ثلاث شبه في الخوارج الجدد

الولاء الشرعي   المحتويات   إنصاف المخالف
الشبهة الأولى: أنهم ليسوا ممن "يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان".
رد هذه الشبهة هو أن الحديث لا يعني كما يتوهم البعض أنهم لا يقتلون أو لا يقاتلون الكفار الأصليين مطلقاً، وإنما المعنى أنهم يقدمون قتال المسلمين على قتال غيرهم، وهذا هو مذهب الخوارج قديماً وحديثاً، باعتبار أن كفر الردة أغلظ من الكفر الأصلي. مما يدل على ذلك أن الخوارج الأوائل الذين خرجوا زمن علي رضي الله عنه كانوا يستبيحون أهل الذمة، قال عبد الله بن شداد لعائشة رضي الله عنها: "والله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل، وسفكوا الدماء وقتلوا ابن خباب، واستحلوا أهل الذمة"، أخرجه والبيهقي وأحمد، وقال الألباني في إرواء الغليل صحيح على شرط مسلم.
قال شيخ الإسلام عن بعض أهل البدع: "يقاتلون العدو قتالاً مشتملاً على معصية الله من الغدر والـمُثلة والغلول والعدوان، ... إلى قوله: وربما رأوا قتال المسلمين أوكد، وبهذا وصف النبي صلى الله عليه وسلم الخوارج حيث قال: ((يقاتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان))،" [1].
الشبهة الثانية: أنهم لا يكفرون كل المسلمين.
رد هذه الشبهة هو أن الخوارج الأوائل لم يكونوا يكفرون كل المسلمين، قال شيخ الإسلام: "وهؤلاء الرافضة إن لم يكونوا شرا من الخوارج المنصوصين فليسوا دونهم ; فإن أولئك إنما كفروا عثمان وعليا وأتباع عثمان وعلي فقط ; دون من قعد عن القتال أو مات قبل ذلك" [2].
الشبهة الثالثة: أنهم لا يكفرون مرتكب الكبيرة.
ورد هذه الشبهة هي أن الخوارج الأوائل الذين خرجوا زمن الصحابة رضي الله عنهم لم يكفروا بالكبيرة، بل كانوا يكفرون بالذنوب وبغير الذنوب التي يعتقدونها ذنوباً ويسمونها حكماً بغير ما أنزل الله، فقد كفروا عثمان وعلي رضي الله عنهما وشيعتهما بما فعلوه من واجب التحكيم، قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "وإذا عرف أصل البدع فأصل قول الخوارج أنهم يكفرون بالذنب، ويعتقدون ذنبا ما ليس بذنب " [3].
والخوارج المعاصرون يكفرون بالذنوب وغير الذنوب مثل الأوائل، فهم يكفرون من يسمونهم أركان الدولة - مع اختلاف بينهم في تحديدهم - من مثل جنود وضباط الجيش والشرطة والوزراء والقضاة، وعند بعض غلاتهم الوظائف المدنية أشد كفراً، والمعلوم أن تولي مثل هذه الوظائف عسكرية كانت أم مدنية قد يكون محرماً أو مباحاً أو واجباً أو مستحباً، فإن كان توليها مشتملاً على فعل محرمات لغير ضرورة دينية أو دنيوية فهو ذنب، وإن لم يكن مشتملاً على فعل محرمات أو كان لضرورة فهو إما واجب أو جائز أو مستحب كما قرر ذلك أهل العلم.

المصادر

[1] الفتاوى الكبرى (ج6/ص360)، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1408هـ - 1987م.
[2] مجموع فتاوى ابن تيمية (ج28/ص477)، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.
[3] مجموع فتاوى ابن تيمية (ج3/ص355)، الطبعة السابقة.
pdf
الولاء الشرعي   المحتويات   إنصاف المخالف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق