كروموسوم٢ زعمٌ لا تطور

المحتويات

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
راجع هذا المقال وصححه باحث ومختص في الجينات النباتية على مشارف درجة الأستاذية.
تُعتبر البروتينات اللبنات الأساسية لبناء الجسم الحي، وتختلف البروتينات في الجسم الحي ووظائفها، وكل بروتين عبارة عن سلسلة من الأحماض الأمينية.
يوجد عشرون نوعاً من الأحماض الأمينية، وقدر بعض علماء الأحياء عدد البروتينات في الجسم البشري بمئات الآلاف.
شفرة كل بروتين موجودة فيما يُسمى بالحمض النووي الريبوزي الرسول (mRNA)، فهو يتكون من سلسلة كودونات، كل كودون يرمز لحمض أميني معين.
كل كودون مكون من ثلاثة من جملة أربعة قواعد نتروجينية.
القواعد النتروجينة في الدنا (DNA) هي؛ (A, C, G, T)، وفي الرنا (RNA) يستبدل الحرف T ب U والبقية نفس القواعد.
من أمثلة الكودونات؛ GCA، AGA، GAT، AAT، وTGT.
ينسخ الجينوم الرنا الرسول (mRNA) في نوية الخلية ثم يُرسله إلى سيتوبلازم الخلية، ليُترجمه الريبوسوم ويصنع منه البروتين.
يمكن تقسيم التشفير الوراثي في الكائنات الحية المُعقدة إلى خمس درجات، وهي بداية من الأصغر؛
١. الكودونات (Codons).
٢. الأحماض النووية الريبوزية منقوصة الأوكسجين، اختصاراً؛ دنا (DNA)، وتحوي عدداً من الكودونات.
٣. الجينات، وتحوي عدداً من الأحماض النووية.
٤. الصبغيات أو الكروموسومات، وتحوي عدداً من الجينات وأحماض نووية أخرى.
٥. الجينومات، وتحوي عدداً من الكروموسومات.
١. الكودون هو كما سبق شفرة ثلاثية من أربعة قواعد نتروجينية.
٢. الحمض النووي فيه سلسلتين من أربعة قواعد نتروجينية متكررة بتسلسل معين، وتتصل السلسلتان بخيطين سكريين.
وتنقسم الأحماض النووية إلى مُشْفِرة وغير مُشْفِرة للبروتين.
يوجد نوعان من الحمض النووي؛ الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين، اختصاراً؛ دنا (DNA)، والحمض النووي الريبوزي، اختصاراً؛ رنا (RNA).
الأحماض النووية الريبوزية فيها سلسلة واحدة من أربعة قواعد نتروجينية متكررة بتسلسل معين، وتتصل السلسلة بخيط سكري.
من المُشْفِر للبروتين من  الأحماض النووية  يتم نسخ الرنا الرسول (mRNA) والذي يرمز إلى بروتينٍ معين.
الصورة التالية فيها توضيح بالرسم لمكونات كل من الدنا والرنا.
٣. الجين يحمل المعلومات الوارثية الخاصة بإنتاج بروتينات معينة، فهو يحمل معلومات إضافية عن البروتين، مثل؛ طول البروتين، وكم ينتج منه، وأين يبدأ.
والجين يحوي أيضاً معلومات عن كيف يتم تحرير الحمض النووي المُشْفِر للبروتين بالتخلص من أجزاء منه لإنتاج بروتين مغاير الوظيفة، وبهذه الطريقة ينتج الجسم البشري ما قدره بعض علماء الأحياء بمئات الآلاف من البروتينات عبر حوالي ستة وعشرين ألف جين فقط.
كل جين به أحماض نووية غير مُشْفِرة للبروتين تسمى المحفزات (Promoters) تنظم عمل الجين ومتى يبدأ فى نسخ الحمض النووي المُشْفِر للبروتين إلى mRNA ومتى يتوقف.
الحمض النووي المُشْفِر للبروتين يوجد في الجينات ويُسمى بالإيكسون (Exon)، ويُسمى الحمض النووي غير المُشْفِر للبروتين بالإنترون (Intron).
٤. الكروموسوم فيه عدد من الجينات وفيه أيضاً أحماض نووية خاصة بكيف يتم العمل في هذا المستوى.
كل كروموسوم يحتوي على خيط من الأحماض النووية كما سبق، وهذا الخيط يلتف حول مجموعة من الهستونات (بروتينات) والتى تكون النيوكليوسومات (nucleosome) كما في الصورة أدناه، وتلتف النيوكليوسومات على بعضها لتكون الكروماتين، وبالتالى يتم تقصير خيط الأحماض النووية إلى درجة كبيرة.
الصورة التالية فيها توضيح لكيفية الالتفافات السابقة.
٥. الجينوم عبارة عن مجموع الكروموسومات التي تمثل مجموعة المعلومات الوراثية المتكاملة الخاصة بنوع معين من الكائنات الحية.
يوجد الجينوم في نوية كل خلية، مثلاً؛ الجينوم البشري يحوي 23 زوجاً من الكروموسومات (٤٦ كروموسوماً)، وتوجد في الجسم البشري حوالي مائة تريليون خلية.
مع تقدم العلم في مجال معرفة التشفير الوراثي والهندسة الوراثية إلا أنه لا يزال محدوداً.
فلا أحد يعرف كيف يتم تشفير البصمات كبصمات الأصابع والحبال الصوتية، فكل إنسان له بصمة خاصة تميزه.
ومن أسباب نقص المعرفة أن الناس لا يزالون يجهلون وظائف كثير من مكونات الجينومات، فالأحماض النووية غير المُشْفِرة للبروتين في الجينوم البشري عموماً تمثل نسبة قد تصل إلى ٩٨٪، ولا تزال وظائف أكثرها تحت الدراسة.
ومن أسباب نقص المعرفة ضخامة المعلومات، فالجينوم البشري مثلاً يحوي ما يقدر بثلاثة مليار من ثنائي القواعد النتروجينية.
والحواسيب لن تساعد إلا جزئياً، وذلك لأن تحليل هذه المعلومات متعلق بإجراء تجارب معملية دقيقة وليس فقط بالعمليات الحسابية المعقدة.
وهذا يشمل الحواسيب السيوبر المتوفرة حالياً والحواسيب الكمية المُستقبلية (Quantum computers)، وذلك لأنها خاصة بالعمليات الحسابية التي تتطلب زمناً طويلاً جداً.
قال الله تعالى ذكره: {وَما أوتيتُم مِنَ العِلمِ إِلّا قَليلًا} [ الإسراء:  ٨٥ ].
تحتوي خلايا الشمبانزي على ٢٤ زوجاً من الكروموسومات (المجموع؛ ٤٨ كروموسوماً)، وتحتوي خلايا الإنسان على ٢٣ زوجاً من الكروموسومات (المجموع؛  ٤٦ كروموسوماً).
ترقم أزواج الكروموسات لتمييزها، فأزواج كروموسامات الإنسان مثلاً ترقم من ١ إلى ٢٢، والزوج الأخير من الكروموسومات هو  XY في الرجل و  XX في المرأة.
افترض التطوريون أن التحاماً حدث بين كروموسومين في الشمبانزي فتطور إلى إنسان، ثم حاولوا رصد هذا الالتحام المفترض فزعموا أنه نتج عنه كروموسوم رقم ٢ في الإنسان.
الأقرب نظرياً على فرض صحة التلاحم أنه كان للإنسان الأول وأبنائه ٤٨ كروموسوماً، وكانت لهم بعض الخصال الفيزيائية المختلفة قليلاً عن الإنسان المعاصر، ثم حدث اندماج بين كروموسومين فصار للإنسان المعاصر ٤٦ كروموسوماً.
فإن مجرد عدد الكروموسومات لا يحدد نوع الكائن الحي، فمثلاً نجد أن عدد كروموسومات نبات البطاطس ٤٨ مثل الشمبانزي، وعدد كروموسومات سمكة تسمى جوبي (Guppy) ٤٦ كروموسوماً مثل الإنسان.
وقرأت خبراً لا أعرف مدى صحته مفاده التحام كروموسومين لرجل صيني ليصبح عدد كروموسوماته ٤٤ كروموسوماً.
وسلالتي دينيسوفان ونياندرتال المنقرضتين مثلاً تحملان نفس عدد كروموسومات البشر المعاصرين ومع ذلك صنفتا نوعاً آخر ضمن النوع البشري.
ومهما قيل في تصنيفات هذه الأجناس التي يسمونها بشرية فيبدو أن ممايزاتها التي يذكرونها لا تعدو الفروق بين أجناس البشر المعاصرين، فهي فروق يسيرة في طول القامة، وشكل الرأس، والحاجبين، والقوة، والحرف والصناعات.
ولا يوجد دليل علمي يثبت صحة فرضية التطوريين وخطأ احتمال أن الإنسان الأول كان له ٤٨ كروموسوماً، وهنا تأتي أهمية الحفريات التي تثبت أن نظرية التطور مجرد فرضيات وتخمينات لا تقوم على أسس علمية.
وعلم الجينات يثبت التكيُّف مع البيئة لمناسبة أفضل، ولكنه قد يكون تطوراً أو تخلفاً، ولا يثبت التطور بالطريقة التي يزعمونها.
فالتكيُّف الأفضل مع البيئة قد يستلزم تخلفاً ورجوعاً لقديم، وذلك لأن الأنفع للبيئة المعينة لا يعد تطوراً في كل حال.
وما ثبت علمياً هو أن جينات الكائنات الحية تتغير لتناسب البيئة وتتكيف معها لا لتتطور.
وثبت أن للمناخ دورات طويلة وقصيرة المدى تستدير باستمرار لتعود مرة بعد أخرى.
ولا شك أن للتغير الوراثي لملاءمة أفضل للبيئة حدود، فتغيره محدود بتغير البيئة في أقل حدوده لارتباطه بها.
وعلى فرض أنه ليس له حدود أخرى، فهذا يقتضي حال تغير المناخ بالتدرج عودة الإنسان بالتدرج حتى يصبح سمكة وإلى أن يعود حيواناً أولياً على زعمهم، فكلها تخرصات.
وهل ثبت هذا الالتحام؟
كل كروموسوم في نهايته منطقة اسمها التيلومير، تتكون هذه المنطقة من نفس التتابع المتكرر آلاف المرات، وهو في الإنسان TTAGGG.
أشار التطوريون إلى منطقة في كروموسوم٢ وافترضوا أنها منطقة الالتحام المزعومة، لأنهم وجدوا فيها بعض تلك التتابعات، هذا مع أن من وظائف التيلومير حفظ الكروموسومات من الاندماج مع بعضها!
وقد اتضح من الدراسات أن هذه المنطقة في كروموسوم٢ مزدحمة بجينات وظيفية وليست فقط تلك التتابعات، وبالتالي فهي ليست منطقة تلاحم بين نهايات تيلوميرية.
وتَبيّن أن نفس هذا العدد التتابعي الموجود في منطقة التلاحم المزعومة في كروموسوم٢ موجود أيضاً بنفس الصورة في كروموسومات أخرى في الانسان.
وعدد هذه التتابعات في منطقة التلاحم المزعومة ليس بنفس العدد المتوقع لو كان التلاحم صحيحاً، فالمفترض أن تكون منطقة اتصال بين تيلوميرين.
ومن ناحية أخرى يوجد في وسط كل كروموسوم منطقة تسمى السنترومير، والمتوقع في كروموسوم٢ أن نجد سنتروميرين لو كان ناتجاً عن التحام كروموسومين.
أشار التطوريون إلى تتابع معين في منقطة معينة من كروموسوم٢ باعتباره بقايا سنترومير قديم مع أنه لا يوجد فيه الAlphoid DNA المميز للسنترومير!
وخلصت دراسات علمية إلى أنه لا توجد أية علاقة بين تتابع السنترومير في الشمبانزي والغوريلا من ناحية وأية منطقة في كروموسوم٢ في الإنسان من ناحية أخرى.
وكعادة التطوريين زعموا أنه ربما يكون قد حدث تطور سريع جداً فتغير شكل السنترومير تماماً، فهل هذا علم؟
العلم بالدليل وليس بالفرضيات والتكهنات، قال الله تعالى: ﴿قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ﴾ [البقرة: ١١٠].
والله تعالى أعلم.
عمر عبداللطيف محمد نور
لوند، السويد
الخميس ١ شوال ١٤٤٢هـ، ١٣ مايو ٢٠٢١م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق