⏩مقدمة ⏫محتويات الكتاب الإصلاح في الولايات الإسلامية وغيرها⏪
واجبات الإسلام العينية في باب العبادات لا تتعدى أركان الإسلام الخمسة، وما سوى ذلك من الواجبات العينية إما أنها تتعلق بأحكام المعاملات الدنيوية مثل النفقة على الأرحام، أو أنها تبع لغيرها، كطلب العلم العيني، وكوجوب حضور الجمعة والجماعة، وكوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.بعض ما يطلق عليها واجبات هي في حقيقتها محرمات، كوجوب إعفاء اللحية فهو في حقيقته تحريم حلقها، لأن الفعل الحقيقي هو الحلق وليس الإعفاء، فالإعفاء ترك وليس فعل.
والأصل في النهي سواء كان نهي تحريم أو كراهة أنه يتعلق بترك فعل، والأصل في الأمر سواء كان للوجوب أو الندب أنه يتعلق بأداء فعل.
ومن النهي على صيغة الأمر؛ وجوب تغطية المرأة سائر بدنها عدا ما ظهر من زينتها، فهو في حقيقته نهي عن التبرج لأنه ليس فيه تكليف زائد على وصف اللبس.
الأدلة على أن الواجبات الشعائرية العينية لا تتعدى أركان الإسلام الخمسة كثيرة، منها؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ (أنَّ أعْرابِيًّا جاءَ إلى رَسولِ اللهِ صَلّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: يا رَسولِ اللهِ، دُلَّنِي على عَمَلٍ إذا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الجَنَّةَ، قالَ: تَعْبُدُ اللَّهَ لا تُشْرِكُ به شيئًا، وتُقِيمُ الصَّلاةَ المَكْتُوبَةَ، وتُؤَدِّي الزَّكاةَ المَفْرُوضَةَ، وتَصُومُ رَمَضانَ، قالَ: والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لا أزِيدُ على هذا شيئًا أبَدًا، ولا أنْقُصُ منه، فَلَمّا ولّى قالَ النبيُّ صَلّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: مَن سَرَّهُ أنَّ يَنْظُرَ إلى رَجُلٍ مِن أهْلِ الجَنَّةِ، فَلْيَنْظُرْ إلى هذا)، متفق عليه واللفظ لمسلم؛ صحيح البخاري (١٣٩٧) وصحيح مسلم (١٤).ولكن ما أكثر الواجبات الكفائية؟ ووجود المُقاربات التي تُشبه الواجبات أكثره بسبب عدم حصول الكفاية، وما أكثر النقص في أداء فروض الكفايات!
ذكر ابن تيمية رحمه الله تعالى ما يُستخرج منه أن فعل المقاربات التي تُشبه الواجب آكد من ترك الشبهات التي تشبه الحرام، وذلك بناءاً على ما حققه من أن جنس فعل الواجبات أهم من جنس ترك المحرمات.
وقد ذكر ابن تيمية رحمه الله تعالى أن الورع المستحب والواجب هو ترك ما يُخشى أن يكون سبباً للذم والعقاب في الآخرة، وأنَّ العقاب يترتب على ترك الواجب كما يترتب على فعل المحرم.
من أمثلة المُقاربات طلب العلم الشرعي الكفائي، لأن الكفاية لم تحدث، وإذا لم تحدث الكفاية فكل المؤهلين القادرين آثمون حتى تحدث الكفاية، فالمُسلمون بحاجة إلى طالب علم كبير في كل مسجد للتعليم والدعوة والإفتاء، فالمُفتي بحاجة إلى معرفة حال المُستفتي وليس فقط حال البلد.
وهذا لا يعني أن طلب العلم الشرعي الكفائي واجب على كل مسلم، فثمة واجبات كفائية أخرى لم تحصل الكفاية فيها، ومن الناس من يحسن غير العلم من الكفائيات أكثر، فيجب أن يسد كل مسلم ما يليه من ثغرات متعلقة بفروض الكفايات.ومن تلك الواجبات التي فيها تقصيرٌ عظيم الإصلاح السياسي لأوضاع بلاد المسلمين، فيحرم صد الناس عن الإصلاح السياسي، بل هو إثم كبير وذنب عظيم، فهو من الفروض التي تحتاج إلى تفرغ ومتابعة ودراسة دقيقة.
وكثيرٌ من الكفاءات العلمية الشرعية والدنيوية هاجرت من بلاد المسلمين بسبب الوضع السياسي والاقتصادي، فالدنيا تخدم الدين كما قال ابن تيمية رحمه الله تعالى.
فنحن في سفينة، إن تركنا بعضنا يخرق فيها خرقاً ولو كان من نصيبه هلكنا جميعاً، وإن أخذنا على يد من يريد أن يخرق فيها خرقاً نجونا جميعاً، وللمزيد؛ مدونتي » قواعد وأصول » الواجبات العينية ومُقارِباتها.
عمر عبداللطيف محمد نور
هلسنكي، فنلندة
الجمعة ٢٧ رجب ١٤٣١هـ، ٩ يوليو ٢٠١٠م
التعديل؛ الأحد ٢٠ رجب ١٤٤١هـ، ١٥ مارس ٢٠٢٠م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق