⏩الديمقراطية الوضعية قد تأتي بالعلمانيين ⏫محتويات الكتاب ⏫إعتراضات وأجوبتها تجارب الديمقراطية الحزبية⏪
تُطلق الديمقراطية بمعنى الحُكم المُنتخب المُقابل للحُكم الجبري، ومع أن هذا أحد معاني الديمقراطية إلا أن هذا الإطلاق خطأ لأنه يُلبس الفهم، ويُستغل لنشر معانٍ باطلة، وليس فيه دلالة على ما في شرعنا وآثار سلفنا من خير، وفيه ترسيخ لما عند بعض الناس من انهزام نفسي.
وأما جملة؛ "لا مشاحَّة في الاصطلاح" فإنها تعني أمرين؛ الأول؛ أنه لا بأس بتعدد الاصطلاح إذا لم يؤدِّ إلى لبس في المعنى، ومثاله لفظ مندوب ومستحب، والثاني؛ النظر في المعاني قبل الألفاظ في الحوار، وذلك لأن المعاني هي مقصود الألفاظ، فكلمة مشاحَّة تعني مُماحكة.
فضبط الاصطلاحات غاية في الأهمية، لأن المعنى الاصطلاحي هو الذي يتبادر إلى الذهن، فمثلاً عندما يُقال الحاسب الآلي والآلة الحاسبة فإن ما يتبادر إلى الذهن هو المعنى الاصطلاحي العُرفي، ولذا يُنهى عن قول الزنا مكروه مع أنه مكروه لغةً.
ومما يدل على عدم جواز استعمال المصطلحات التي تؤدي إلى لبس في المعنى أو التي تُستغل لنشر معانٍ باطلة؛ قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ۗ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
فكلمة راعنا لها معنىً صحيح وهو أرعنا سمعك واهتمامك، ونُهى عنها لأن لها معنىً آخر قيل هو الرعونة وهي الحماقة، وكان اليهود يقصدون بها السب، وانظرنا تعنى انظر إلينا، بمعنى فرغ لنا نظرك واهتمامك.
الديمقراطية لغةً تعني حُكم الناس، وليس لكلمة الحكم اصطلاح معين في القرآن والسنة، ويُفهم معناها حسب إضافاتها وموردها، ولذا اشتبه معناها في بعض مواردها في النصوص على الخوارج قديماً وحديثاً.
والخوارج يتبعون ما تشابه من النصوص، فالتشابه قد يكون نسبياً، فقد يكون المعنى محكماً عند الراسخين في العلم متشابهاً عند العامة.
الحُكم لغةً هو إثبات أمرٍ لأمر أو نفيه عنه، ومعناه في الاستعمال حسب مورده، فمن معانيه في الاستعمال؛ التشريع وهو حق لله سبحانه وتعالى وحده، والتقنين مثل وضع قوانين المرور، وتولي الشؤون العامة، والفصل في النزاعات، والقرار المُلزم في القضاء أو الدولة.
والديمقراطية لها ثلاث معانٍ اصطلاحية، وهي؛ الحكم المُنتخب المُقابل للحكم الجبري، وتشريع الأحكام، والنظام السياسي المعروف بما فيه من آليات تعكس مبادئه.
المعنى الأول لا يخالف الشرع بل يوافقه، ويدل عليه من كلام السياسيين المعاصرين من المسلمين وغيرهم؛ ذكر الديمقراطية مقابل الحُكم الجبري والكلام عن تاريخها.
وأما المعنى الثاني فهو كفر صريح، لأن التشريع في اصطلاح القرآن والمسلمين يعني وضع حُكم أو أحكام دينية كحق لله تعالى وحده أو وضع ما يُخالف الدين أو ما لم يأذن به الله على سبيل التدين أو الفكر والنهج الصالح.
والشريعة في أصل اللغة هي منحدر الماء أو مورد الشاربين، فيعود المعنى لغةً إلى أقرب طريق مُوصل إلى المُراد وهو النهج الصالح القويم.
وأما المعنى الثالث فهو باطل لما في آليات الديمقراطية المعروفة من مخالفات شرعية مثل التحزب السياسي والانتخابات العامة غير الهرمية ووسائل الإنكار على الحكام غير المنضبطة بالشرع.
وبما أن معنى الديمقراطية محتمِل فهي مثل راعنا التي تحتمل معنيين أحدهما حق والآخر باطل.
وسبق أنه لا بأس بتمييز النظام التشوقي بتسميته الديمقراطية التَّشْوَقِيَّة لا سيما عند مخاطبة غير المسلمين، وذلك ليتبادر إلى الأذهان بكلمة واحدة أنه نظام حُكم مُنتخب غير جبري، ولكن يُقال اختصاراً التَّشْوَقَة أو التَّشْوَقِيَّة وليس الديمقراطية لما سبق.
ويستحب فيما لا لبس فيه استعمال ألفاظ المُسلمين كلفظ المجلس الحَلْقَدي بدل البرلمان، اعتزازاً بالشرع والمأثور وتنبيهاً لِما في ديننا وطريقة سلفنا من خير.
ولا بأس باستعمال كلمة البرلمان أحياناً لكونها معروفة، ولكن مع الحرص على استعمال كلمة المجلس الحَلْقَدي أحياناً أخرى، وذلك لتعويد الناس على مصطلحات المُسلمين، وتقدم أن كلمة البرلمان تعني الحوار والنقاش.
وقد شاع استخدام مصطلح الديمقراطية بمعنى الحُكم المُنتخب والتشاور في الأمر عند المسلمين، فتجد الرجل يقول للآخر؛ "كن ديمقراطياً"، ولذا لا يصح إطلاق القول بأن الديمقراطية كفر وإن إطلقه علماء، هذا مع وجوب تنبيه المسلمين لترك الألفاظ المحتملة لمعان باطلة لا سيما المستجلبة من الكفار.
وللمزيد حول أحكام التشبه بالكفار ومخالفتهم؛ مدونتي » قسم أحكام » مخالفة الكفار وترك مجالستهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق