أفضل الأعمال المحتويات من يُفتي في أحكام الجهاد؟
لقد تقرَّر عند أهل العلم أنَّ الجهاد بالنفس فرض كفاية في الأصل، فواجبات الإسلام العينية في باب العبادات لا تتعدى أركان الإسلام الخمسة، وما سوى ذلك من الواجبات العينية إما أنها تتعلق بأحكام المعاملات الدنيوية مثل النفقة على الأرحام، أو أنها تبع لغيرها.
الواجبات الكفائية قد تتعين على بعض الناس، فالجهاد يتعيَّن في حالات ذكرها أهل العلم، منها إذا استنفر الإمام ناساً بأعيانهم، ومنها إذا نذر المسلم الجهاد بنفسه.
إنَّ احتلال أجزاء من العالم الإِسلامي ليس فقط في العصر الحديث بعد سقوط الحُكم العثماني، الذي به انتهت الحدود الجغرافية الدينية وظهرت الحدود الوطنية القومية، فقد احتلَّ الكفار من الصليبيين والتتار والإنجليز والفرنسيين وغيرهم أجزاء من العالم الإسلامي، وبقوا في بعض الأحيان عشرات السنين، وقبل أن يستعدَّ المسلمون لإِخراجهم لم نجد من العُلماء السابقين مثل هذه الفتاوى الحماسيَّة التي تجعل الجهاد بالنفس فرض عين على كلِّ الأمَّة وتؤثِم الجميع، أم أنَّ كلَّ السابقين قد فسدوا وركنوا إلى الدُّنيا في نظر هؤلاء؟!
أفضل الأعمال المحتويات من يُفتي في أحكام الجهاد؟
لقد تقرَّر عند أهل العلم أنَّ الجهاد بالنفس فرض كفاية في الأصل، فواجبات الإسلام العينية في باب العبادات لا تتعدى أركان الإسلام الخمسة، وما سوى ذلك من الواجبات العينية إما أنها تتعلق بأحكام المعاملات الدنيوية مثل النفقة على الأرحام، أو أنها تبع لغيرها.
الواجبات العينية التي تعد تبعاً لغيرها من الواجبات العينية والكفائية والمحرمات هي التي لا تستقل بذاتها كطلب العلم العيني، وكوجوب حضور الجمعة والجماعة، وكوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
بعض ما يطلق عليها واجبات هي في حقيقتها محرمات وليست واجبات كوجوب إعفاء اللحية فهو في حقيقته نهي عن حلقها، وكوجوب تغطية المرأة سائر بدنها عدا ما ظهر من زينتها، فهو في حقيقته نهي عن التبرج لأنه ليس فيه تكليف زائد على وصف اللبس، فهو نهي في صيغة الأمر.
الأدلة على أن الواجبات الشعائرية العينية لا تتعدى أركان الإسلام الخمسة كثيرة، منها؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه (أنَّ أعْرابِيًّا جاءَ إلى رَسولِ اللهِ صَلّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: يا رَسولِ اللهِ، دُلَّنِي على عَمَلٍ إذا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الجَنَّةَ، قالَ: تَعْبُدُ اللَّهَ لا تُشْرِكُ به شيئًا، وتُقِيمُ الصَّلاةَ المَكْتُوبَةَ، وتُؤَدِّي الزَّكاةَ المَفْرُوضَةَ، وتَصُومُ رَمَضانَ، قالَ: والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لا أزِيدُ على هذا شيئًا أبَدًا، ولا أنْقُصُ منه، فَلَمّا ولّى قالَ النبيُّ صَلّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: مَن سَرَّهُ أنَّ يَنْظُرَ إلى رَجُلٍ مِن أهْلِ الجَنَّةِ، فَلْيَنْظُرْ إلى هذا)، متفق عليه واللفظ لمسلم [١].الواجبات الكفائية قد تتعين على بعض الناس، فالجهاد يتعيَّن في حالات ذكرها أهل العلم، منها إذا استنفر الإمام ناساً بأعيانهم، ومنها إذا نذر المسلم الجهاد بنفسه.
وإذا قدر أن الكفاية لم تكتمل في جهاد بعينه، فحكمه هو أنه من المشابهات التي تشبه فرض العين [٢]، ومشابهات الواجبات لا تجب على كل الأعيان، وإنما تجب على الأقرب فالأقرب.
وذلك لما في إيجابها على جميع الأعيان من تعطيل المشابهات الأخرى، فهي إنما تجب على الأقرب فالأقرب من جميع الجوانب كالجندية والقدرة الجبلية والعمر والاستعداد والمكان.
فما أكثر الواجبات الكفائية! ووجود مُشابهات الواجبات أكثره بسبب عدم حصول الكفاية، وما أكثر النقص في أداء فروض الكفايات!
فمن أمثلة مُشابهات فروض الأعيان طلب العلم الشرعي الكفائي، لأن الكفاية فيه لم تحدث، فالمُسلمون بحاجة إلى طالب علم كبير في كل مسجد للتعليم والدعوة والإفتاء، فالمُفتي بحاجة إلى معرفة حال المُستفتي وليس فقط حال البلد.
فهذا لا يعني أن طلب العلم الشرعي الكفائي واجب على كل مسلم، فثمة واجبات كفائية أخرى كثيرة لم تحصل الكفاية فيها.
ومن الناس من يحسن غير العلم من الكفائيات أكثر، فيجب أن يسد كل مسلم ما يليه من ثغرات متعلقة بفروض الكفايات.
والجهاد بالنفس يجب على الجند أكثر من غيرهم بسبب العهد والتفرغ له بالمال العام، فالجندي عاهد الله سبحانه وتعالى ثم قيادته والناس على الدفاع عن الدين والأرض والناس وأعراضهم وممتلكاتهم.
وهذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فقد قال ما معناه أن القتال على الجند أوجب للعهد والرزق (الراتب).
وأول من أعطى العطايا للجند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان المقاتلون يعطون من الغنيمة.
وكان كل الناس مقاتلين في عهد الرسالة، ولكن النبي ﷺ ما كان يستنفر كل المقاتلين في كل حال.
بعض الناس جعلوا الجهاد بالنفس فرض عين على كلِّ الأمة في زماننا بفهم خاطئ وشبه واهية، حيث عمدوا إلى نصوص للفقهاء في جهاد الدفع فأنزلوها على واقعنا دون تحقيق المناط والنظر إلى الحال، ودون الرجوع إلى أهل العلم.
فإن قُدِّر وجود جهاد صحيح اليوم في بعض البلاد؛ فالأمر فيه بالنسبة للأعيان يدور بين عدم الحاجة إلى رجال أو وجود الحاجة وعدم إمكان استيعاب المقاتلين إما لقلَّة النفقة أو لأسباب ميدانية أو نحو ذلك، فكيف يكون مع ذلك الجهاد بالنفس فرض عين على كلِّ الأمَّة، وأنَّ تاركه آثم، وأنَّه لا يجب إذن الوالدين فيه؟
قد يقول بعض من يُغلِّب العاطفة على العقل والحكم الشرعي، إنَّ الله سبحانه وتعالى هو مقدِّر النَّفقة، ولا حاجة للإعداد لها، ولا شك أنَّ هذا خطأ، لأنَّ الله عز وجل قد أمر باتِّخاذ الأسباب.
وترك الأسباب من الغلوِّ في الأحكام، وهو قدح في العقل والشرع، والاعتماد على الأسباب شرك، وقد قال اللّه تعالى في حال خيرة المجاهدين وهم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ
لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا
وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ
(٩٢)} [٣].
إنَّ احتلال أجزاء من العالم الإِسلامي ليس فقط في العصر الحديث بعد سقوط الحُكم العثماني، الذي به انتهت الحدود الجغرافية الدينية وظهرت الحدود الوطنية القومية، فقد احتلَّ الكفار من الصليبيين والتتار والإنجليز والفرنسيين وغيرهم أجزاء من العالم الإسلامي، وبقوا في بعض الأحيان عشرات السنين، وقبل أن يستعدَّ المسلمون لإِخراجهم لم نجد من العُلماء السابقين مثل هذه الفتاوى الحماسيَّة التي تجعل الجهاد بالنفس فرض عين على كلِّ الأمَّة وتؤثِم الجميع، أم أنَّ كلَّ السابقين قد فسدوا وركنوا إلى الدُّنيا في نظر هؤلاء؟!
لقد تجرَّأ بعض الناس على القول بأنَّ الجهاد بالنفس فرض عين منذ سقوط الأندلس، والتي سقطت قبل قرون! فهل كلُّ العلماء في هذه الفترة قاعدون عن الجهاد آثمون؟ فما أجرأَ بعض الناس على الفتوى في دين اللّه عزَّ وجل بغير علم.
ولا يجوز للإنسان أن يُعرِّض نفسه لما لا يطيق من البلاء، إلا في أمر لابدَّ منه إذا ترجَّحت المصلحة، وإن جاز له تعريض نفسه للبلاء فإِنَّه لا يجوز له تعريض زوجته وأطفاله وغيرهم من المسلمين للبلاء مع عدم رجحان المصلحة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَيُّهَا النَّاسُ، لاَ
تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا
لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ
السُّيُوفِ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِىَ السَّحَابِ
وَهَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ) [٤].المصادر
[١] صحيح البخاري (١٣٩٧) و صحيح مسلم (١٤).
[٢] الواجبات العينية ومُشابهاتها.
[٣] سورة التوبة، رقم الآية ٩٢.
[٤] صحيح البخاري (٢٩٦٦)، كتاب الجهاد.
[٢] الواجبات العينية ومُشابهاتها.
[٣] سورة التوبة، رقم الآية ٩٢.
[٤] صحيح البخاري (٢٩٦٦)، كتاب الجهاد.
أفضل الأعمال المحتويات من يُفتي في أحكام الجهاد؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق