حكم الجهاد المحتويات أسباب الغلو واضطراب الغلاة
يُشترط في المفتي في أحكام الجهاد أن يكون من أهل العلم في مسائل الجهاد خصوصاً والفقه عموماً وكذا علوم الوسائل كأصول الفقه وقواعده، كما يُشترط أن يكون عارفاً بالموازنات السياسيَّة، والعلاقات الدوليَّة، والخطط الحربيَّة، خاصَّةً الحديثة، ويُشترط أن يكون من أهل الرأي والحكمة من غير خور، وأن يكون ثقةً غير متهم في دينه.
يقول بعض الناس: "لا يُستفتى في أحكام الجهاد إلا من اغبرَّت قدمه في سبيل الله"، ويستدلُّون على ذلك بكلام الإِمام أحمد وابن المبارك رحمهما اللهُ تعالى في أنَّ النَّاس إذا تنازعوا فانظر ما عليه أهل الثغور فإنَّ الحق معهم لقول اللهِ تعالى: { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)}[3].
إنَّ ما نُسب إلى هؤلاء الأَئِمة من تفضيل آراء المجاهدين على غيرهم ليس على إطلاقه، فالمجاهد قد يخطئ، كما حدث من أسامة ابن زيد رضي الله عنه لما قتل رجلاً قد أسلم، وكما حدث من خالد بن الوليد رضي الله عنه، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهمَّ إنِّي أبرأ إليك مما فعل خالد)، وذلك لمَّا أرسله إلى بني جذيمة فقتلهم، وأخذ أموالهم بنوع شبهة، فوداهم النبي صلى الله عليه وسلم وضمن أموالهم.
فكلام الإمام أحمد وابن المبارك رحمهما اللّه تعالى يُحمل على ما إذا تساوى المجاهد وغيره في العلم فيُنظر إلى مرجِّح الجهاد، فيجب استفتاء من هو أكثر علماً وأدرى بالحال وإن لم يكن مجاهداً، وأمَّا إذا كان المجاهد عاميَّاً فإنَّ العوام لا يُستفتون في الأحكام الشرعيَّة.
ممَّا يدلُّ على أنَّ العلم في باب الفتوى مقدَّمٌ على غيره من الأمور ككثرة التنسُّك والتعبُّد حديث الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً، فإنَّه لما سأل العابد لم يجد عنده الحكم الشرعي الصحيح، ولمَّا سأل العالم أرشده إلى الحكم الصحيح.
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضي الله عنه أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنَ تَوْبَةٍ فَقَالَ لاَ. فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللهِ فَاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ وَلاَ تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ. فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ فَقَالَتْ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلاً بِقَلْبِهِ إِلَى اللهِ. وَقَالَتْ مَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ. فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِى صُورَةِ آدَمِىٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَ الأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ. فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الأَرْضِ الَّتِى أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ. قَالَ قَتَادَةُ فَقَالَ الْحَسَنُ "ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ الْمَوْتُ نَأَى بِصَدْرِهِ")[4].
حكم الجهاد المحتويات أسباب الغلو واضطراب الغلاة
يُشترط في المفتي في أحكام الجهاد أن يكون من أهل العلم في مسائل الجهاد خصوصاً والفقه عموماً وكذا علوم الوسائل كأصول الفقه وقواعده، كما يُشترط أن يكون عارفاً بالموازنات السياسيَّة، والعلاقات الدوليَّة، والخطط الحربيَّة، خاصَّةً الحديثة، ويُشترط أن يكون من أهل الرأي والحكمة من غير خور، وأن يكون ثقةً غير متهم في دينه.
ويُشترط كذلك أن يكون من أهل السنَّة لا من أهل البدعة، فإِنَّ أهل البدع لا يؤخذ عنهم العلم، إذ لا يؤتمنون في آرائهم، فمن فسد أصله فسد فرعه.
قال ابن تيمية رحمه اللّه تعالى: (مع
أنَّ المخالفين للحق البيِّن من الكتاب والسنّة هم عند جمهور الأمَّة معروفون
بالبدعة، مشهود عليهم بالضلالة، ليس لهم في الأمَّة لسان صدق، ولا قبول عام،
كالخوارج والروافض والقدرية ونحوهم)[1].والاضطرار أو الاحتياج يبيح أخذ علمٍ عن صاحب بدعة، ولكن بشرط التعين؛ بمعنى تعذر أو تعسر أخذه عن سني، وأن يقدر ذلك بقدره بحيث لا يُزاد عما تقتضيه الحاجة أو الضرورة، وأن تكون المصلحة الضرورية أو الحاجية متيقنة أو مظنونة بظن غالب، وأن يؤمن ضرر بدعته أو أن يكون ضررها محتمَلٌ مقابل مصلحة العلم المتلقى عنه.
قال ابن تيمية رحمه اللّه تعالى: (فإذا تعذَّر إقامة الواجبات من العلم والجهاد وغير ذلك، إلا بمن فيه بدعة،
مضرَّتها دون مضرَّة ترك ذلك الواجب، كان تحصيل مصلحة الواجب مع مفسدة مرجوحة معه
خيراً من العكس)[2].
يقول بعض الناس: "لا يُستفتى في أحكام الجهاد إلا من اغبرَّت قدمه في سبيل الله"، ويستدلُّون على ذلك بكلام الإِمام أحمد وابن المبارك رحمهما اللهُ تعالى في أنَّ النَّاس إذا تنازعوا فانظر ما عليه أهل الثغور فإنَّ الحق معهم لقول اللهِ تعالى: { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)}[3].
إنَّ ما نُسب إلى هؤلاء الأَئِمة من تفضيل آراء المجاهدين على غيرهم ليس على إطلاقه، فالمجاهد قد يخطئ، كما حدث من أسامة ابن زيد رضي الله عنه لما قتل رجلاً قد أسلم، وكما حدث من خالد بن الوليد رضي الله عنه، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهمَّ إنِّي أبرأ إليك مما فعل خالد)، وذلك لمَّا أرسله إلى بني جذيمة فقتلهم، وأخذ أموالهم بنوع شبهة، فوداهم النبي صلى الله عليه وسلم وضمن أموالهم.
فكلام الإمام أحمد وابن المبارك رحمهما اللّه تعالى يُحمل على ما إذا تساوى المجاهد وغيره في العلم فيُنظر إلى مرجِّح الجهاد، فيجب استفتاء من هو أكثر علماً وأدرى بالحال وإن لم يكن مجاهداً، وأمَّا إذا كان المجاهد عاميَّاً فإنَّ العوام لا يُستفتون في الأحكام الشرعيَّة.
ممَّا يدلُّ على أنَّ العلم في باب الفتوى مقدَّمٌ على غيره من الأمور ككثرة التنسُّك والتعبُّد حديث الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً، فإنَّه لما سأل العابد لم يجد عنده الحكم الشرعي الصحيح، ولمَّا سأل العالم أرشده إلى الحكم الصحيح.
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضي الله عنه أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنَ تَوْبَةٍ فَقَالَ لاَ. فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللهِ فَاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ وَلاَ تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ. فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ فَقَالَتْ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلاً بِقَلْبِهِ إِلَى اللهِ. وَقَالَتْ مَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ. فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِى صُورَةِ آدَمِىٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَ الأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ. فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الأَرْضِ الَّتِى أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ. قَالَ قَتَادَةُ فَقَالَ الْحَسَنُ "ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ الْمَوْتُ نَأَى بِصَدْرِهِ")[4].
المصادر
[1] مجموع الفتاوى، المجلد السابع، صفحة 357، دار عالم الكتب الرياض 1991م
[2] مجموع الفتاوى المجلد 28 صفحة 212 دار عالم الكتب الرياض 1991م
[3] سورة العنكبوت آية رقم 69
[4] صحيح مسلم، التوبة، حديث رقم 7184
[2] مجموع الفتاوى المجلد 28 صفحة 212 دار عالم الكتب الرياض 1991م
[3] سورة العنكبوت آية رقم 69
[4] صحيح مسلم، التوبة، حديث رقم 7184
حكم الجهاد المحتويات أسباب الغلو واضطراب الغلاة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق