يُحكى أن صاحب بيت حكى قصته مع لص دخل بيته وأخذ كل ما يريد وتسور الحائط، وعندما سئل صاحب البيت ماذا كان ينتظر، أجاب بأنه كان يريد معرفة ما سيفعل اللص!
بينما نحن منهيون عن التعجل قبل الأوان، فقد جاءت النصوص بالأمر بالمبادرة بالأعمال قبل فوات أوانها.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بادِرُوا بالأعْمالِ سِتًّا؛ الدَّجّالَ، والدُّخانَ، ودابَّةَ الأرْضِ، وطُلُوعَ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِها، وأَمْرَ العامَّةِ، وخُوَيْصَّةَ أحَدِكُمْ)، صحيح مسلم (٢٩٤٧).
التعجل هو إرادة الوصول للمراد قبل أوانه، أو بسلوك سبيل غير سبيله، أو قبل تحقق شروطه وانتفاء موانعه.
والمبادرة هي التبكير بعمل المراد أو ما يوصل إليه قبل فوات أوانه أو حدوث موانع تمنع العمل.
فليس لمجرد الزمن أثر، فالمبادرة بعمل خلال دقائق قد تكون واجبة كإسعاف المريض، وقد تكون محاولة إنجازعمل في سنوات تعجلاً مذموماً كمحاولة إكمال المدارس والجامعة والدكتوراة خلال خمس سنوات.
الوضع السياسي في السودان مقلق من جميع النواحي؛ محاربة الدين، التمكين لأعداء الدين، الشقاق والخلاف الوطني، الوضع المعيشي ... إلخ.
الوضع السياسي متأزم، ويخشى أن يتمكن أعداء الدين من البلاد أو يصل الوضع إلى الصوملة والانفجار، ونحن نتفرج وننتظر من غير مبادرات وخطط عملية مرحلية ومستدامة لإنقاذ الوضع.
يقال بأن الوضع عندما قارب على الانفجار في الصومال كان بإمكان بعض الخيرين في الجيش عزل سياد بري وإنقاذ الوضع ولكن التسويف منعهم، فالمبادرة قبل فوات الأوان مطلوبة.
نحتاج إضافة للجهود العلمية إلى توسيع الجهود والمواقف العملية المستقلة، وهذا لن يتم من غير وجود خطة استراتيجية واضحة.
ما من تغيير إلا وقد بدأ بشخص واحد، فهكذا بدأت دعوة الرسل، وهكذا بدأ أي عمل أحدث تغييراً عظيماً في التاريخ.
سيرفض الاقتراح كل من يطمع في عمل حزبي يحقق به سلطة أو ثروة أو مكانة سواء كان من الحريصين على منهج السلف أو لم يكن.
لأي عمل إصلاحي أعداء، وسيواجه العمل عدة عقبات بلا شك، ولكن أسرع الطرق للوصول هو الطريق المستقيم.
لا أشك أن جماعة النصح ستحقق أهدافها بإذن الله تعالى ولو بعد حين، وعلى فرض أنه لن يتحقق شيء فلنتذكر الأجر الأخروي على العمل، فالدنيا دار بلاء، ولو شاء الله تعالى لأصلح الأوضاع دون جهد منا؛ {ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ ۗ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ}.
وما علينا إلا الجهد، فإذا أراد الله جل ثناؤه خيراً بالسودان وأهله أعانهم على الاستجابة لنداءات الإصلاح، وإلا فالأجر ثابت إن شاء الله تعالى.
والله تعالى أعلم.
عمر عبداللطيف محمد نور
لوند، السويد
الخميس 11 صفر 1441ه، 10 أكتوبر 2019م
لوند، السويد
الخميس 11 صفر 1441ه، 10 أكتوبر 2019م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق