السعي للديمقراطية الوضعية في بلادنا ليس دفعاً للأضر

يستدل البعض بالكلام التالي للعلامة السعدي رحمه الله تعالى على السعي لتثبيت الديمقراطية الوضعية في السودان.
قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: (ومنها أن الله يدفع عن المؤمنين بأسباب كثيرة، قد يعلمون بعضها وقد لا يعلمون شيئاً منها.
وربما دفع عنهم بسبب قبيلتهم أو أهل وطنهم الكفار، كما دفع الله عن شعيب رجم قومه بسبب رهطه.
وأن هذه الروابط التي يحصل بها الدفع عن الإسلام والمسلمين لا بأس بالسعي فيها، بل ربما تعين ذلك، لأن الإصلاح مطلوب على حسب القدرة والإمكان.
فعلى هذا لو ساعد المسلمون الذين تحت ولاية الكفار وعملوا على جعل الولاية جمهورية، يتمكن فيها الأفراد والشعوب من حقوقهم الدينية والدنيوية، لكان أولى من استسلامهم لدولة تقضي على حقوقهم الدينية والدنيوية وتحرص على إبادتها وجعلهم عملة وخدماً لهم)، المصدر؛ تفسير السعدي (ص388)، تحقيق؛ عبد الرحمن بن معلا اللويحق، مؤسسة الرسالة الطبعة الأولى، 1420هـ -2000 م.
والرد على هذه المزاعم في النقاط التالية
1. الشيخ السعدي رحمه الله تعالى تكلم فيمن تحت ولاية الكفار، كالمستعمرين والأقليات.
2. لسنا في السودان بين خياري الديمقراطية الوضعية واستبداد يهضم الحقوق الدينية والدنيوية فقط.
فلا شك في وجوب اعتبار الممكن والمقدور عليه، وخير الخيرين وشر الشرين، وهو مدار حديث الشيخ السعدي رحمه الله تعالى، ولكن العبرة بما قال الشيخ من قواعد لا بما مثل لها من أمثلة ضرورة، فهذه المسائل تنزل حسب الحال اعتباراً لهذه القواعد.
لا يستبعد أن الشيخ قصد بالجمهورية الديمقراطية، ولا شك أن النظام الديمقراطي أفضل من نظام متسلط يمنع الدعوة ويمنع المُسلمين حقوقهم، ولكن هل بمقدورنا في السودان ما هو أفضل من الديمقراطية الحزبية؟
3. الديمقراطية الحزبية هي السبيل الذي تتدخل عبره دول الكفر في شؤوونا، وذلك باستغلال الأطماع الحزبية لتمرير أجنداتهم وتمزيق البلاد.
4. ما يوجد من عدم استقرار بالبلد اليوم هو بسبب النظام الديمقراطي الحزبي نفسه، فما يحدث هو بسبب المكايدات بين الأحزاب بمختلف أنواعها.
5. بعض أحزاب قحت مثل الشيوعيين والبعثيين لا يؤمنون بالتعددية السياسية الحزبية، وهم يسعون إلى تمكين جديد.
6. وعلى فرض أنهم سيسمحون بانتخابات فإنها لن تكون حرة ولا نزيهة، لأن الانتخاب غير الهرمي يفوز فيه من يملك المال والإعلام.
ومن يملك المال والإعلام هو من يملك السلطة والشوكة، والعلمانيون يسعون لتمكين أنفسهم من كل ذلك خلال الفترة الانتقالية.
7. كم من كلمة حق أريد بها باطل! فبعض من يروج لكلام الشيخ السعدي رحمه الله تعالى يريد صرف الناس عن خيارات أفضل متاحة، ليس دفعاً للأضر، وإنما إيماناً بآليات الديمقراطية الوضعية.
فبعض من ينتسب إلى نهج السلف يؤمن بآليات الديمقراطية الوضعية، بما في ذلك التحزب السياسي، ووسائل الضغط غير الشرعية أو التي لا تعتبر  فيها الضوابط الشرعية.
التشوقية فيها ما أشار إليه السعدي رحمه الله تعالى من اعتبار القدرة والإمكان؛ ومن ذلك اعتبار التوجهات الفكرية المختلفة بما فيها غير السائغة شرعاً لدفع الأضر وتخفيف الشر.
عمر عبداللطيف محمد نور
لوند، السويد
الخميس 11 صفر 1441ه، 10 أكتوبر 2019م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق