الديمقراطية كوسيلة لاختيار الأمراء

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
تنبيه؛ وضعتُ اقتراحاً عملياً حديثاً لكيفية اختيار أهل الحل العقد في عصرنا ضمن أطروحة سياسية في؛ مدونتي » إصلاح » التَّشْوَقِيَّة الشرعية بديلاً للديمقراطية الوضعية.
يوماً كنت جالساً في الجامعة في فنلندة، فجاء أستاذ الفيزياء، وهو من أصل فنلندي فاستأذن للجلوس، وبعد أن جلس سألني باستفزاز عن السياسة بالسودان، وهل توجد ديمقراطية في السودان؟ فقلت له نعم توجد، ولكنها تختلف عن الديمقراطية الغربية، فقال لي: كيف؟ فحدثته عما يُسمى بالديمقراطية الثالثة بالسودان، وقلت له: عندنا بالسودان خريج الجامعة له صوتان، هل تقبل التسوية بين أستاذ العلوم السياسية والداعرة أو الطبيب المشغول بعمله عن السياسة في اختيار رئيس البلاد؟ ففكر قليلاً ثم قال؛ الديمقراطية ليست النموذج الأمثل، ولو كانت كذلك لما فاز جورج بوش بالرئاسة.
هذا الخلل الذي ذكرتُه لأستاذ الفيزياء في الديمقراطية الغربية ناتج في بعضها عن الاختيار المُباشر لرئيس البلاد قبل اختيار أصحاب الكفاءة الذين يختارون رئيس البلاد، وهو ناتج كذلك عن اعتماد النظام الديمقراطي على الحملة الانتخابية التي تتطلب مقدرة مالية كبيرة، والتي يشارك فيها من يعرف المرشح ومن لا يعرفه، ولا سبيل لمعرفة المرشح إلا من خلال الدعاية والتي عادةً ما تكون مضللة، وكل مرشح يستطيع أن يكذب، والفائز من كان أقدر على الإقناع وكانت معه القوى التي تملك المال وتُمسك بالإعلام.
وبالتالي فإن الطبيب مثلاً الذي لا يعرف شيئاً كثيراً عن السياسة ينخدع بالإعلام فيصوتُ لمن يعده بتخفيض الضرائب من غير معرفة جيدة بالمرشح، ثم قلت له؛ الشيء الجيد في الديمقراطية هي أنها تسمح بتداول السلطة سلمياً، دون سفك دماء ودمار وحروب، ولكنها تحتاج إلى تعديل.
ما يُسمى بالوجدان الجماهيري يشكل في مصانع الدعاية، وهذا ليس خاصاً بالشعوب العربية، ففي الغرب كذلك نجد الوجدان الجماهيري يشكل من قبل مصانع الدعاية التابعة إما للوبي الصهيوني، كما هو في بعض الدول، أو للأقدر مالياً على الدعاية الانتخابية.
وبما أن الديمقراطية الغربية تعتمد على الحملة الانتخابية، فإن الموجه الحقيقي لفوز حزب معين هو الإعلام، والإعلام يملكه من يملك المال أو السلطة، وبالتالي فهي دكتاتورية مقنَّعة، حيث يبقى الحكم بذات السياسة وإن تغير الحاكم، لأن الحكام الحقيقيين هم من يملكون المال ويوجهون الانتخابات، والحكام في الحقيقة ما هم إلا محكومون بهم، ولا يستطيعون مخالفتهم كما هو واضح في أمريكا.
وبما أننا قد ارتضينا الديمقراطية الغربية وسخرنا من طريقة أهل الحل والعقد، ولم نكلف أنفسنا الاجتهاد في وضع آليات وطريقة حديثة تنساب الحال لكيفية اختيار أهل الحل والعقد فقد أُصبنا بأسوأ مما أصيب به غيرنا من الأُمم، وذلك لاختلاف قيمنا عمَّا يسمى بالقيم عند غيرنا.
وقد وضعتُ اقتراحاً عملياً حديثاً لكيفية اختيار أهل الحل والعقد في عصرنا ضمن أطروحة سياسية في؛ مدونتي » إصلاح » التَّشْوَقِيَّة الشرعية بديلاً للديمقراطية الوضعية.
عمر عبداللطيف محمدنور عبدالله
هلسنكي، فنلندة
يوم الخميس 18 ديسمبر 2008م الموافق 20 ذو الحجة 1429 هـ
pdf
رجوع إلى قسم سياسة واقتصاد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق