض والمنفعة مع التأخير والزيادة لأجل الأجل.
فلو كان المبيعان من جنس واحد وتماثلا في الأغراض والمنافع، فإنه لا معنى للمبادلة مع التأخير إلا القرض، وهو عقد إرفاق في الأصل، فلا تجوز فيه الزيادة سواء كانت عيناً أو منفعة.
ويصح عقلاً وقوع البيع على مبيعين متحدين في النوع ولكنهما مختلفين في بعض المنافع والأغراض مع اختلاف مقدار كلٍ سواء كان حالاً أو نسيئة، ولا خلاف في جوازه حالاً في غير الربويات، وقد أجازه بعضهم نسيئةً في غير الربويات وعده بيعاً شرعياً كالإمام مالك رحمه الله تعالى ومنعه بعضٌ.
قال ابن رشد رحمه الله تعالى: (وأما مالك، فعمدته في مراعاة منع النساء عند اتفاق الأغراض سد الذريعة، وذلك أنه لا فائدة في ذلك إلا أن يكون من باب سلف يجر نفعاً وهو يحرم)[3].
وقد دلَّ العقل على أنَّ التسميات والألفاظ لا تغير شيئاً من الحقائق والمعاني، ومما يدل على أنه لا أثر للتسميات والألفاظ في تحليل ربا القروض قول الله عز وجل: { ذَ‌ٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ الله الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا }.
ولهذا خالف بعض الشافعية مذهب الإمام فأجازوا بيع المعاطاة، وهو البيع من غير صيغة بِعتُكَ وقَبِلْتُ ونحوهما، كالنووي رحمه الله الذي نص على جوازه في روضة الطالبين، والدليل على جوازه عموم قوله تعالى: { وَأَحَلَّ الله الْبَيْعَ }، فإنَّ تخصيص بيع المعاطاة من هذا العموم تخصيص بلا دليل.
ولأن الربا في القروض في كل شئ حتى غير الربويات فقد ذهب المالكية والحنابلة إلى تحريم فلس بفلسين نسيئة مع أن الفلوس عندهم ليست من الربويات، ولهذا أجازوا الفلس بالفلسين حالاً، والفلوس كانت تُضْربُ من النحاس.
ولهذا فإنَّ الشيخ السعدي رحمه الله تعالى أفتى بحرمة ربا القروض البنكية مع أنه يرى أن النقود الورقية ليست من الربويات.
وأما الإمام الشافعي رحمه الله تعالى الذي أجاز الفلس بالفلسين نسيئة فسبب ذلك هو اعتباره الألفاظ في العقود، وليس لخلافه في أصل تحريم ربا القروض ولا أنه في كل شئ، وسيأتي قول الإمام النووي رحمه الله تعالى وهو من الشافعية: ( وهو شاذ غلط ) عن هذا الرأي للإمام الشافعي رحمه الله تعالى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ( وهو حجة على الشافعي وأحمد في رواية إذ كانوا يجوزون بيع غير الربوي كالموزون غير النقدين بجنسه متفاضلًا ويحرمون ذلك بلفظ القرض. وهؤلاء يجعلون الأحكام تختلف بمجرد اللفظ مع اتحاد المقصود )[4].
ولهذا فإنَّ ابن رشد رحمه الله تعالى الذي ذكر فيما نقلته عنه سابقاً اتفاق الفقهاء على تحريم ربا القروض مطلقاً ذكر عن الإمام الشافعي رحمه الله جواز التفاضل والتأخير في الصنف الواحد من غير الربويات.
قال ابن رشد رحمه الله تعالى: ( وأما ما يجوز فيه الأمران جميعاً (أعني: التفاضل والنساء)، فما لم يكن ربوياً عند الشافعي. وأما عند مالك فما لم يكن ربوياً ولا كان صنفاً واحداً متماثلاً، أو صنفاً واحداً بإطلاق على مذهب أبي حنيفة )[5].
وحجة الإمام الشافعي رحمه الله تعالى التي ساقها ابن رشد رحمه الله تعالى هي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشاً فنفدت الإبل فأمره أن يأخذ في قلاص الصدقة فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة ).
وليس في الحديث حُجَّة لهذا القول لأن الحيوانات تختلف غالباً في الغرض والمنفعة وإن اتفقت في الاسم والصنف، وإنما يحرم الـتأخير والتفاضل في غير الربوي فيما كان صنفاً واحداً متماثلاً على مذهب الإمام مالك رحمه الله تعالى.
فالقاعدة هي أنَّ اتحاد البدلين في الصنف والغرض والمنفعة مع التأخير لا يخرج عن معنى القرض، فإذا كان مع ذلك زيادة عينية أو منفعة كان رباً لأنه قرض جر منفعة.
والحيوانات لا تتماثل غالباً، والأحكام تجري على الغالب الأعم، فلذا كان البعير بالبعيرين بيع شرعي صحيح وليس فيه شبهة قرضٍ جرَّ نفعاً، ولذا بوَّب أبو داوود رحمه الله تعالى للحديث بِ؛ "باب في الرخصة في ذلك".
قال ابن حجر رحمه الله تعالى: ( قوله: "وقال ابن عباس: قد يكون البعير خيراً من البعيرين" وصله الشافعي من طريق طاوس أنَّ ابن عباس سئل عن بعير ببعيرين فقاله. )[6].
وقد اختلفوا في مسائل أخرى لا أثر لها أيضاً في حُكم القروض البنكية؛ كاختلافهم في المشروط عرفاً، وكاختلافهم في غير المشروط، والصحيح أن الزيادة غير المشروطة جائزة لدلالة النصوص على ذلك، وكاختلافهم في حُكم إقراض من عُرف بحُسن القضاء بالزيادة فيه، وكاختلافهم فيما إذا كان شرط الزيادة في الصفة كرد الأجود، وكاختلافهم في رده ببلد آخر.
قال الحافظ النووي رحمه الله تعالى: ( يحرم كل قرض جر منفعة، كشرط رد الصحيح عن المكسر، أو الجيد عن الرديء، وكشرط رده ببلد آخر، فإن شرط زيادة في القدر حرم إن كان المال ربوياً، وكذا إن كان غير ربوي على الصحيح. وحكى الإمام أنه يصح الشرط الجار للمنفعة في غير الربوي، وهو شاذ غلط )[7].

الشرط الجزائي

القرض مما سبق هو كل معاوضة ومبادلة اتحد فيها البدلان في الجنس وتماثلا في المنافع والأغراض، وتسمية ما كان كذلك بيعاً لا يصح، فلو قال بعتك أو أقرضتك فهو قرض ما دام أنَّ البدلين متحدين في الجنس ومتماثلين في الأغراض.
وأما الشرط الجزائي فمنه ما هو محرم ومنه ما هو جائز، على التفصيل التالي؛
فإذا كان الشرط الجزائي في بطاقات الإئتمان ونحو ذلك، فهو ربا الجاهلية الذي لا شك في تحريمه: "إما أن تقضي وإما أن تُربي"، وهو داخل في القاعدة المجمع عليها؛ "كل قرض جر نفعاً فهو ربا"، وذلك لاتحاد البدلين في الجنس والأغراض.
وأما الشرط الجزائي في بيع الأجل فهو لا يختلف عن أصل عقد بيع الأجل نفسه، وهذا إذا تحقق في الشرط الجزائي شرطا معلومية الأجل ومعلومية الزيادة، وهذان الشرطان لازمان في كل بيع أجل ومنه بيع التقسيط.
وتسمية ما في الذمة في بيع الأجل ديناً لم تمنع الزيادة فيه، فكذلك الحال في شرط الجزاء، لا فرق بينه وبين أصل عقد بيع الأجل لا في النسيئة ولا في الزيادة لأجل النسيئة والأجل، وذلك لاختلاف البدلين في الجنس في هذه الحالة.
ومسألة حُكم الشرط الجزائي تعود إلى اعتبار المعاني لا الألفاظ والمباني في العقود، فإذا احتد البدلان في الجنس والأغراض فهو قرض، وأما إذا اختلفا في الجنس والأغراض ولم يكونا ربويين فهو بيع أجل جائز بشروطه.

علة الثمنية

الثمنية علة الربا في الدنانير والدراهم، وهذا هو السبب المختلف فيه، فالربويات المجمع عليها ستة أصناف، واختلف الفقهاء في القياس عليها؛ فمنعه الظاهرية، واختلف غيرهم في علة قياس النقدين وعلة المطعومات الأربعة.
وقد ورد ذِكر الربويات الستة في عدة أحاديث منها؛ ( الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والتمر بالتمر، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والملح بالملح مثلاً بمثل، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد )[8].
علة الثمنية في الدنانير والدراهم واضحة ومناسبة كما قد نصَّ على ذلك ابن تيمية رحمه الله تعالى، وأما العلة في غير المضروب من الذهب والفضة فهي أنها جنس الأثمان.
ويصح التعليل بعلتين في محلين مختلفين؛ الثمنية في المضروبة، وكون الذهب والفضة جنس للأثمان في غير المضروبة.
فالنصوص جاءت بتحريم الربا في الذهب والفضة ويدخل فيها غير المضروبة، وجاءت بتحريمه في الدنانير والدراهم وهي المضروبة.
فعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين )[9].
والصحيح هو أن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يرى أن الثمنية علة في ربا النقدين.
وأخطأ بعض الشافعية بظنهم أنه يجعلها علة قاصرة بإطلاق بسبب قوله رحمه الله تعالى: ( والذهب والوَرِق مباينان لكل شيء; لأنهما أثمان كل شيء ولا يقاس عليهما شيء من الطعام ولا من غيره )[10].
فإنَّ العُملات الورقية والمعدنية اليوم أثمان كل شيء وليست أثماناً للمحقرات فقط.
وأما الفلوس التي عدَّها الإمام الشافعي رحمه الله تعالى من غير الأجناس الربوية فقد كانت في زمنه أثماناً للمحقرات فقط، وكانت تُضرب من النحاس، ولذلك علَّل بعض الفقهاء عدم جريان الربا في الفلوس بندرة التعامل بها.
فقول الإمام الشافعي عن الذهب والفضة: (لأنهما أثمان كل شيء) يدلُّ دلالة واضحة على أن السبب في أن علة الثمنية قاصرة في الفلوس هو أنها ليست أثماناً لكل شيء.
ولذا قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: ( ولا بأس بالسلف في الفلوس إلى أجل; لأنَّ ذلك ليس مما فيه الربا )[11].
فقول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى عن النقدين: ( لا يقاس عليهما شئ من الطعام ولا من غيره ) مع ما سبق؛ يدلُّ على أنه يرى أن العلة قاصرة في عهده لأن الفلوس لم تكن أثماناً لكل شئ وإنما كانت للمحقرات فقط.
فالأصل في العلة أن تكون متعدية، وقد نص الحافظ النووي رحمه الله تعالى على أن العلة القاصرة قد تتغير بتغير الزمان والحال فتصير متعدية.
قال الحافظ النووي رحمه الله تعالى: ( ثم لغير المتعدية فائدتان (إحداهما) أن تعرف أن الحكم مقصور عليها، فلا تطمع في القياس (والثانية) أنه ربما حدث ما يشارك الأصل في العلة فيلحق به، وأجابوا عن الفلوس بأن العلة عندنا كون الذهب والفضة جنس الأثمان غالباً، وإن لم تكن أثماناً، والله سبحانه أعلم )[12].
وأما قول بعض الأحناف رداً على الشافعية: "التعليل بالثمنية ينتقض طرداً وعكساً، فأما طرداً فبالفلوس وأما عكساً فبآنية الذهب والفضة"، فالإجابة عن الفلوس بما سبق من كونها لم تكن أثماناً لكل شئ وإنما كانت للمحقَّرات فقط.
 وأما آنية الذهب والفضة فقد نص كثير من الشافعية على أنَّ علة تحريم الربا في النقدين هي كونها جنس الأثمان غالباً، فقيد "جنس" لإدخال غير المضروبة كأواني الذهب والفضة، وأما قيد "غالباً" فقد ذكر كثير من الشافعية أن المراد به إخراج الفلوس إذا راجت رواج النقدين، إلا أنَّ إخراج الفلوس الرائجة رواج النقدين يخالف كلام الإمام الشافعي رحمه الله تعالى الذي جعل الثمنية لكل شئ علَّة جريان الربا في النقدين، وجريان الربا في الفلوس الرائجة هو مذهب الخراسانيين من الشافعية.
ولعل الصحيح أن يقال بأنَّ للنقدين علتين في محلين مختلفين؛ وهما الثمنية وكونها جنس الأثمان، فتكون الثمنية علة للمضروبة  كالدناير والدراهم، وكونها جنس الأثمان لغير المضروبة، فعلة كونها جنس الأثمان قاصرة، وعلة الثمنية متعدية.
قال الحافظ النووي رحمه الله تعالى في المصدر السابق: ( قال الماوردي: ومن أصحابنا من يقول: العلة كونهما قيم المتلفات قال: ومن أصحابنا من جمعهما )، يعني جمع العلتين.
وممن نص على أن الثمنية علة في النقدين من الشافعية؛ الحافظ النووي رحمه الله تعالى فقال: ( الطعم علة لحرمة الربا في المطعومات فقط، والثمنية علة حرمة الربا في النقد فالعلتان موجبتان لنوع حرمة الربا المقيد بذلك المحل )[13].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ( والمقصود هنا: الكلام في علة تحريم الربا في الدنانير والدراهم، والأظهر أن العلة في ذلك هي الثمنية، لا الوزن، كما قاله جمهور العلماء ا. هـ. )[14].
وقال أيضاً: ( والتعليل بالثمنية تعليل بوصف مناسب؛ فإِنَّ المقصود من الأثمان أن تكون معياراً للأموال، يتوسل بها إلى معرفة مقادير الأموال، ولا يقصد الانتفاع بعينها )[15].
والتعليل بالثمنية ليس منقولاً عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى وحده، فقد نسبه ابن تيمية رحمه الله تعالى من الحنابلة إلى الإمام أحمد رحمه الله تعالى في إحدى الروايتين عنه، ونسبه كذلك إلى الإمام مالك رحمه الله تعالى في رواية عنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ( وقد اختلفوا في كثير من "مسائل الربا" قديماً وحديثاً. واختلفوا في تحريم التفاضل في الأصناف الستة الذهب والفضة والحنطة والشعير والتمر والملح: هل هو التماثل؟ وهو الكيل والوزن. أو هو الثمنية والطعم أو هو الثمنية والتماثل مع الطعم والقوت وما يصلحه؟ أو النهي غير معلل والحكم مقصور على مورد النص؟ على أقوال مشهورة. و"الأول" مذهب أبي حنيفة وأحمد في أشهر الروايات عنه. و"الثاني" قول الشافعي وأحمد في رواية. و"الثالث" قول أحمد في رواية ثالثة اختارها أبو محمد، وقول مالك  قريب من هذا، وهذا القول أرجح من غيره. و"الرابع" قول داود وأصحابه ويروى عن قتادة. ورجح ابن عقيل هذا القول في مفرداته وضعف الأقوال المتقدمة )[16].
ونص ابن حزم رحمه الله تعالى على أن التعليل بالثمنية في النقدين هو قول الإمام مالك رحمه الله تعالى حيث قال: ( كما قال الشافعي: علة الربا الطعم، والتثمين. وقول مالك: علة الربا الادخار فيما يؤكل، والتثمين )[17].

خاتمة

ربا القروض البنكية خصوصاً والعملات الورقية والمعدنية عموماً محرم بالنصوص والإجماع، وذلك لدخوله في ربا القروض والذي هو ربا الجاهلية الذي جاءت النصوص بتحريمه، وهو أشد أنواع الربا.
يُضاف إلى ذلك أن الأصح من أقوال أهل العلم قياس العُملات الورقية والمعدنية على الدنانير والدراهم بجامع الثمنية في كل، والتعليل بالثمنية تعليل بوصف ظاهر منضبط ومناسب للحُكم لما تَضَمَّنَهُ من حِكَم ومقاصد، فهو تعليل صحيح يحوي جميع شروط العلل الاجتهادية.
وبناءاً على ما سبق فإنه يجري في العملات الورقية والمعدنية ربا البيوع، سواء كان ربا النسيئة أو الفضل، قياساً على النقدين، كما يجري فيها ربا القروض والذي لا يُتَصوَّرُ إلا نسيئة.
وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى على أن ربا الفضل محرم لغيره لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الربا في النسيئة)، فدلَّ الحديث على أنَّ المحرم في الحقيقة ولذاته لا يكون إلا في النسيئة، وربا الفضل لا يكون إلا في الربويات.
ومن الأدلة وأقوال الفقهاء يُعلم أن حقيقة الربا إنما هي في القروض سواءٌ كان في الربويات أو في غيرها.
والنصوص وأقوال الفقهاء والتأمُّل في الحِكَم والمعاني تدلنا على أن أشد أنواع الربا حرمة ما كان قرضاً وكان من جنس الربويات، ولذا كان الاحتياط في الربويات أكثر من غيرها، فيكفي في الربويات اتحاد الجنس الربوي لتحريم التفاضل مع النسيئة.
وأما في غير الربويات فيترجَّحُ قول الإمام مالك رحمه الله تعالى باشتراط اتحاد الجنس مع التماثل في الأغراض والمنافع لتحريم التأخير مع التفاضل.
فالربا في الدنانير والدراهم والعُملات الورقية والمعدنية هو من أشد أنواع الربا.
وقول بعض الشافعية بأن العلة في تحريم الربا في النقدين هي كونهما جنس الأثمان لمما يؤكد أن الربا في الأثمان أشد من الربا في غيرها، وذلك لأن الأثمان ولا سيما المضروبة من الذهب والفضة يجب أن تكون معياراً للأعراض والمثمنات، فإذا أُكثر من بيعها صارت عرضاً مثل غيرها من السلع والخدمات.
ولعل تقليل تعرُّض النقدين للتجارة هو من حِكم تحريم استعمال الذهب والفضة في غير ما رخص فيه الشرع (حُلي النساء وخاتم الفضة للرجال والضبة اليسيرة).
ولهذا فالأفضل ضرب الدنانير والدراهم من الذهب والفضة لشراء الأشياء الثمينة، ولا بد من العملات كالفلوس ولكن لشراء الأشياء الرخصية فقط.
 والفلوس التي ذكرها الفقهاء كالإمام الشافعي رحمه الله تعالى كانت تصك من النحاس في العصور الأولى لمُلك المُسلمين، وذلك لأن المحقرات لا يمكن أن تُشترى بالدرهم الفضي أو الدينار الذهبي، فلا يمكن مثلاً شراء كوب قهوة بدرهم فضي أو دينار ذهبي.
 فالواقع يدل على أن رواج الأوراق النقدية بهذه الطريقة التي راجت بها في عصرنا فيه ظلم للناس، وذلك لأن طباعة المزيد منها ينقص قيمتها الحقيقية، والدولة تتملك العملات الزائدة بالطباعة، وفي هذا سرقة لأموال الناس.
فعندما تمر الدولة بأزمات مالية فإنها تطبع مزيداً من الأوراق النقدية لسد نقص ميزانيتها، وقد تطبع لزيادة شديدة في قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية المُضرة بحركة الصادر، وقد تطبع لنقص حاد في العملة بسبب مزيد طلب محلي وعالمي عليها.
وفي القريب الماضي كانت الحُكومات تغطي عملاتها بالذهب والفضة والمعادن الثمينة، ثم رفعت الحكومة الأمريكية التغطية عام 1971م، ثم تبعتها على ذلك غيرها من الدول.
ولكن حتى مع التغطية لا يمكن التحقق من عدم زيادة الدول العملات المتداولة بالطباعة.
وبدأت تروج في الآونة الأخيرة بعض العملات الرقمية ومن أشهرها البِتكوين، ومن إشكالاتها عدم المركزية وعدم صدورها من سلطة حاكمة.
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: (ولهذا ينبغي للسلطان أن يضرب لهم فلوساً تكون بقيمة العدل في معاملاتهم; من غير ظلم لهم. ولا يتجر ذو السلطان في الفلوس أصلاً; بأن يشتري نحاساً فيضربه فيتجر فيه ولا بأن يحرم عليهم الفلوس التي بأيديهم ويضرب لهم غيرها; بل يضرب ما يضرب بقيمته من غير ربح فيه; للمصلحة العامة ويعطي أجرة الصناع من بيت المال. فإن التجارة فيها باب عظيم من أبواب ظلم الناس وأكل أموالهم بالباطل؛ فإنه إذا حرم المعاملة بها حتى صارت عرضاً وضرب لهم فلوسا أخرى: أفسد ما عندهم من الأموال بنقص أسعارها فيظلمهم فيها وظلمهم فيها بصرفها بأغلى سعرها. وأيضا فإذا اختلفت مقادير الفلوس: صارت ذريعة إلى أن الظلمة يأخذون صغاراً فيصرفونها وينقلونها إلى بلد آخر ويخرجون صغارها فتفسد أموال الناس)[18].
والله تعالى أعلم.
عمر عبداللطيف محمدنور عبدالله
لوند، السويد
الخميس 12 ربيع الأول 1437هـ، 24 ديسمبر 2015م.

قائمة المراجع

[1] المحلى بالآثار (ج7/ص401)، دار الفكر، بيروت.
[2] بداية المجتهد ونهاية المقتصد (ج3/ص148)، دار الحديث، القاهرة، 1425هـ - 2004م.
[3] بداية المجتهد ونهاية المقتصد (ج3/ص154)، الطبعة السابقة.
[4] جامع المسائل لابن تيمية، المجموعة الثامنة (ص315)، تحقيق؛ محمد عزير شمس، دار عالم الفوائد، مكة، الطبعة الأولى، 1432.
[5] بداية المجتهد ونهاية المقتصد (ج3/ص153)، الطبعة السابقة.
[6] فتح الباري شرح صحيح البخاري (ج4/ص419) » كتاب البيوع » باب بيع العبد والحيوان بالحيوان نسيئة، دار المعرفة، بيروت، 1379، ترقيم؛ محمد فؤاد عبد الباقي، إخراج وتصحيح؛ محب الدين الخطيب عليه، تعليق؛ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
[7] روضة الطالبين وعمدة المفتين (ج4/ص34)، تحقيق؛ زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، دمشق، عمان، الطبعة الثالثة، 1412هـ / 1991م.
[8] سنن الدارقطني » 2876 » كتاب البيوع » باب البيوع.
[9] صحيح مسلم » 78 - (1585) » كتاب المساقاة » باب الربا.
[10] الأم للشافعي (ج3/ص15)؛ كتاب البيوع » باب الربا، دار المعرفة، بيروت، 1410هـ/1990م.
[11] الأم للشافعي (ج3/ص33)، الطبعة السابقة.
[12] المجموع شرح المهذب (ج9/ص394)؛ باب الربا » الأعيان التي نص على تحريم الربا فيها، دار الفكر (طبعة كاملة معها تكملة السبكي والمطيعي).
[13] المجموع شرح المهذب (ج10/ص171)؛ باب الربا » ما يعتبر جنسا واحدا وما يعتبر جنسين في البيوع، الطبعة السابقة.
[14] مجموع فتاوى ابن تيمية (ج29/ص471) الطبعة السابقة.
[15] المصدر السابق.
[16] المصدر السابق.
[17] المحلى بالآثار (ج7/ص404)، دار الفكر، بيروت.
[18] مجموع فتاوى ابن تيمية (ج29/ص469)، الطبعة السابقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق