ملخص؛ إنصافاً للجيش ودفعاً لإساءة فهم كلام الشيخ يقال؛ الأولى بانحياز الجيش له هو الفريق القومي، فعبارات فضيلته موهمة.
ذكر شيخ فاضل مجاهد بالكلمة أن أمام جيشنا خياران (لأي الفريقين ينحاز؟)، ونصحه بالانحياز للفريق القومي (الشعب والإسلاميون بتعبيره).
ولبدئه مقاله بما أسماه هواجس الشعب، فقد يفهم القاريء أن الخيارين (أمام الجيش) فرضيتان (لما قد يفعله الجيش).
والهواجس والفرضيات لا تؤكد، وهو ما فعله الشيخ، ولكن قصده قد يخفى بسبب عبارات موهمة.
ولم يستجب جيشنا لضغوط الغرب منذ بداية الحرب، ومن ذلك؛ امتناعه عن حضور مؤتمر جنيف، واعتراضه على جلسات لمنبر جدة بعد أن أظهر للوسطاء مماطلة المتمردين.
فهل يغلب مع هذا احتمال استجابته لضغوط الغرب فينحاز للفريق المجافي لأهم روابطنا القوميّة؟
ومقتضى العدل والمنهج الصحيح ألا ينشر ما يستغل ويحدث فرقة، لا سيما أثناء الحرب، خشية الانتكاسة.
في النقاط الثلاثة التالية محاولة لدفع ما قد توهمه عبارات الشيخ حفظه الله.
١. الأسلميون.
المعنى المتبادر للذهن من كلمة الإسلاميين لا يشمل كل معسكر أسلمة البلد، وهو ما يضمره المبطلون ويستغله الحركيون.
فالمبطلون يتلاعبون بالألفاظ، كإضمار المتمردين ومعسكر علمنة البلد معنى مساندي الجيش بكلمة كيزان وفلول.
"الحركيون" أصح في النسبة للحركة الإسلامية، لأن النسبة إلى الإسلام مسلم وليس إسلامي.
ولا يخذل معسكر الأسلمة إلا متبع لهواه من المسلمين فضلاً عمن يلتحق بمعسكر العلمنة.
ولذا فالأنسب لغة ودلالة استعمال "قومي" لمعسكر الأسلمة و "أسلمي" لداعيته.
فالقوم لغة من القيام، وفي الاستعمال الجماعة من الناس الذين لهم روابط يقومون لها.
وأهم رابطة نقوم لها هي رابطة ديننا، فقوميتنا واحدة.
ونحن أمة واحدة لأن لنا مقاصد مشتركة، فالأمة من أم الشيء إذا قصده.
ولسنا شعباً واحداً، لأن الشعب في القرآن واللغة هو النسب البعيد.
فالقومي هو الفريق الذي يؤيد أسلمة البلد.
وأما دعاة الأسلمة النشطون فيمكن تسميتهم الأسلميون.
٢. "الحركيون والأمة السودانية" أصح.
في استعمال (الشعب والإسلاميون) غفلة عن قصد الحركيين بالإيحاء بأن كلمة الإسلاميين تشمل كل السودانيين (معسكر الأسلمة).
وجهاد الحركيين وغيرهم بدون استغلال مقدر.
٣. التخوف من الحركيين.
لا أرى تخوفاً للجيش وبقية السودانيين من مجيء الحركيين عبر الانتخابات.
فالانتخابات العامة بطريقتها المعاصرة الباطلة فيها تمثيل حقيقي جزئي (للسلطة الخدمية).
ولكن أمتنا السودانية تتخوف من عودة تحكم الحركيين في السلطتين الحقيقية والخدمية كما كان في ثلاثين سنة من عهد البشير.
والجيش من الأمة، ولذا فقد لا يكون تخوفه من الحركيين لمجرد اتقاء شر الغرب.
خطاب البرهان
يمكن تسمية النقد في غياب المنتقَد تظلماً مثلاً أو تفريحاً عن النفس أو إثارة أو غيبة.
ولا يمكن تسميته نصيحة إلا في حضور المنصوح، سواء كان حضوراً حقيقياً أو حُكمياً (كالافتراضي ببرنامج زوم مثلاً).
ولا يسمى النقد في غياب المنتقَد ضغطاً كذلك إلا إذا كان فاعلاً.
والضغط الفاعل يشترط فيه حضور من أنكر عليه في المسائل الخفية (المحتملة)، ليتمكن من الدفاع عن نفسه قبل أن يطير نقده كل مطير.
ويشترط في المسائل الظاهرة وصول النقد على وجهه.
فلابد مثلاً من معرفة من يوصله؟ ولماذا؟
فعمل المخبرين الأساسي هو جمع المعلومات الخفية، وقد يكون بعضهم معادياً للناقد أو جماعته، فيوصل النقد بطريقة مثيرة للفتن.
فنقد الناس علناً في أمور خفية محتملة بدون تمكينهم من الدفاع عن أنفسهم ظلم.
ولست أدري عما يتهم به البرهان من تواطؤ مع العلمانيين لمجرد الاستمرار في رئاسة البلد.
فقد اتهمه بعض في بداية الحرب بالتواطؤ مع المتمردين! وقد ثبت بطلان هذا الاتهام.
عبارات البرهان المنتقدة محتملة ما لم يكن معها قرائن أخرى.
ومما قيل في نقده أنه ذكر الصوفية ولم يذكر السلفيين الذين جاهد أفرادهم في حرب الكرامة! وكأن حواضن البشير تذكر جهاد السلفيين أكثر من ذكر الصوفية!
وقيل أنه سيعيد بناء القباب، ونسوا افتتاح البشير قبة البرعي!
وقيل أنه فاوض علمانيين، وكأن حواضن البشير لم يفاوضوا علمانيين!
ولماذا نستبعد احتمال أن يكون قصد البرهان اتقاء شر الداخل والخارج بعباراته الموهمة!
ولماذا نستبعد أن عباراته الشديدة في بعض من سانده وساند القضية هي بسبب شعوره بأنهم يبتزونه ويضغطون عليه ليعيد تمكينهم؟
وإذا افترضنا أن ما قيل في البرهان صحيح، فلم يترك لتؤثر فيه الكتلة الديمقراطية مع انتقاده بدون مبادرات فاعلة لتخفيف الشر؟
وفي الكتلة الديمقراطية مجموعة د. جبريل إبراهيم خليل، وهم حركيون.
وتعليق البرهان على مبادرة الكتلة الديمقراطية هو أنها محل دراسة، ولم يغلق الباب على غيرها.
عمر عبداللطيف محمد نور
لوند، السويد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق