من يُفتي في أحكام الجهاد؟ المحتويات حُكم العهد المطلق
إنَّ منشأ الغلوِّ في أحكام الجهاد هو الجهل عموماً، والجهل بقاعدة تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان، والجهل بالواقع وأسباب النصر والهزيمة، واتِّباع الهوى، والتعصُّب للرِّجال والأحزاب، والاعتداد بالآراء، وانتقاص العلماء واتِّهامهم بالجهل بواقع المسلمين، واتِّهامهم بالمداهنة وكتمان العلم إرضاءاً للخلق، وعدم الصبر والاستعجال لتحقيق النصر.
قال الله تعالى: {وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا (11)} [1].
من يُفتي في أحكام الجهاد؟ المحتويات حُكم العهد المطلق
إنَّ منشأ الغلوِّ في أحكام الجهاد هو الجهل عموماً، والجهل بقاعدة تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان، والجهل بالواقع وأسباب النصر والهزيمة، واتِّباع الهوى، والتعصُّب للرِّجال والأحزاب، والاعتداد بالآراء، وانتقاص العلماء واتِّهامهم بالجهل بواقع المسلمين، واتِّهامهم بالمداهنة وكتمان العلم إرضاءاً للخلق، وعدم الصبر والاستعجال لتحقيق النصر.
قال الله تعالى: {وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا (11)} [1].
ولمَّا كان الغلاة حريصين على تكفير الحكَّام لحاجة في نفوسهم، إِمَّا استعجالاً لتغيير الأوضاع إلى الأحسن أو حباً في السلطة والثروة أو حباً في الظهور ومدح الناس لهم بالشجاعة والإقدام أو غير ذلك، فقد وضعوا قواعد فاسدة لتكفير الحكام، ثم اختلفوا في تنزيلها على الواقع.
فمن الغلاة من يكفِّر الوزراء، بحجة أنَّهم أركان الدولة الذين يساعدون الطاغوت على الموحِّدين، ومنهم من يرى أنَّ الوزراء وظيفتهم خدميَّة وأنَّهم ليسوا كفَّاراً، ومنهم من كفَّرَ الجيش، والشرطة، والمخابرات، ومنهم من يراها طوائف ردة يجوز قتلهم دون تكفير أعيانهم، ومنهم من لايرى تكفير هذه القطاعات.
ومن الغلاة من كفَّر نواب البرلمانات وإن كانت نيَّتهم تطبيق الشريعة الإسلاميَّة، وما إلى ذلك من الاضطِّراب في الأقوال، هذا إضافة إلى تبديع من لا يوافقهم من العلماء والدعاة وأئمة المساجد والمصلحين.
ولو أنَّهم قالوا في التكفير؛ إنَّ كل من وقع في كفر أكبر وتوفَّرت فيه شروط التكفير وانتفت الموانع عنه فهو كافر، سواءاً كان حاكماً أو محكوماً، لما وقعوا في الاختلاف والاضطِّراب والتناقض.
ولكنَّهم أرادوا تكفير الحكومات والخروج عليها، لذا نجد كثيراً منهم لا يعير اهتماماً لكثير من الانحرافات العقديَّة والسلوكيَّات الشركيَّة التي تصدر من كثير من العوام، كالاعتقاد في الأولياء والصالحين والمقبورين، ودعائهم كدعاء اللّه سبحانه وتعالى، واللجوءِ إليهم في الملمَّات والكربات والاستغاثة بهم.
يقول بعض الناس اعتماداً على كتابٍ لعبد اللّه عزَّام رحمه اللّه بعنوان الدِّفاع عن أراضي المسلمين أهم فروض الأعيان: "إنَّ بلاد المسلمين اليوم محتلَّة من قبل الكفار، إمَّا من الكفار الأصليِّين أو من المرتدِّين من حكام المسلمين، ولا فرق بين كون الكافر أجنبيَّاً أو محليَّاً، وبما أنَّ الدفاع عن أراضي المسلمين من أهمِّ فروض الأعيان؛ فإنَّه يجب القيام بالجهاد ولا يجوز الانشغال بغيره، وإن لم يكن بالإمكان القيام به فلا يجوز الانشغال بغير الإعداد له".
ثم إن بعضهم ناقضوا أنفسهم بعد قولهم بفرضيَّة العين بقولهم بأن الجهاد ليس واجباً في كل البلدان، ثم زعموا أنَّه جائز بل مستحب في الأماكن التي لا يجب فيها، هكذا بإطلاق.
ولا يصح إطلاق القول بالجواز أو الاستحباب في كل الأحوال، فالقدرة قد تكون شرط صحَّةٍ ووجوب وقد تكون شرط وجوب فقط حسب الحال، لا كما ادَّعى الغلاة أنها شرط وجوب فقط.
ثم إنَّ بعض القائلين بأن القدرة لا تكون إلا شرط وجوب فقط ناقضوا أنفسهم، ومن ذلك دعواهم بأن القدرة ليست شرط صحة بأي حال من الأحوال مع اشتراطهم النظر في المصالح والمفاسد المترتبة على العمليات؟!
بل صرَّح بعض الغلاة بجوازِ الجهاد أو استحبابه دون نظر في المصالح والمفاسد المترتِّبة عليه، بحجَّة أنَّه أمر اللّه، وأنَّ أوامر اللّه كلُّها مصالح، ولا شك أنَّ أوامر اللّه كلُّها مصالح إمَّا راجحة وإما محضة، ولكن هل أَمَرَ اللّه بعدم مراعاة الأحوال؟
لقد أدَّى مثل هذا الفهم إلى مفاسد كثيرة منذ أواخِر القرن الرابع عشر الهجري، وقد نصح كثيرٌ من العلماء والدعاة أصحابَ ذلك المنهج، ولكنَّ بعض الناس ما زالوا على ما هم عليه، وما زالوا ينشرون فكرهم المنحرف في شباب الأمة.
المصادر
[1]سورة الإسراء آية رقم 11.
من يُفتي في أحكام الجهاد؟ المحتويات حُكم العهد المطلق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق