كتبتُ ما يلي بعد إنهاء تجميد عضوية من وقع باسم جماعة أنصار السنة على الاتفاق الإطاري، وذلك في شعبان ورمضان ١٤٤٤هـ؛
عن النواس بن سمعان الأنصاري رضي الله عنه قال: (سألت رسول الله ﷺ، عن البر والإثم، فقال: البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناسُ)، صحيح مسلم (٢٥٥٣)[١].
واضح أنه لا يزال بعض ينتهج نهج الغموض في مسألة التوقيع على الاتفاق الإطاري، وهو ما ترفضه الجماعة، لا سيما إذا لم يشترط له عدم علمنة البلد ولو كانت مؤقتة.
وكان واضحاً قبل تجميد عضوية الخير النور أن رئاسة الجماعة كانت متجهة نحو إقرار العلمانيين على علمنة السودان بحجة أنها مؤقتة وعدم إخلاء الساحة للعلمانيين وأنه أمر واقع ونحوها من الحجج الواهية، انظر المقطع المرئي في مبحث؛ شكر وقرائن سابقة.
وكنت قد ذكرت في رسائل لخواص من أنصار السنة رأيي وقتها بضرورة عزل الرئيس العام بسبب طريقة إدارته الملف السياسي عامة ومشروع الاتفاق الحالي خاصة، ولكني شكرته بعدها على رفضه التوقيع على الاتفاق الإطاري.
ثم أعدت شكره عندما جمد من وقع باسم الجماعة على الاتفاق الإطاري واعتبر التوقيع لاغياً في خطاب التجميد، وقد نبهت في تسجيل الشكر على ضرورة إرسال رسالة رسمية للموقع معهم يخبرهم فيها الرئيس العام للجماعة بأن التوقيع غير معتبر، ونبهت أيضاً على ضرورة التحقيق في الأمر ومحاسبة من أرسل من وقع باسم الجماعة.
وكان كل ذلك أملاً في ألا يوافق الرئيس العام على الانضمام لاحقاً، فقد أعلن البرهان وقتها أن الباب مفتوح للانضمام للاتفاق قبل التوقيع النهائي.
وبعد رفع تجميد عضوية الخير النور، تشككت في تحقق أملي.
ولم أكن أعتمد كل كلام لثقات في الأمر، وذلك لأن العلماء قد نصوا على أن كلام الخصمين في بعضهما لا يقبل وإن كانا ثقتين.
ولكن كان واضحاً بقرائن يقينية أن ثمة تدليس وغموض في الأمر، انظر مبحث؛ شكر وقرائن سابقة.
من تلك القرائن أن أغلب منسوبي الجماعة ضد نهج رئيس اللجنة السياسية، فمن يبقيه في موقعه غير الرئاسة العامة؟
ولكن موضوع رئاسة الجماعة متعلق بأساسي الجماعة، ولذا قد لا يمكن حل إشكالاته في أقل من ٥ سنوات، ولكن لابد من المضي في هذا الطريق، لأن الرئاسة العامة هي موجه الجماعة وممثلها.
وقد كتبت مقترحاً لتعديل أساسي الجماعة.
وكثير من الناس لا يعرفون بعض القرائن أو غير متأكدين من ثبوتها، وخبر الثقة يعرض عليه ما يوهنه.
ولذا فإن إظهار الحق في مثل هذه المسألة لا يكون بمجرد دلالة القرائن، ولا بمجرد نحو؛ سمعت، وأخبرني ثقة.
فهذا السبيل بمجرده مضيعة للوقت في الجدل، ولا يحقق درء الفتنة وحفظ المنهج والدين، بل يؤدي إلى مزيد انشقاقات دون تحقيق أصلح.
فيلزم المطلعون على بواطن الأمور الدوران في العلن حول مطالبة رئاسة الجماعة بتحرير خطاب للجهات التي تم التوقيع معها لإخبارهم بأنه غير معتبر، ونشر الخطاب عبر منابر الجماعة.
صحيح، بعض الأمور تعالج في الخفاء، ولكن بشرط الاجتهاد وعدم تغطية الضعف وخوف الملامة بخوف الفتنة ودرء الضرر الأعظم.
فالفتنة هي الشرك والكفر، وهما أعظم ضرر، فالموازنات توزن بميزان الشريعة لا بأهواء الرجال.
والكفر المحتمل هو أقرب الطرق الموصلة للكفر الأكبر، وإقرار العلمانيين على العلمانية كفر محتمل.
البيان لازم منعاً لاستغلال الجماعة وجهد منسوبيها فيما لا يرضونه، ولأن التدليس الذي لا يخفى يشوه سمعة الجماعة ومنسوبيها، ولأن المنكر يزداد إذا لم ينكر، فمعظم النار من مستصغر الشرر.
ويلزم التدرج بدرء الضرر الأعظم أولاً، وذلك بتأجيل المطلبين الثاني والثالث التاليين؛
١. مطالبة رئاسة الجماعة بتحرير خطاب للجهات التي وقع معها الخير النور لإخبارهم بأن الاتفاق غير معتبر، ونشر هذا الخطاب عبر منابر الجماعة.
٢. تغيير رئيس اللجنة السياسية.
٣. مقترحات لتعديل أساسي الجماعة.
ففي هذا حفاظ على أوقات منسوبي الجماعة خاصة والسلفيين عامة، وذلك بإبعادهم عن الجدل في أمور بعضها ظاهر وبعضها خفي، وفيه درء للفتنة.
ولا يوجد إشكال يذكر في الجماعة غير الملف السياسي الذي ظل مصدر فتن وانشقاقات، وظل مدخلاً للطاعنين في الجماعة وسبباً لتشويه سمعتها.
فلا زالت الجماعة إدراة ومنسوبين على خير عظيم، يدل على ذلك برامجها وآثارها، فالسير يدل على المسير.
من ذلك؛ الاستجابة، البصيرة، المساجد وبرامجها، الأسابيع، المعاهد العلمية، كلية دلتا، الأعمال الإغاثية.
والسبب في إضرار هذا الملف في بداياته بالجماعة ليس مجرد آراء زعيمه، وإنما تعصبه لها واعتداده بآرائه والسخرية بمخالفها، بل ومحاربة كل من أبدى رأياً مخالفاً بطرق خفية ملتوية، وتمريره رأيه دون مشورة خواص الجماعة فيما يستشار فيه الخاصة ولا عوامها فيما يستشار فيه الخاصة والعامة.
حمى الله تعالى جماعتنا المباركة والسلفيين خاصة، وبلادنا وشعبها المسلم عامة من كل شر ومن مكر الأعداء وشقاق الأعضاء، وجعلنا جميعاً مفاتيح للخير مغاليق للشر.
والله تعالى أعلم.
عمر عبداللطيف محمد نور
لوند، السويد
الأربعاء ٢٤ شعبان ١٤٤٤هـ، ١٥ مارس ٢٠٢٣م
مصادر وملاحق
[١] صحيح مسلم (٢٥٥٣)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق