ميراث المرأة ليس دائماً النصف

الرجوع إلى قسم سؤال وجواب

أرسل أحد الإخوة لي مقالا في الميراث بين فيه كاتبه أن ميراث المرأة ليس دائماً النصف، وأن ميراثها قد يكون أكثر من الرجل في حالات، غير أن الكاتب زعم أنه لا علاقة للذكورة والأنوثة بالميراث! ثم كتب: رأي فضيلتكم؟

فكتبتُ: كل كلامه بشأن مقادير ميراث المرأة صحيح، وقد دلت عليه النصوص، وهو محل إجماع، ولكن قوله بأن الأنوثة والذكورة لا علاقة لها بالميراث لا يصح بهذا الإطلاق، فلاشك أنَّ المرأة ينقص ميراثها من الميت عن الرجل أو ينعدم فقط في الحالة التي ذكرها، وهي أن يكونا على نفس درجة القرابة من الميت وما أسماه بالجيل والذي يسميه الفقهاء بالأصول والفروع.
واكتفيت في مقالي بذكر درجة القرابة من الميت، لأن ما أسماه بالجيل هو نوع القرابة وقد يكون داخلاً في درجة القرابة، ولكن تفصيله جيد، خاصة بيانه أن الحكمة من أن ميراث الآباء أقل من الأولاد هي أن الأعباء المالية الحالية أو المستقبلية على الصِغار أكثر من الكبار.
وأما قوله بأن الأنوثة والذكورة لا علاقة لها بالميراث فربما قصد أن العلة هي النفقة، وفي هذا نظر، ولا نزاع في أن النفقة هي حكمة تشريع نقص ميراث المرأة عن الرجل، ولكن في جعل هذه الحكمة علة نظر والله تعالى أعلم.
ومع أن الحكم هي المقصد من التشريع وهي السبب في تشريع الأحكام إلا أن الأحكام تدور مع العلل التي تتضمن الحِكم والمقاصد، فالذي يظهر والله أعلم أن العلة هي الأنوثة والذكورة، فالمرأة لو كانت تعمل وتنفق فإن حقها في الميراث لا يتغير لأنها غير مأمورة بذلك، فيكون إنفاقها صدقة تؤجر عليها يوم القيامة، ولها ان تمتنع عن النفقة، ولو كان زوجها غير قادر على النفقة، فلها حق الطلاق، فإن قبلت بالعيش معه بدون إلزامه بنفقة فهي صدقة تؤجر عليها، والزوج غير ملزم بما لا يقدر عليه {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ}.
والمقال عموماً جيد جداً في دفع ما قد يتوهمه العوام من أنَّ ميراث المرأة لا يمكن ان يكون أكثر من الرجل أو أنه دائماً نصف ميراث الرجل، وكذلك أجاد الكاتب في بيان حِكم ومقاصد أحكام الميراث، وأظهر كمال الشريعة الباهرة التي هي في أعلى رتب المصالح، والتي هي ظل الله في أرضه وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله، هذا الذي يظهر لي، والله تعالى أعلم.
pdf
الرجوع إلى قسم سؤال وجواب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق