بلاد اختلال الأوقات وسببه وأمثلته

من أقوال العلماء في المسألة       المحتويات       الصوم الطويل والخلل في النوم والأوقات
البلاد ذات خطوط العرض العالية الدرجات هي البلاد التي تقع فوق خطي العرض 48o شمالاً و 48o جنوباً، وتشمل بلاداً في شمال الأرض وجنوبها، وأكثر البلاد التي فيها سكان في هذه المناطق تقع  في شمال الأرض.
وتشمل في النصف الشمالي من الكرة الأرضية أجزاء  شمالية من آسيا وأوروبا وكندا وأمريكا الشمالية، ومنها؛ سايبريا، والدول الاسكندنافية، وكندا، وولاية ألسكا في أمريكا، وأجزاء من الولايات الشمالية من الولايات المتحدة الأمريكية والتي تقع دون خط عرض 50o ش.
أما بقية دول القارة الآسيوية التي تقع دون روسيا وفوق خط عرض 48o ش، فهي؛ شمال كازخستان، وشمال منغوليا، وأجزاء قليلة جداً في شمال الصين.
وفي أوروبا تشمل البلاد ذات خطوط العرض العالية الدرجات دولاً عديدة، منها في أقاصي الشمال؛ دول اسكاندنافيا (آيسلندا، النرويج، السويد، فنلندة، الدنمارك)، ودول اسكاندنافيا تشمل في أقاصي الشمال؛ جزر سفالبارد التي تتبع للنرويج، وجزيرة غرينلاند التي تتبع للدنمارك.
ومن الدول الأوروبية التي تقع دون دول اسكاندنافيا وفوق خط عرض 48o ش؛ بريطانيا والتي تمتد حتى خط عرض 60o ش، وآيرلندا، واستونيا، ولاتفيا، ولتوانيا، وبولندا، وبلاروسيا أو روسيا البيضاء، ولوكسمبورغ، وبلجيكا، وهولندا، وأجزاء كثيرة من شمال ألمانيا، وأجزاء شمالية من فرنسا، والأجزاء الشمالية من أوكرانيا، والأجزاء الشمالية من اسلوفاكيا، والأجزاء الشمالية من جمهورية التشيك.
وأما في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، فتشمل الأجزاء الجنوبية من الأرجنتين وتشيلي في أمريكا اللاتينية، وقارة أنتاركتيكا التي لا يوجد فيها سكان بصفة مستديمة.
يطول النهار صيفاً ويقصر شتاءاً، ويكون طول النَّهار وقصره أكثر كلَّما ابتعدنا شمالاً أو جنوباً عن خط الإِستواء، حيث يكون طول النهار والليل حوالي اثنا عشر ساعة ما بين خطي عرض 5o  شمالاً و 5o جنوباً، ويكون الطول والقصر أكثر اعتدالاً ما بين خطي عرض 23.5o ش (مدار السرطان) و 23.5o ج (مدار الجدي)، ويصل طول النهار واللَّيل عند القطبين، وهي كما هو معلوم مناطق خالية من السكان، إلى ستة أشهر لكل من الليل والنهار.
وبسبب انتقال تعامد الشمس ما بين مداري الجدي والسرطان فعندما يكون نصف الأرض الشمالي في فصل الصيف يكون نصفها الجنوبي في فصل الشتاء، ثم ينعكس الأمر بعد ستة أشهر.
السبب في هذه الظاهرة هو أنَّ تعاقب اللَّيل والنهار يحدث بسبب دوران الأرض حول محورها، ويكتمل هذا الدوران في أربع وعشرين ساعة، مما يجعل نصف الأرض الشرقي تحت ضوء الشمس خلال جزء من هذه الأربع والعشرين ساعة بينما نصفها الغربي في الوجه المعاكس للشمس، ثم تنعكس الظاهرة خلال ما تبقى من زمن.
إلا أنَّ محور دوران الأرض حول نفسها يميل عن المستوى الظاهري لمسير الشمس بزاوية مقدارها 23.5o تقريباً، مما يجعل أحد قطبي الأرض تحت ضوء الشمس رغم هذا الدوران لمدة ستة أشهر، وهي المدة التي تكتمل فيها نصف دورة للأرض حول الشمس كما هو مقرَّر حديثاً عند علماء الفلك  المعاصرين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ( فكلما كان البلد أدخل في الشمال؛ كان ليله في الشتاء أطول، وفي الصيف أقصر. وما كان قريباً من خط الإستواء يكون ليله في الشتاء أقصر من ليل ذاك. وليله في الصيف أطول من ليل ذاك. فيكون ليلهم ونهارهم أقرب إلى التساوي  ) [1].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ( فإن الشمس على أي موضع كانت مرتفعة من الأرض الارتفاع التام، كما يكون عند نصف النهار، فإنها تضيء على ما أمامها وخلفها من المشرق والمغرب، تسعين درجة شرقية، وتسعين غربية. والمجموع مقدار حركتها اثنتا عشرة ساعة، ستة شرقية، وستة غربية، وهو النهار المعتدل. ولا يزال لها هذا النهار لكن يخفى ضوءها بسبب ميلها إلى جانب الشمال والجنوب ) [2].
وقد ورد في سؤال عُرض على شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى قول القائل: ( الليل لا يستوي وقته في البلاد فقد يكون الليل في بعض البلاد خمس عشرة ساعة ونهارها تسع ساعات ويكون في بعض البلاد ست عشرة ساعة والنهار ثمان ساعات وبالعكس ; فوقع الاختلاف في طول الليل وقصره بحسب الأقاليم والبلاد وقد يستوي الليل والنهار في بعض البلاد وقد يطول الليل في بعض البلاد حتى يستوعب أكثر الأربع وعشرين ساعة ويبقى النهار عندهم وقت يسير ) [3].
ما بعد خطي عرض 48o ش و 48o ج إلى الشمال أو إلى الجنوب تختفي بعض أو كل العلامات الشرعية للصلاة والصوم خلال الأربع والعشرين ساعةً المعتادة تدريجياً، وأوَّل العلامات اختفاءاً هما علامتا الفجر والعشاء، وتختفيان في البلاد التي تقع ما بين 49o و 65.42¬o شمالاً وجنوباً في منتصف الصيف، وفي البلاد التي تقع فوق خط عرض 65.42o ش و 65.42o ج تختفي علامتا الشروق والغروب خلال الأربع والعشرين ساعة المعتادة في منتصف الصيف والشتاء.
وعندما يختفي الشروق والغروب في هذه البلاد شتاءاً ويستمر الليل فترات زمنية أكثر من أربع وعشرين ساعة، تختفي كل علامات الصلوات الخمس بسبب الليل.
كلَّما كانت المنطقة ذات خط عرض أعلى صار النهار أطول صيفاً، ويزداد طولاً كلما اقترب الزمن من منتصف الصيف، وكلما كانت المنطقة ذات خط عرض أعلى يكون النهار أقصر شتاءاً، فيصبح قصيراً جداً في منتصف الشتاء.
يصل طول النهار إلى أكثر من ثلاث وعشرين ساعة في منتصف الصيف في بعض البلاد، وفي بعضها يصل إلى ثلاثة أيام فأكثر إلى أن يصير طوله قرابة الستة أشهر عند القطبين.
وفي منتصف الشتاء يصل طول النهار إلى أقل من ساعة، وفي بعض المناطق يستمر الليل إلى ثلاثة أيام فأكثر إلى أن يصير طوله قرابة ستة أشهر عند القطبين التي ليس فيها بشر.
الصيف والشتاء يتعاقبان على النصف الشمالي والجنوبي من الكرة الأرضية، وأطول يوم في الشمال هو يوم 20 و21 و22 يونيو وهو منتصف الصيف فيه، وهو أقصر يوم في الجنوب وهو منتصف الشتاء فيه، وأما أقصر يوم في الشتاء فهو يوم 21 و 22 و23 ديسمبر في النصف الشمالي من الكرة الأرضية وهو منتصف الشتاء فيها، وهو أطول يوم في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية وهو منتصف الصيف فيها.
في مدينة ريمَرِنمَتلة بفنلندة ومدينة غيجاوري بالسويد واللتان تقعان على خط عرض 65.55¬o تختفي علامتا الشروق والغروب لمدة اثني عشر يوماً، وهي الأيام ما بين 15 إلى 26 يونيو؛ موقع لحساب الشروق والغروب بإدخال خطي الطول والعرض.
الشروق في يوم 21 يونيو على خط عرض 65.42¬oش عند الساعة 23:15 والغروب عند الساعة 23:29، وبناءاً عليه فإن عدد ساعات النهار في يوم 21 يونيو ثلاث وعشرون ساعة وست وأربعون دقيقة.
وتشرق الشمس في اليوم التالي؛ 22 يونيو على خط عرض 65.42¬oش حسب الموقع السابق عند الساعة 23:29 دقيقة، فيمتد ليلهم لأربع عشرة دقيقة فقط في منتصف الصيف.

المصادر

[1] مجموع الفتاوى (ج5/ص475)، الناشر؛ مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية، عام النشر؛ 1416هـ/1995م.
[2] مجموع فتاوى ابن تيمية (ج5/ص468)، الطبعة السابقة.
[3] مجموع فتاوى ابن تيمية (ج5/ص321-322)، الطبعة السابقة.
pdf
من أقوال العلماء في المسألة       المحتويات       الصوم الطويل والخلل في النوم والأوقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق