التَّشْوَقَة مبنية على اعتبار الواجب الشرعي والمقدور الطبيعي والممكن الواقعي والتدرج الكوني.
وقصدت بالآليات التي ذكرتها توضيح المباديء بالآليات، ولكن حال بعض البلاد قد يقتضي إجراء تعديلات في بعض الآليات مع تبني المباديء التشوقية.
فمثلاً في أي تعديل في المثال الذي ذكرتُه لتوضيح الانتخاب الهرمي يجب مراعاة الهرمية ومراعاة المُساواة في الأصوات.
ومن بعد التشوقة عن المثالية المفرطة؛ اعتبارها دور المحاكم الدستورية في التحقق من انتفاء الموانع في المُرشحين للمجالس الحَلْقدية، واعتبارها دور الأجهزة الاستخبارية في إبعاد المشتبه فيهم ممن قد يخدم أجندة خارجية.
ودور أجهزة الاستخبارات يكون عبر المحاكم الدستورية بتقديم طعونات مُفسرة في المُرشحين، وفي هذه الآلية اعتبار دور أهل التخصص والخبرة في العلوم الشرعية والاستخباراتية وغيرها في توجيه الانتخابات وتوجيه العامة.
وقد اعتبرت التشوقة دور أهل التخصص مع سد ثغرة قد تنفذ منها لوبيات للتسلط، وذلك في دورة تبدأ من الناس وتعود إليهم وتمر بالمُختصين، خلافاً للأنظمة التي تبدأ فيها السلطة من لوبيات وتنتهي إليهم وتمر بعامّة الناس خداعاً.
وذلك لأن المحكمة الدستورية العُليا التي تضبط الترشيح يختارها المجلس الحلقدي الاتحادي (البرلمان) الذي اختاره الناس، والأجهزة الاستخبارية تشوقية في داخلها، وهي تحت إشراف الرئاسة المُنتخبة.
ومن اعتبار الأطروحة التشوقية للواقع في التعدد السياسي؛ اعتبار اختلاف الناس الكوني القدري، فالاختلاف الجائز شرعاً هو اختلاف التنوع والتضاد السائغ، والاختلاف الواقع كوناً وقدراً هو الاختلاف غير السائغ، ويُعتبر الاختلاف غير السائغ عند التعذر أو عند التعسر دفعاً للأضر وتخفيفاً للشر.
واعتبار التعدد الكوني فيه دفعٌ للضغوط الخارجية والداخلية، وتُدفع الضغوط أيضاً بما في المُقترح من تمثيل الناس ورؤاهم السياسية، لأن المختلف فيه من السياسات يقرر عبر الاستفتاء العام والتخصصي، ومن ذلك قرار منع الأحزاب من السعي للسلطة؛ وهذا المنع يعني تحويلها إلى جماعات نصح سياسية لأنه لا فرق بين جماعات النصح والأحزاب غير السعي للسلطة.
فمن فوائد تحويل الأحزاب السياسية إلى جماعات نصح؛ رد كيد الغربيين والمفسدين المحليين.
فإن أمريكا والغرب يضغطون حتى على الممالك كالمغرب والأردن والكويت للسماح فيها بالتعددية الحزبية لتفريق المسلمين.
وقول بعض الحكام بوجود تعددية سياسية فردية في بلادهم لا يكفي لرد كيد الكفار، لأن العمل الجماعي المنظم أبلغ لما فيه من تعاون وجمع تبرعات واشتراكات واستثمارات.
ولا ينبغي ترك أمريكا تخادع شعوبنا بادعاء أنها معهم وأنها تسعى لحفظ حقوقهم.
فلا توجد تعددية حقيقية حتى في أمريكا، وذلك لوجود لوبي يدير الديمقراطية الحزبية فيها من وراء ستار.
ولكنها دعاوى الطغاة المجرمين؛ ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾، ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ﴾.
وإذا كان حرب التشوقة للتحزب يؤدي إلى صراع مع الأحزاب، فإن إعلان حزب سياسي يؤدي أيضاً إلى صراعه مع الأحزاب الأخرى المختلفة معه عقدياً أو منهجياً أو سياسياً، إضافةً للصراع مع الحزب السياسي لمجرد التنافس على السلطة.
ومما يؤكد واقعية المقترح توقع تأييد أكثر المسلمين له؛ لأنه مبني على الشرع والعقل والتجارب البشرية، ولأن فيه تمثيل حقيقي لاختيار الناس لممثليهم وللرؤى السياسية المتباينة، ولأن الشعوب المُسلمة ليس عندها ثقة في الأحزاب السياسية يمينية كانت أو يسارية أو متذبذبة.
وإضافة إلى توقع تأييد أكثر الناس مقترحَ التَّشْوَقَة ومنظماتها وجماعاتها، فهذا المتوقع كذلك من التكتلات غير الحزبية في المجتمع، مثل الاتحادات الطلابية والنقابات المهنية والجماعات الدعوية والإدارات الأهلية.
النظام غير الواقعي هو الديمقراطي الحزبي، ولا يمكن أن يستقر نظام حزبي إلا بالحد من أثر تنافس الأحزاب على السلطة بخدع وحيل، ومن أمثلة الحيل في الأنظمة الديمقراطية الحزبية؛ تحكم لوبٍ سري على المال والقوات النظامية والأمنية والحزبين الكبيرين كالصهيونية في الغرب، ومنها؛ الحد من عدد الأحزاب وتمويلها المالي وفاعليتها بطرق تخالف المباديء الديمقراطية.
ولهذا فإن قادة الأحزاب التي ليست لها قاعدة جماهيرية مضطربون، لأنهم يعلمون في قرارة أنفسهم أن الديمقراطية الحزبية خدعة صهيونة، ولهذا يثنون على مبادئها وآلياتها ويخالفون مبادئها، في تقليد أعمى لطريقة الصهاينة.
وأما تقليد من يريد تمكين الدين في بلاد المُسلمين الصهاينة في الديمقراطية الحزبية وآلياتها؛ فهو بسبب جهلهم بفوارق الظروف والمباديء، فنسبة اليهود في كل العالم لا تتجاوز 0.2%، وعددهم في الغرب قليل، فلا يستطيع الصهاينة السيطرة إلا بالمكر والخديعة.
وأما نحن فغالب شعوبنا مسلمة، وحتى ولو لم يكن حالنا كذلك، فالمُخادعة والمكر والخيانة والمؤامرة ليست من قيمنا الإسلامية ولا من أخلاقنا العرفية.
فقادة العمل الحزبي مقلدون ومع ذلك يدعون أنهم مفكرون، ولم نر لهم استنباطاً ولا طرحاً جديداً، وغاية ما عندهم في مجال الإصلاح السياسي الموازنات الشرعية المعلومة المنقولة مع خطأ في تنزيلها وجهل بمدى منافعها، للمزيد؛ مدونتي » إصلاح » الإصلاح السياسي الأصلي والاستثنائي.
ومع ذلك فالصهاينة أذكى من هؤلاء، لأن خداع الصهاينة غير ظاهر للعيان، لاحتوائه كثيراً من الصدق، وذلك في فرز الأصوات والسماح بالتكتلات المدنية الحقوقية التي فيها حفظ كثير من حقوق الغربيين.
![]() |
![]() |
---|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق