حوار حول تعريف الإرهاب

رجوع إلى قسم شبهات وردود
بسم الله الرحمن  الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المُرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتب أحد الإخوة: ماهو تعريف الإرهاب؟
عمر عبداللطيف: كلمة استخدمتها تاريخياً فرنسا ضد تمرد عليها.
والكفار يستخدمونها بقصد الطعن في الإسلام، ولا يوجد لها تعريف واضح متفق عليه.
وكتب: وأنت استخدمتها في مقالك أعلاه.. ما هو قصدك منها؟؟
عمر عبداللطيف: ما يتبادر إلى الذهن منها هو استهداف النساء والصبيان والكهول وسائر المدنيين ونقض العهد والأمان والغدر والقيام بتفجيرات يعلم مسبقاً أنه لا نفع فيها وبالتالي فهي ضرر محض.
وكتب: وماهو تعريفه في الإسلام؟
عمر عبداللطيف: ليس له تعريف، فهو ليس بمصطلح شرعي سواء كان بالنص أو عند العلماء.
ولكن وردت الكلمة ككلمة عربية في الأمر بإعداد القوة لإرهاب أعداء الإسلام ولم ترد كمصطلح له تعريف معين.
وكتب الأخ: أنت أدخلت أشياء كثيرة جداً في تعريفك للإرهاب، وماهي الحالات التي ينطبق عليها هذا التعريف في الواقع؟؟
عمر عبداللطيف: هذا موضوع طويل، فحبذا قراءة ولو أجزاء من رسالة في؛ مدونتي » إصلاح وتكميل » الموجزُ اليسير حول شبهاتِ في الجهاد والتكفير.
وكتب الأخ: من قال بهذا التعريف أو سبقك به من علماء المسلمين؟
عمر عبداللطيف: ليس هو بمصطلح شرعي، من المصطلحات ما يكون عرفياً، طبياً. ..إلخ.
وأنا لم أعرف المصطلح، وإنما قلت ما يتبادر منه إلى الذهن.
سأكتب تنبيهاً على أن الأفضل عدم استخدام هذا المصطلح لسببين: 1.  لا يوجد له تعريف متفق عليه. 2. يريد به الكفار تشويه الإسلام والمسلمين.
وكتب: لكن الإرهاب مذكور في كلام الله تعالى بل مأمور به. (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ).[سورة اﻷنفال 60]، فنحن أمام مصطلح شرعي.
عمر عبداللطيف: أنت طبيب وتعرف الفرق بين الكلمة العامة والمصطلحات الخاصة.
وأنا أعرف الفرق بينهما بحكم دراستي في كلية الشريعة بالمدينة المنورة.
والمصطلحات الشرعية التي وضعها العلماء وتعارفوا عليها مثل؛ المكروه والمستحب.
والمصطلحات الشرعية التي وضعها العلماء مثل؛ المكروه والمستحب.
وكتب الأخ: لم أجد عنوان فرعي عن الإرهاب أو شبهاً له.
عمر عبداللطيف: ليس في الرسالة كلام عن مصطلح الإرهاب، يكفي حول المصطلح حوارنا هذا.
سأكتب تنبيها إن شاء الله تعالى أوضح رأيي بأن الأفضل عدم استخدام هذا المصطلح لما سبق من أسباب.
الرسالة مفيدة للإخوة ليستعينوا بها في الرد على شبهات الجهاديين والتكفيريين.
ثم نقل الأخ كلاماً من أحد التفاسير فيه أن الإرهاب هو علة الإعداد وأن الحكم يدور مع العلة وجوداً وعدماً، وكأنه يريد أن يستدل به على أن الإرهاب مصطلح شرعي؟!
أرسلت الحوار الذي دار بيننا إلى مجموعة بث بعد حذف إسمك، فكتب أحد الإخوة ما يلي
كتب أ. مدكر السراج: ثم إن مصطلح الإرهاب كإسم لم يرد في القرآن.. بل ذكر الله الفعل.."ترهبون".. والقول بأن الله أمرنا بالإرهاب مطلقاً هو بدعة محدثة.. واقتطاع للآية من سياقها.. وإلا لجاز أن نطلق على رسول الله صفة الإرهاب مطلقاً.. فنقول الرسول الإرهابي والصحابة الإرهابيون!!! تزكية لهم!!! وهذا ما لا يقوله عاقل!! ولجاز أن نطلق على الله سبحانه صفة المكر والخديعة بنفس المنهجية.!!!
ما أريد قوله أن إطلاق صفة الإرهاب انطبقت في زماننا هذا على الخوارج.. سواءاً كانوا ممن ينتسب إلى السنة كداعش أو ينتسب إلى الشيعة كالحشد الشعبي! أو من سلك منهج التقتيل وسفك الدماء بغير وجه حق من أصحاب الديانات الأخرى وكذلك اللادينيين.
والأمر بالإرهاب هنا مخصوص فقط بالمحاربين ومن يكيد بالدين سواء كان عدواً واضحاً ظاهراً.. أو منافقاً زنديقاً مستتراً.. ولا يقول أحد من السلف بإرهاب الذمي أو المعاهد أو المستأمن أو من دخل في حكمهم من المجوس!!!!
وكتب الأخ: خطأ، هذا فهم الكاتب فقط، بدليل أن غيره يُدخل الإخوان المسلمين في الإرهاب، وغيره من يُدخل الوهابية، وغيره من يُدخل كل المسلمين، والأكثر قرباً للذهن هو إدخال الإسلام والمسلمين جملة في الإرهاب بسبب قوة الآلة الإعلامية الغربية والعلمانية الكافرة.
عمر عبداللطيف: كتب قبل هذا الذي أرسلتُه إليك أنه لا يرى جواز استخدام هذه الكلمة، فكلامه ليس خطأ.
وكلامك هذا👈🏽 صحيح برأيي والله أعلم "والأكثر قرباً للذهن هو إدخال الإسلام والمسلمين جملةً في الإرهاب بسبب قوة الآلة الإعلامية الغربية والعلمانية الكافرة".
وكتب آخر وهو أستاذ لغة إنجليزية بتصرف مني: وإياك شيخ عمر، هذه الكلمة ترجمها المترجمون  من كلمة terrorism.
وهذه الكلمة لو رجعنا إليها في قواميسهم لوجدناها تحمل دلالات خطيرة وسلبية ووصم بالإجرام وترهيب الناس وقتلهم بغير حق والإفساد في الأرض، نسأل  الله العافية والسلامة.
ومن خطورة التساهل في مثل هذه المصطلحات أن هذا المصطلح بات يحمل دلالة ومفهوماً معيناً.
وإذا كان ربنا الحكيم الخبير -سبحانه- قد نهى أهل الإيمان عن قول "راعنا" لأنها تحمل دلالة معينة عند أعداء الله بمعنى الرعونة، فمن باب أولى مصطلح الإرهاب الذي قصدوا معناه ودلالته ورتبوا الآن عليه الولاء والبراء واشعلوا الحروب من أجله ومحاولة القضاء عليه.. وهم أولى الناس بالاتصاف بمعناه الذي  أعلنوه او أكنوه في انفسهم.. وبالله التوفيق.
عمر عبداللطيف: الأخ يشير إلى النهي الوارد في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ۗ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، ومع أن راعنا لها معنى صحيح وهو أرعنا سمعك، أي فرغ سمعك لكلامنا، فهي مثل أنظرنا أي أنظر إلينا، بمعنى فرغ لنا نظرك واهتمامك، إلا أن الله عز وجل نهى الصحابة رضي الله عنهم عن راعنا، وكانت هذه اللفظة شيئاً قبيحاً بلغة اليهود، وقيل: كان معناها عندهم: إسمع لا سمعت، وقيل: هي من الرعونة إذا أرادوا أن يحمقوا إنساناً قالوا له: راعنا بمعنى يا أحمق.
كتب أ. مدكر السراج:
كلام الأخ تغير تماماً.. فكان باديء الأمر يعمم الكلمة للمسلمين ويعتقد أن الإرهاب دين مأمور به المسلمون.
الأن انتقل الى مبحث آخر.. وهو شيوع هذه الكلمة عند الكفار واستخدامها بدلالات خاطئة.. وقصد الإسلام والمسلمين بها.
وهذا في نظري كذلك خطأ.. لا ننكر أن بعض القنوات الغربية تريد أن تروج لفكرة أن الإرهاب مقترن بالإسلام.. ولكن هذه القنوات قنوات مفضوحة حتى عند أهلها.. مثل قناة فوكس نيوز .. فهي قناة يُضرب بها المثل في الكذب والخداع ونشر الكراهية.
ورداً على استخدام كلمة الإرهاب .. نجد أن رئيس وزراء كندا قد وصف الهجوم على مسجد من مساجد المسلمين "بالهجوم الإرهابي".
كذلك نجد أن تيريزا مي قد وصفت أكثر من هجوم على المسلمين "بالإرهاب".
وكذلك إن سألت عوام الغربيين عما إذا كانوا يعتقدون باقتران الإرهاب بالمسلمين لوجدت أن أكثرهم يرفضون هذه الفكرة تماماً.
عمر عبداللطيف: مقصود أ. مدكر من "الأخ غير رأيه" ظنه بأن الأخ يُطلق القول بأنَّ الإرهاب مأمور به بما في ذلك طريقة الغلاة، وليس نفي الأمر بإرهابهم بإعداد القوة، زعماء الكفار صرحوا بأن هذه الكلمة لا يدخل فيها كل المسلمين وأن الإسلام ليس فيه إرهاب، ولكن عندما ترى مواضع استخدامهم لها خاصة لمن يعيش في الغرب تلاحظ وكأن هدفهم هو القول بأن الإسلام هو المصدر الملهم للإرهاب، فالإعلام يسمي ما يفعله غير من ينتسب إلى الإسلام من إجرام بالإجرام ونحو ذلك ويستخدم كلمة إرهاب فقط عندما يقوم الخوارج وهم مسلمون بهذه الأعمال الإجرامية، بل صاروا يتحدثون عن العمليات الإجرامية قبل التحقيق هل هي عملية إرهابية أم لا؟!! وكأنهم يريدون أن يقولوا الإسلام هو المصدر الملهم للإرهاب.
وكتب أ. مدكر السراج: شيخنا الحبيب.. تلقيت عدداً من الأسئلة بخصوص موضوع الإرهاب وتسميته بعد إرسالي لمقالك.. فتعبت في تبيين رأيي لهم بين الآراء المطروحة في مقالك.
عمر عبداللطيف: لا أستبعد صحة رأي أخينا أ. مدكر السراج حفظه الله تعالى ورعاه في ظروف الضعف الإعلامي والاقتصادي والعسكري والعلمي للمسلمين المعاصرة، فلا يُستبعد أن يكون استخدام هذه الكلمة فيه مصلحة نفي الشبهة عن الإسلام والمسلمين لما في ذلك من اقتحام وسائل إعلامهم، علماً بأن قادة الكفار وزعماءهم يصرِّحون تقيةً بأن الإرهاب لا علاقة له بالإسلام ولا بأي دين وأن المسلمين ليسوا كلهم إرهابيين، وفي قائمة الأمريكان للإرهاب منظمات نصرانية كجيش الرب، ولعل من أسباب هذه التقية من الكفار أنهم يعلمون أن كتابهم المقدس فيه دعوة لما أسموه بالإرهاب أو جرائم الحرب، كما وضحتُ ذلك في؛ مدونتي » شبهات وردود » جرائم الحرب في الكتاب المقدس.
هذا من حيث الظروف المعاصرة، وأما من حيث أصل الحُكم فالأولى ترك استخدام مصطلح الإرهاب لسببين؛ الأول؛ لأنه لا يوجد له تعريف متفق عليه، والثاني إرادة الكفار به تشويه الإسلام والمسلمين، وكأنهم يوحون للناس بأن المسلمين ليسوا كلهم إرهابيين، ولكن الإرهاب موجود عندهم أكثر بسبب تعاليم دينهم، وذلك لنهي الله عز وجل عن قول راعنا مع أنها تحمل نفس معنى كلمة أنظرنا.
وأذكر بأنَّ أحكام التعارض والتزاحم والموازنات تدخل في أحكام الضرورات والحاجات، فلا ينبغي التوسع في استخدام مصطلح الإرهاب.
قال أبوالعباس ابن تيمية رحمه الله تعالى: (إذا ازدحمت المصالح والمفاسد، وتعارضت المصالح والمفاسد، فإنَّ الأمر والنَّهي وإن كان متضمِّناً لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة فيُنظر في المعارض له؛ فإن كان الذي يفوِّت من المصالح أو يحصِّل من المفاسد أكثر لم يكن مأموراً به، بل يكون محرَّماً إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته، لكن اعتبار المصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة) مجموع الفتاوى (28/129).
وكتب أحد الإخوة: أظن بعض الغربيين وليس كلهم .. من يعمم هذه العبارة على كل المسلمين.
عمر عبداللطيف: نعم، بالتأكيد بعضهم منصفون، وراعنا لم يكن يستخدمها كل الكفَّار، وإنما كان يستخدمها اليهود فقط.
عمر عبداللطيف محمدنور عبدالله
لوند، السويد
الأربعاء 19 رمضان 1438هـ، 14 يونيو 2017م

رجوع إلى قسم شبهات وردود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق