المبحث الثاني؛ الهرميّة لا تمكّن الطُرقيّة

ملخص المبحث؛ الانتخابات الهرميّة لا تمكّن الطرقيّة لمجرّد انتشارها في قاعدة الهرم، فالفارق غير مؤثّر ولطبيعة الطرقيّة والبشر ومن تناوؤهم وضبط الانتخاب الهرمي.
 أهم أسباب خطأ دعوى تمكّن الطرقيّة بالتشوقيّة ما يلي؛
١. عدم الفارق المؤثّر.
فالانتخاب غير الهرمي كذلك يشارك فيه العامّة (قاعدة الهرم).
وأمّا تأثير اللوبيّات فهو فارق غير مؤثّر، لأنّ ما يمنع الطرقيّة من استغلال تجّارهم ولوبيّاتهم هو طبيعتها، وهي تمنعها كذلك من استغلال الانتخاب الهرمي.
وتأثير اللوبيّات مكر وخداع.
والانتخاب الهرمي أفضل لأنّه مبني على أسس شرعيّة مع أسس يقينيّة بالدراسات والتجارب البشريّة (كيفيّة التعامل مع الأنظمة المعقّدة).
٢. الطرقيّون لا يجتمعون على جوامعهم فكيف يجتمعون على ما يخالف أصولهم (زهدهم)؟
٣. زهد الطرقيّة المصطنع والحقيقي في المال والسلطان والحرب.
والزهد المشروع هو ترك فضول المباح وطلب الرياسة.
وأمّا ترك طلب المال فهو زهد مبتدع وهو من أسباب ضعف الأمّة.
والشريعة فرّقت بين طلب المال وطلب الرياسة لحكم منها؛ أنّ الرياسة أقلّ وأهمّ من المال، لأنّها شرف ومال، والصراع يزداد كلّما قلّ المتنافس عليه وزادت أهميّته.
ومصلحة طلب المال راجحة لأنّه لا قوّة للاقتصاد بدون القطاع الخاص، ولذا قدّم الله تعالى جهاد المال على جهاد النفس، وليس في طلب الرياسة مصلحة راجحة إلّا على وجه الاستثناء.
٤. من تناوؤهم الطرقيّة أصلح للنظام التشوقي لموافقته أصولهم وثقة الناس بهم.
لأنّ من لا يحرص على الرياسة موفّق صادق في خدمة الناس.
ولقوّة تأثير الحق وحَمَلَته وحسن سيرتهم.
فانتشار دعاة الحق والاجتماع أوسع مقارنة بحزب الأمة في السودان مثلاً المنتشر في قبائل وجهات معيّنة.
والكتلة الحرجة ليست بمجرّد العدد، بل بكلّ ما يؤثّر، ولذا أثّر الحزب الشيوعي في السودان مثلاً في الوضع السياسي.
٥. عامّة الناس يهتمون بمعايشهم (السلطة الخدميّة) أكثر من عقائدهم وأفكارهم.
ولذا رضي الغربيّون بحريّة انتخاب السلطة الخدميّة مع علمهم بأنّها مدارة وعلمهم بتمسّك اللوبيّات بالسلطة الحقيقيّة (مفاصل الدولة).
٦. بالانتخاب العام تراعى مصلحة الأغلبيّة الدنيويّة ومصلحة أصل دينهم (الشهادتين والصلاة)، ثم ينمو الخير بسبب رعاية المساجد والمناهج والمعاهد الإسلاميّة والعدل والتنمية.
وعوام الطرقيّين وفقهاؤهم مسلمون ظاهراً وباطناً.
والنفاق لا يخلو منه أطهر مجتمعات المسلمين.
ومع أنّ الزندقة (النفاق البيّن) في الطرقيّين أكثر إلا أنّ أغلبها في زهادهم، وليس لزهادهم شأن بالسياسة.
٧. طريقة ضبط الانتخاب الهرمي تمكّن في بدايات انتهاجه المسيطرين على مفاصل الدولة أكثر من غيرهم من طلاب السلطة فضلاً عن الطرقيّة، ثم تُنقص سيطرتهم تدريجيّاً.
ومفاصل الدولة هي؛ المال، ثم الاستخبارات، ثم الشوكة ورؤوسها (لا سيّما ضباط الجيش)، ثم الإعلام، ثم قيادات المجتمع المدني (لا سيّما الإدارة الأهليّة)، ثم القضاء.
ضبط الانتخاب الهرمي بالمحكمة الدستوريّة (قضاء)، وهي تنظر في صحيفة المرشّح الجنائيّة (شرط عدالة أهل الحل والعقد) وطعونات الناس لا سيّما الاستخبارات (العسكريّة والشرطيّة والحكوميَة).
ومن الطعونات؛ عمالة الأجنبي، والانتماء للوبيّات تناهض التشوقيّة، كالتي تؤمن بعصمة القادة (اللوبيّات الشيعيّة) أو تسلّط حزب واحد (اللوبيّات الشيوعيّة).
من أسباب النقص المتدرّج لهيمنة الدولة العميقة أنّ المجلس الحلقدي المنتخب هو من يختار المحكمة الدستوريّة ورئيسَ البلاد الذي يختار قيادات أجهزة الاستخبارات.
٨. الفئة المتسلّطة على السلطة الخدميّة لمجرّد انتشار آيدلوجيّتها تفقد شعبيّتها، لأنّها تراعي مصالحها أكثر من مصالح بقيّة المجتمع.
وهذا يسهم في التفكيك المتدرّج للدولة العميقة.
٩. الحق ينتشر في ظل حريّة الدعوة، وفي التشوقيّة حريّة التجمّعات (الدعويّة والسياسيّة والمهنيّة والعشائريّة).
وهذا يسهم أيضاً في الإصلاح المتدرّج.
وقد يزداد الجبر الجزئي لحكم بالغة، منها أنّ الظلمة قد لا يصلح لسياستهم إلا ظالم مثلهم.
قال الله تعالى: ﴿إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم﴾.
وقال رسول الله ﷺ: (ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدّة المئونة وجور السلطان عليهم).
ولعدل الغربيّين فيما بينهم حقّقت لهم آليّاتهم الديمقراطيّة انتخاباً حقيقيّاً جزئيّاً (السلطة الخدميّة).
فالجزاء من جنس العمل.
ولذا فبسبب كفرهم تكثر فيهم الأمراض النفسيّة.
١٠. احتمال تمكّن الطرقيّة بالحكم العسكري أكبر.
والله تعالى أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق