الأسهم والسندات والصكوك

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اقتفى أثرهم واهتدى بهديهم إلى يوم الدين.
ملخص؛ السهم نسبة من قيمة عمل تجاري، والسند وثيقة إثبات عقد دين بفائدة ربوية، والصك نسبة من رأسمال مضاربة أو مشاركة.
غرض الشركات من بيع الأسهم والسندات والصكوك هو تمويل تجارتها لزيادة الإنتاج أو إنشاء فرع أو مشروع جديد.

السهم

السهم عبارة عن نسبة معينة من قيمة شركة ما بما في ذلك أصولها الثابتة، وقيمة السهم تزيد وتنقص بتغير قيمة الشركة.
فلو كانت قيمة شركة مائة ألف دولار، وقرر صاحبها توزيعها على ألف سهم، فإن قيمة السهم الواحد تكون مائة دولار، وإذا قرر توزيعها على مائة سهم، تكون قيمة السهم الواحد ألف دولار.
وقد اتفق الفقهاء المعاصرون على جواز التجارة في الأسهم بيعاً وشراءاً واستفادة من الفوائد التي توزع سنوياً على مالكي الأسهم، وذلك لكون الأسهم مشاركة شرعية وجواز بيع الشريك حصته.

السند

السند هو وثيقة عقد دين بفائدة ربوية، وتبقى قيمة السند ملكاً لمشتريه له بيعه أو استرداده متى شاء، ولذا فالسندات رباً صريحاً محرماً.
والسند لا يُحدد بناءاً على القيمة الكلية للشركة، فيقرر صاحب الشركة قيمة السند كيفما أراد، وذلك بتحديد القيمة الكلية للمبلغ المطلوب لتمويل مشروع ثم تقسيمه بالتساوي على عدد يختاره من السندات.

الصك

بدأت فكرة الصكوك عام 1983م بماليزيا كبديل شرعي للسندات في تمويل المشاريع، وتُعتبر في بعض الأحيان بديلاً شرعياً للسندات من جهة تقليل المخاطرة على مشتريها، ولهذا ففي الصكوك شبه بالسندات وشبه بالأسهم.
الصك يُشبه السند من جهة أن قيمته لا تُحدد بناءاً على القيمة الكلية للشركة، وأنها تحدد بناءاً على المبلغ المطلوب لتمويل مشروع ثم تقسيمه بالتساوي على عدد مُختارٍ من الصكوك.
ويختلف الصك عن السند في أن نسبة الفائدة من الربح وفي تحمل حامل الصك الخسارة المالية عند حدوثها.
من وسائل تقليل المخاطرة في بعض الصكوك استخدامها في شراء مبيعات فقط وعدم استخدامها في شراء أصول ثابتة للشركة.
ويختلف الصك عن السهم في أن قيمة الصك منفصلة عن الأصول والديون السابقة لمُصدرها، وقد يُصمم الصك ليكون منفصلاً عن أي أصول لاحقة لتقليل المخاطرة على مشتري الصك. 
التكييف الشرعي للصكوك هو أنها مشاركة أو مضاربة، والمضاربة عند الفقهاء هي نوع من المشاركة بحيث يكون المال من جهة والعمل من جهة أخرى، وتقسم الفوائد بينهما حسب النسبة المتفق عليها.
وقد أجمع العلماء على أن الخسارة المالية في المضاربة يتحملها صاحب المال، وأما العامل فيتحمل فقط خسارة عمله (جهده ووقته)، والجهد والوقت مال.

المحافظ الاستثمارية

المحافظ الاستثمارية قد تكون خليطاً من أسهم وصكوك وسندات وقد تستثمر في شركات متعددة قد يكون مجال عمل بعضها محرماً كبيع الخمور، وتسمى أيضاً بصناديق الاستثمار، فلابد من الاستفصال في شأنها سواء كان عملها يدوياً أو تلقائياً عبر برامج الحاسوب.

العبرة بالمسميات لا الأسماء

بعض الشركات لا تلتزم بهذه المصطلحات إما للتحايل على الناس أو لجهل بمعانيها المتفق عليها.
القاعدة العامة للتفريق هي أن في العقود الشرعية يلزم أن تكون نسبة فائدة المساهم من الربح وأن يتحمل المساهم الخسارة مع غيره من المشاركين والمساهمين إذا حدثت خسارة.
ولذا فمن طرق التمييز بين الأسهم والصكوك والسندات الربوية من حيث قيمتها الأصلية وفوائدها التالي؛
فوائد السندات الربوية تحسب من قيمة السند (السهم)، ولذا فإن فوائدها ثابتة في كل الأحوال، ومشتري السند لا يتحمل خسارة، ولذا فإن قيمة السند الأصلية ثابتة مهما كانت الظروف.
وأما الصكوك فعند تقليل المخاطرة يمكن أن تكون قيمتها الأصلية ثابتة إذا لم تحدث خسارة، وغالباً ما تتغير أرباح الصكوك ولو تغيراً طفيفاً.
وأما عند استخدام الصكوك لمجرد التمويل من غير تقليل المُخاطرة؛ فإن قيمتها الأصلية غالباً ما تتغير مع الزمن ولو تغيراً طفيفاً، وذلك لتغير قيمة الأصول الثابتة مع الزمن.
ولا يبعد ثبات أرباح الصكوك إذا لم يحدث أمر غير متوقع، ومثاله استخدام رأسمال الصكوك في إيجار شبكة اتصالات لوقت معلوم ثم بيع بطاقات خدمة كصكوك.
وإذا صح أن بعض العقود يكون الربح فيها ثابتاً، فيمكن تقدير الربح من رأس مال المساهم بعد حسابه من الربح.
فمثلاً؛ ربح شركة ما ١٠٠.٠٠٠ جنيه توزع على ١٠.٠٠٠ مساهم، فيكون نصيب المساهم؛ ١٠ جنيهات، فإذا كان رأس مال المساهم ١٠٠ جنيه، فإن ربحه ١٠% من سهمه، وهي نفس نسبة ٠.٠١% من الربح العام.
ولكن على كل حال يجب أن تحسب النسبة أولاً من الربح ثم لا بأس أن تقدر من رأس المال.
وأما قيمة الأسهم وأرباحها فغالباً ما تتغير مع الزمن ولو تغيراً طفيفاً، وذلك لتغير قيمة الأصول الثابتة وتوقعات الخسائر والأرباح أو لزيادة رأس المال أو لخسارة، ويُشترط في التوقع المُستقبلي أن يكون بيقين أو غالب ظن، كفرق العائد لمحل تجاري في مدينة وقرية صغيرة.

فوائد الأسهم

فائدة شراء الأسهم هي الاستفادة من الأرباح التي توزعها الشركة سنوياً أو التجارة بشراء وبيع الأسهم أو الانتظار لسنوات عديدة لترتفع قيمة السهم ارتفاعاً كبيراً في الشركات التي يتوقع لها صعود كبير جداً.
ويستفيد مشتري السهم من الفوائد التي توزع سنوياً إذا كان يملكه وقت انعقاد الاجتماع السنوي لتوزيع الأرباح ولو اشتراه قبل يوم واحد فقط.
وموعد الاجتماع السنوي يختلف من شركة لأخرى، ولكنه ثابت عادة بالربع الأول أو الثاني أو الثالث أو الرابع للسنة المالية، والربع ثلاثة أشهر، وذلك بتقسيم أشهر السنة على أربعة.
والله تعالى أعلم.
عمر عبداللطيف محمدنور عبدالله
لوند، السويد
السبت 8 جمادى الآخرة 1442هـ، 21 يناير 2021م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق