شكر وقرائن سابقة

لم يتم توقيع باسم جماعة أنصار السنة على الاتفاق الإطاري، وذلك بعد قرائن وتصريحات وتسريبات سابقة ولاحقة تشير إلى أن بعضاً كان على استعداد للتوقيع عليه بشروط يبدو أنها كانت قاصرة.
وقد كان من ضمن الموقعين على الاتفاق الإطاري منظمات مهنية واجتماعية، قيل إن ٩ منها للمؤتمر السوداني وحده، وسميت هذه التجمعات تكتلات سياسية.
وقد حدث هذا التلاعب من قبل في الوثيقة الدستورية التي أجهضها السيد البرهان وفقه الله تعالى بقرارات ٢٥ أكتوبر.
وقد كاد بعض أن يورطنا ولكن الله سلم، والأدهى من ذلك أن أحدهم كان قد طالب في لقائه مع السفير البريطاني بمساواة التكتلات السياسية الموقعة على الاتفاق! 
فالشكر لله عز وجل أولاً وآخراً، فله الفضل وحده في عدم تلويث سمعة جماعة أنصار السنة المحمدية بالتوقيع على الاتفاق الإطاري.
ثم الشكر لكل من أسهم في ذلك، وفي مقدمتهم الرئيس العام للجماعة فضيلة الشيخ الدكتور إسماعيل عثمان محمد الماحي حفظه الله تعالى، وجزاه الله تعالى خير الجزاء على ما قدم ويقدم لهذه الدعوة المباركة.
ولأجل العظة والعبرة وعدم تكرار الخطأ، فالتالية هي القرائن والتصريحات الثابتة وغير المؤكدة والتسريبات التي دفعت الناصحين للشدة على بعض المشايخ والأساتذة الفضلاء في قيادة الجماعة؛
١. قرائن سابقة منذ عهد حكومة الإنقاذ وما قبله تشير إلى عدم وضوح واستفراد بالرأي وإخفاء حقائق عن الخاصة والعامة [١٦].
٢. تجويز من سعى في مشروع الاتفاق الآليات الديمقراطية الفاسدة، كالقول بأن حكم المظاهرات الثورية (التي تنادي بإسقاط النظام) متعلق بالمفاسد والمصالح، وتجويز الحزبية السياسية أصالةً لا استثناءاً، وتجويز الانتخابات العامة بصورتها الحالية أصالةً أيضاً.
٣. خلو الخطاب المسرب لمن سمي ممثل أنصار السنة في تسييرية المحامين من إنكار العلمانية واستخدامه ألفاظاً علمانية [١٧].
٤. دفاع أحد القادة عن الخطاب ورفضه توسيع الشورى بل والتوعية، وخروجه عن المسألة إلى مسألة حكم الجلوس مع المبتدعة التي لا يخالفه في جوازها بشروطها كل معتبر قوله.
٥. تصريح الشعبي بتوافق رؤاه مع رؤى اللجنة السياسية، وقد أكد د. الماحي عرض ما أسماه رؤية الجماعة على ممثلي الشعبي.
٦. عدم ذكر علاقة الدين بالدولة في حديث أحد القادة بعد خطبة جمعة عما جرى في مقابلة لجنة اليونيتامس، فكل ما ذكره هو أنهم قالوا؛ نريد؛ العدل، والتنمية، والسلام، والرخاء، وعدم التدخل في شؤوننا، واختيار الشعب يحكمه؛
٧. عدم ذكر أهم تعديل وهو علاقة الدين بالدولة في كلام أحد القادة عندما تحدث عن تعديلات مقدمة لمسودة الاتفاق، حيث ذكر تعديلاً واحداً فقط هو توسيع المشاركة مع إشارته إلى وجود غيره، وهذا خلاف المتوقع، إضافة إلى قوله بأن مشروع الاتفاق لفترة مؤقتة سرعان ما تنتهي؛
٨. الاكتفاء بالحديث عن الموقف المعروف لأنصار السنة من العلمانية بدل الحديث عن الموقف من دستور تسييرية المحامين، وهذا بعد عدة مطالبات من الناس بإيضاح موقف الساعين في مشروع الاتفاق من دستور تسييرية المحامين.
٩. تصريح نسب إلى رئيس اللجنة السياسية زعم فيه أن دستور تسييرية المحامين ليس دينياً ولا علمانياً [١٨].
١٠. تصريح نسب إلى رئيس اللجنة السياسية مضمونه أن كل أحكام الشريعة تطبق طوعاً فقط [١٩].
ولذا لابد من العظة والعبرة والحذر مع الظن الحسن لا سيما في أصحاب السبق والفضل، فصاحب السبق والفضل يغتفر له ما لا يغتفر لغيره.
لا سيما وأن بعضاً قصر الشكر على المنصوح ووصف الناصحين جميعاً بالتعجل وأقبح الخصال دون تمييز بين من هذا وصفه من الناصحين ومن ليس كذلك.
والحذر يلازمه سوء ظن بقدر وحسن قصد، قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: (وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (احترسوا من النَّاس بسوء الظن)، فهذا أمر عمر، مع أنَّه لا تجوز عقوبة المسلم بسوء الظن) [٢٠].
ولو جزم رجل بسوء نية آخر في أمرٍ ما، فلا سبيل له لمعرفة ما إذا كان هو خيراً ممن جزم بسوء نيته في أمرٍ معين، فقد يتوب صاحب الهوى، فإن تاب فإن توبته دلالة خير، لأن الله تعالى يوفق للتوبة الأخيار ويصرف عنها الأشرار.
ولذا فمن التألي على الله تعالى وصف رجل بأنه سيستقبل الدجال، ووصف آخر بأنه شيخ نجدي تشبيهاً له بالشيطان، وقد بلغني أن المتحدث وصف من قبل شيخاً نجله ونحسبه عند الله تعالى من خيرة أهل السودان بأنه فرعون هذه الأمة.
والله تعالى أعلم.
عمر عبداللطيف محمد نور
لوند، السويد
الأحد ٧ جمادى الأول ١٤٤٤هـ، ١٢ ديسمبر ٢٠٢٢م.

مصادر وملاحق

[١٦] حول لقاء مع الأستاذ محمد أبوزيد مصطفى.
[١٧] خطاب ممثل اللجنة السياسية للجنة التسييرية لنقابة المحامين
[١٨] سودان نيوز.
[١٩] المجرة برس.
[٢٠] مجموع الفتاوى (ج٢٨/ص٣٧٢)، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق