داعش

رجوع إلى قسم سياسة واقتصاد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين
فكر داعش والقاعدة والجهاديين
لا يوجد فرق فكري يُذكر بين داعش (الدولة الإسلامية في العراق والشام) والقاعدة، ولا يوجد في أي تجمع بشري تماثل في كل شئ، فلكل إنسان بصمته، فأفراد القاعدة وداعش ومنظروهم يختلفون في بعض الجزئيات، وإطلاق بعض منظري القاعدة أو الفكر الجهادي على داعش أنهم خوارج هو خلاف تنظيمي حزبي أو جزئي، وقيل إن بعض الفئات اعتدلت، وليس هذا بمستبعد، فقد تراجعت الجماعة الإسلامية بمصر عن الغلو منذ عام 1997م.
من هم الخوارج
الخوارج هم من يكفرون طوائف من المسلمين بالذنوب وبغير الذنوب التي يعتقدونها ذنوباً، ويستحلون دماءهم وقتالهم، ويقدمون قتالهم على قتال الكفار، ويستحلون دماء أهل الذمة والمعاهدين، ولهم خصال يتميزون بها وردت في السنة.
الخوارج الأوائل لم يكن عندهم إطلاق القول بالتكفير بالكبيرة، وكفروا علياً وعثمان رضي الله عنهما وشيعتهما فقط وليس كل المسلمين، وكانوا يستحلون دماء المسلمين والكفار بغير وجه حق بقتلهم أهل الذمة، إلا أنهم كانوا يقدمون قتال المسلمين على قتال الكفار، وهذا هو معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان). يرجى الرجوع إلى؛ مدونتي » إصلاح » الموجزُ اليسير حول شبهات في الجهاد والتكفير » ثلاث شبه في الخوارج الجدد..
الموقف من الخوارج
قال عبد الله بن شداد لعائشة رضي الله عنها حكاية عن على بن أبي طالب رضي الله عنه: "والله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل، وسفكوا الدماء وقتلوا ابن خباب، واستحلوا أهل الذمة" أخرجه الحاكم وقال صحيح على شرط البخاري ومسلم، وأخرجه البيهقي وأحمد، وقال الألباني في إرواء الغليل صحيح على شرط مسلم، وقال ابن كثير في البداية إسناده صحيح، واختاره الضياء.
إذا كان قتال الخوارج والروافض قتال دفع؛ فإن السبب في وجوب قتالهم ليس مجرَّد تبديل الشرائع أو العقائد بتأويل غير سائغ وإنما يُضاف إلى ذلك المحاربة، كما أن السبب في وجوب قتال الكفار قتال دفع أو طلب ليس مجرَّد الكفر وإنما يُضاف إليه المحاربة في جهاد الدفع وخوف التآمر على الإسلام بظهور أمارات الخيانة في جهاد الطلب.
وأما قتال الممتنعين عن الشرائع الظاهرة المتواترة أو الخوارج والروافض قتال طلب؛ فالغاية منه الحفاظ على العقيدة والشريعة من التبديل والتحريف وإقامة حُكم الإسلام على الوجه الصحيح في المسلمين، كما قاتل أبوبكر الصدِّيق رضي الله عنه مانعي الزكاة بمن فيهم من جحد وجوبها ومن أقر بوجوبها، وهذا مثل قتال الكفار قتال طلب؛ مدونتي » إصلاح » الموجزُ اليسير حول شبهات في الجهاد والتكفير » سبب مشروعية الجهاد والإرقاق.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " الذي يعتقد حل دماء المسلمين وأموالهم ويستحل قتالهم أولى بأن يكون محاربا لله ورسوله ساعيا في الأرض فسادا من هؤلاء. كما أن الكافر الحربي الذي يستحل دماء المسلمين وأموالهم ويرى جواز قتالهم أولى بالمحاربة من الفاسق الذي يعتقد تحريم ذلك. وكذلك المبتدع الذي خرج عن بعض شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته واستحل دماء المسلمين المتمسكين بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشريعته وأموالهم هو أولى بالمحاربة من الفاسق، وإن اتخذ ذلك دينا يتقرب به إلى الله، كما أن اليهود والنصارى تتخذ محاربة المسلمين دينا تتقرب به إلى الله " [1].
والذي يُقاتل الخوارج والروافض والممتنعين عن الشرائع قتال طلب هو الحاكم المسلم وبشرط تحقق شرط القدرة والمصلحة الراجحة، وأما جهاد الدفع فلا يجوز لمن تحت حُكم الخوارج الخروج على المتغلب منهم لما فيه من الضرر الأعظم، كما أنه لا يجوز الخروج على السلطان المسلم بمجرد الامتناع عن الشرائع التي دون إقامة الصلاة، ولكن يجب على السلطان المسلم المتميز عن حُكمهم قتالهم كما يجب قتال الروافض وغيرهم إذا تحققت القدرة لكف شرهم عن الإسلام والمسلمين.
الموقف من داعش في العراق
ما لم يكن ثمة سبب مرحلي تكتيكي، فإن الأصل تقديم قتال الروافض على قتال الخوارج، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن الشيعة الروافض: (فبهذا يتبيَن أنهم شر من عامة أهل الأهواء وأحق بالقتال من الخوارج) [2].
من ناحية العقيدة؛ فإنَّ الخوارج القدامى والمعاصرين ليس فيهم شرك واستغاثة بغير الله عز وجل وليست عندهم عقائد الروافض الباطلة في أبواب الأسماء والصفات ونحو ذلك، بينما الروافض فيهم شرك واستغاثة بعلي وفاطمة والحسين رضي الله عنهم، إلى غير ذلك من الفروق العظيمة في العقيدة، والخوارج أصدق أهل البدع حديثاً، وأما الروافض فهم أهل التقية.
وأما تكفير المسلمين واستحلال دمائهم وأموالهم وأعراضهم؛ فالروافض أوسع تكفيراً لأهل السنة، فالروافض يكفرون كل أهل السنة، بينما الخوارج يكفرون طوائف من أهل السنة، والخوارج المعاصرون لا يكفرون الصحابة رضي الله عنهم، والخوارج الأوائل لم يكفروا كل الصحابة، وإنما كفروا علياً وعثمان رضي الله عنهما وشيعتهما فقط، وأما الرافضة فكفروا عامَّة الصحابة بمن فيهم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار.
الخوارج يرون جواز المعاملة بالمثل في قتل النساء والصبيان، وهو قول باطل، فاستهداف النساء والصبيان من قبل الكفار والمعتدين ليس نازلة أو أمراً مسكوتاً عنه، فالكتاب المقدس عند النصارى واليهود فيه من الأمر باستهدافهم الشئ الكثير، والتتار كانوا يبقرون بطن المرأة ليخرجوا الجنين ليقتلوه، ولا يوجد في الكتاب والسنة ولا في فعل الصحابة رضي الله عنهم وأقوالهم ولا في أقوال العلماء السابقين جواز استهداف المرأة والصبي من باب المعاملة بالمثل.
فالخوارج يرون المعاملة بالمثل، وأما الروافض والكفار والنصيرية فهم من بدأ، والبادئ أظلم، إلا أن الفرق هو أن داعش تحرق وتعلن المسؤولية وتصور وتنشر، بينما الآخرون يحرقون ويدفنون الأحياء ويغتصبون ويجرمون ثم ينفون وينكرون، خاصة أهل التقية والنفاق، فالخوارج سفهاء الأحلام يظنون أنهم بفعلهم هذا يرهبون الأعداء، وما علموا أنهم يخدمون الأعداء، والفرق أيضاً هو أن داعش تعلن عداوة الجميع خلافاً لأهل التقية والنفاق، والقتل بغير وجه حق وبطرق محرمة حتى بالقانون الدولي البشري أكثر عند الروافض والنصيرية والكفار من الخوارج، فلا ينبغي الانشغال عن قتال الروافض بقتال الخورج.
ولكن الفصائل العراقية السنية أخطأت بعقد تحالف مع داعش، وذلك لأن من شروط التحالف مع الأخف ضرراً المنفعة، وداعش أضرَّت، ولم ولن ينتفعوا من التحالف معهم، ولأن الأصل في الجهاد أن يكون المجاهدون صفاً واحداً لا رايات متعددة فإن من شروط التحالف مع الأخف ضرراً الاضطرار إليه وتعيُّنُه.
عزة الدوري نائب الرئيس العراقي السابق صدام حسين، والذي عادة ما يسمي نفسه أمين عام حزب البعث والقائد الأعلى للقوات المسلحة، يقول عن داعش عاقداً مقارنة بينهم وبين المليشيات الشيعية: " داعش، رغم تقاطعنا معها تقاطع أساسي من حيث العقيدة أو من العقيدة، هي الخطوة التي نخطوها في الميدان. والذي يمنع لقاءنا معهم؛ أقول: حتى وإن نحن أردنا اللقاء معهم، فهم لا يقبلون، لأنهم يكفرون البعث، ويحتجزون إلى اليوم منذ أكثر من عشرة أشهر ثلث أعضاء القيادة وعدد من ضباط الجيش السابق. لكن أقول للحقيقة: الَّذي قتلته الدولة الإسلامية لكل الأسباب وفي كل الظروف وفي كل العراق لا يساوي واحد بالمائة  من الذي قتلته المليشيات وفي نفس الزمن ". المصدر؛ موقع الجزيرة نت » تسجيل صوتي لعزة الدوري نائب الرئيس العراقي الراحل.

عمر عبداللطيف محمدنور عبدالله
لوند، السويد
يوم الأحد 28 رجب 1436هـ، 5 مايو 2015م

المصادر

[1] مجموع فتاوى ابن تيمية (ج28/ص470)، تحقيق؛ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، مجمع الملك فهد، المدينة النبوية، 1416هـ/1995م.
[2] مجموع فتاوى ابن تيمية (ج28/ص482)، الطبعة السابقة.
[3] مجموع فتاوى ابن تيمية (ج7/ص217-218)، الطبعة السابقة.
pdf
رجوع إلى قسم سياسة واقتصاد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق