حُكم العمل بحساب الأهلة

⏩النموذج الرياضي لا يزال مثالياً     ⏫محتويات الكتاب     دلالات النصوص⏪

يجوز العمل بحساب الأهلة بمعايير معينة، وليس في ذلك مخالفة للنصوص ولا الإجماع كما هو موضح في مبحث دلالات النصوص ومبحث الإجماع.
ومناط الحكم العلم بوجود الهلال الشرعي أو عدم وجوده فوق الأفق عند مغيب شمس يوم التاسع والعشرين.
ويُعتبر القمر في طور الهلال شرعاً إذا كان فوق الأفق بعد الولادة على وجه يُرى، ويُعتبر إمكان الرؤية حسابياً بأقل ارتفاع عن الأفق، وأقل مُكثٍ، وفي أقل عُمُرٍ، وأقل استطالة، هذا مع اعتبار فرق السمت وعلاقته بارتفاع القمر عن الأفق.
والاستطالة هي زاوية الشمس-القمر-الأرض، وفرق السمت هو البعد بين موضع مغيب الشمس وموضع مغيب القمر، وذلك لمعرفة الشعاع الساقط عليه والمنعكس منه.
ولمعرفة عُمر الهلال يجب اعتماد المحاق السطحي وليس المركزي.
وتحديد المعايير يكون بتحديد ارتفاعات معينة للراصد من أفضل أماكن للرصد في أقصى الغرب، وباستخدام مرقب جيد، وباعتبار راصد متمرس حاد البصر، وباعتبار حالة جوية معتدلة.
فأما اعتبار تلك الشروط؛ فلأن النصوص أناطت الحُكم برؤية الأهلة بعد مغيب الشمس وليس بولادة الهلال، ورؤية العِلم تغني عن رؤية العين.
أما اختيار معايير معينة فلأن إمكان الرؤية نفياً أو إثباتاً يحدث فيه الوهم من جهة علو مكان الرصد أو انخفاضه وتمرس الراصد وحدة بصره.
وأما اختيار أفضل أماكن للرصد فلأن العادة أن يتخير الناس أفضل الأماكن وكذلك الحال في اختيار المرقب وحدة بصر الراصد. 
وأما اعتدال الأحوال الجوية فلأنه إذا حال حائل فيجب إكمال الشهر ثلاثين يوماً.
اعتبار أقصى الغرب مبني على عدم اعتبار اختلاف المطالع، وقد ناقشت أدلة عدم اعتبارها في مبحث اختلاف مطالع الهلال.
وأما اعتبار أقصى الغرب فلكياً؛ فلأن مسير القمر من الغرب إلى الشرق، فتثبت الرؤية في الغرب قبل الشرق دائماً، وخرائط الرؤية تؤكد ذلك، فنفي إمكان رؤية الهلال في أقصى الغرب يعني نفيه في كل العالم، ولا يمكن أن يثبت في الشرق ما لم يثبت في الغرب.
وأما قول ابن تيمية رحمه الله بناءاً على هذه الحقيقة الفلكية أن رؤية أهل الشرق رؤية لأهل الغرب ولا ينعكس؛ فهذا باعتبار اختلاف المطالع، لأنه يطلع في الغرب دائماً قبل الشرق.
وأما اعتبار عدة معايير؛ فلأن ظهور الهلال ينتقل في أقصى الغرب شمالاً وجنوباً من شهر إلى آخر، فاعتبار معيار واحد؛ يعني ترك العمل برؤية العين أو العِلم في غيره.
وفي ذلك مخالفة لحديث؛ (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)، لأننا نراه رؤية عين أو رؤية عِلم في غير المعيار الواحد في بعض الأشهر في أقصى الغرب ولابد، وكذا لو قيل باتخاذ مكة معياراً، وذلك لأن نفيه في مكة لا يستلزم نفيه فيما هو غربها.
هذا المُقترح دقيقٌ ويسيرٌ، فهو دقيقٌ لأن النموذج الرياضي الذي يُبنى عليه بعيدٌ عن المثالية التي لا تعتبر التضاريس وارتفاع مكان الراصد، ويسيرٌ لأنه مبني على حساب إمكان رؤية الهلال في أماكن محددة وليس في كل العالم كما هو معمولٌ به اليوم، وذلك لأن الأرجح عدم اعتبار اختلاف مطالع الهلال، وقد تحدثت عن مسألة اختلاف المطالع في هذا البحث.
والأفضل مراعاة الأيسر فيما فيه سعة، للحديث المتفق عليه عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما خُيِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه)، أخرجه البخاري (٦١٢٦) واللفظ له، ومسلم (٢٣٢٧).
عمر عبداللطيف محمدنور عبدالله
لوند السويد
الثلاثاء 10 ذو القعدة 1436هـ، 25 أغسطس 2015م.
تعدل؛ السبت 17 رمضان 1439هـ، 2 يونيو 2018م.
pdf

⏩النموذج الرياضي لا يزال مثالياً     ⏫محتويات الكتاب     دلالات النصوص⏪

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق