الفرق بين الوتر وصلاة الليل

الرجوع إلى قسم سؤال وجواب
سؤال؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ياشيخ، هل يجوز صلاة الوتر ركعتين ثم ركعة، أحد الإخوة قال لي أنه يجوز صلاة ركعتين تسلم ثم ركعة، قلت له هذه ليس وتر، الوتر هو ركعة أو تصلى ثلاثة ركعات مع بعض بتشهد واحد؟

الجواب؛ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أولاً لا خلاف في أن صلاة الليل وترٌ لغةً، وإنما اختلف العلماء في تسمية صلاة الليل وتراً اصطلاحاً، فالوتر هو العدد الفردي الذي لا يقبل القسمة على اثنين، مثل؛ واحد، ثلاثة، خمسة، سبعة، ... إلخ.
من العلماء من سمى قيام الليل وتراً، وذلك لماورد عن عبدِ اللَّهِ بنِ أبي قيسٍ قالَ: (قلتُ لعائشةَ رضيَ اللَّهُ عنها: بِكَم كانَ رسولُ اللَّهِ ﷺ يوترُ؟ قالَت: (كانَ يوترُ بأربعٍ وثلاثٍ، وستٍّ وثلاثٍ، وثمانٍ وثلاثٍ، وعشرٍ وثلاثٍ، ولم يَكُن يوتِرُ بأنقصَ من سبعٍ ولا بأكْثرَ من ثلاثَ عَشرةَ))، صححه الألباني رحمه الله تعالى في صحيح أبي داود ١٣٦٢ .
ومنهم من فرق بين صلاة الليل والوتر، فجعل الوتر هو الواحدة أو الأكثر بشرط الاتصال بينها، واستدلوا بعدة أحاديث منها؛ عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنى مَثْنى، فإذا رَأَيْتَ أنَّ الصُّبْحَ يُدْرِكُكَ فأوْتِرْ بواحِدَةٍ). فقِيلَ لاِبْنِ عُمَرَ: (ما مَثْنى مَثْنى؟ قالَ: أنْ تُسَلِّمَ في كُلِّ رَكْعَتَيْنِ)، أخرجه البخاري (٩٩٠)، ومسلم (٧٤٩) واللفظ له.
فقالوا في هذا الحديث وغيره تفريق بين صلاة الليل والوتر، واحتج أصحاب هذا القول بالتفريق بينهما حُكماً؛ فالوتر سنة مؤكدة وصلاة الليل مستحبة، واحتجوا كذلك بأن الفرق في الحُكم يقتضي التفريق في النية.
وأظن أن الخلاف لفظي لا أثر له في الحُكم ولا النية، فالتسمية لا تضر في اختلاف الحُكم، فلا فرق بين أن يقال بأن الحد الأدنى من صلاة الليل أو من الوتر سنة مؤكدة وهو ركعة واحدة وأن الزيادة مستحبة على أن يكون المجموع وتراً، وبين أن يقال صلاة الليل مستحبة والوتر سنة مؤكدة.
وأما النية فيظهر أنه لا أثر لها أيضاً؛ فمن نوى الوتر فهو يعلم أنه صلاة ليل وأن الحد الأدنى منه سنة مؤكدة وأن الزيادة مستحبة، لأن الوتر عنده يُطلق على صلاة الليل، ومثال هذا؛ الاختلاف في تسمية قيام ليل رمضان بسبب الوقت، فالصلاة التي في أول الليل تسمى التراويح، والتي في آخره تُسمى التهجد، وكلها قيام ليل، وكلها صلاة غير الخمس المفروضة.
وأما حديث؛ (فأوتر بواحدة)، فلا ينافي تسمية الجميع وتراً لا لغةً ولا حقيقة عددية، لأن قوله: (فإذا خشيت الفجر فأوتر بواحدة) يحتمل أن يكون معناه أوتر الشفع ليكون المجموع وتراً، فليس فيه نفي تسمية الجميع وتراً، يدل على هذا أن عائشة رضي الله عنها التي سمت قيام الليل وتراً قد فرقت لغةً بين الوتر والشفع.
فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: (كانَ رسولُ اللَّهِ ﷺ يصلِّي ثلاثَ عشرةَ رَكْعةً برَكْعتيهِ قبلَ الصُّبحِ يصلِّي ستًّا مَثنى مَثنى ويوترُ بخمسٍ لا يقعدُ بينَهُنَّ إلّا في آخرِهِنَّ)، صححه الألباني رحمه الله تعالى في صحيح أبي داود ١٣٥٩.
ومما يرجح جواز تسمية صلاة الليل وتراً ما ورد عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رجلًا سألَ رسولَ اللَّهِ ﷺ عَن صلاةُ اللَّيلِ، فقالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: (صلاةُ اللَّيلِ مَثنى مَثنى، فإذا خشِيَ أحدُكُمُ الصُّبحَ، صلّى رَكْعةً واحدةً، توترُ لَهُ ما قد صلّى )، أخرجه البخاري (٩٩٠)، ومسلم (٧٤٩).
والله تعالى أعلم.
عمر عبداللطيف محمدنور عبدالله
لوند، السويد
الأحد 1 محرم 1441هـ، 1 سبتمبر 2019م.
pdf
الرجوع إلى قسم سؤال وجواب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق