مجرد الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي ليس دليلاً على صحة النظام، فكما تحقق استقرار وتطور في أنظمة ديمقراطية حزبية، فقد تحقق ذلك في أنظمة شمولية وسلطوية كالنظام الصيني.
يُمكن إجمال عيوب الأنظمة الديمقراطية الغربية من ناحية الاختيار في؛ الخداع والاحتكار بالحملات الانتخابية في انتخاب ممثلي الناس وبالتالي السلطات، وعدم الاختيار الحقيقي لرؤى الناس ومن يثق بهم من أهل التخصص، وهيمنة لوبٍ سري أو علنيٍ واحد، والتحايل بالحد من عدد الأحزاب المؤثرة مع التحكم في الأحزاب المؤثرة.
ويتم الحد من عدد الأحزاب وتمويلها المالي وفاعليتها بطرق تخالف المباديء الديمقراطية، وفي الديمقراطية الحزبية رشوة خفية، وذلك بتوفير فرص وظائف سياسية عليا لأعضاء الحزب الكبار، وللصغار عبر العلاقات ولو برئيس البلدية، ويتبع ما سبق ظلم في توزيع الثروة والسلطة.
ومع ما سبق فإن الأنظمة الديمقراطية الغربية أفضل من الأنظمة النصرانية التي كانت تحكم الغرب قبلها من ناحية اعتبار رؤى الناس وتمثيلهم.
عدد اليهود في الغرب قليل، ولا تتجاوز نسبة اليهود في كل العالم ٠.٢٪، ولهذا كان سبيل الصهاينة الوحيد للسيطرة في الغرب هو المكر والخديعة.
ولكن خداع الصهاينة خفي، لاحتوائه على صدق في فرز الأصوات والسماح بالتكتلات المدنية التي تحفظ كثيراً من الحقوق، والرشوة الانتخابية خفية لأنها مبنية فقط على طمع أعضاء الأحزاب في حظوظ شخصية عبر علاقاتهم مع قياداتهم.
وهذا الصدق الجزئي في الديمقراطية الحزبية الغربية يغطي على الظلم في اختيار السلطات وتوزيع الثروات، ويُخفي سبب هيمنة عدد قليلٍ من الناس على رؤوس الأموال، هذا إضافة لما في هذه التجربة من عدالة نسبية.
من أسباب سيطرة الصهيونية؛ اختيار رؤوس أهل الشوكة بتعيين ممن يفوز في الانتخابات التي يحتكرون الفوز فيها، وضمان فرص فوزهم في الانتخابات وحرمان الآخرين، لأن نقص هرمية الانتخابات يجعلها تعتمد على الحملات الانتخابية، والحملات تتطلب صرفاً مالياً كبيراً.
ومع أن وسائل التواصل الاجتماعي قللت الصرف المالي في الحملات الانتخابية، وكذا كثرة الأقمار الصناعية ورخص استئجار ساعات فيها؛ إلا أن الحملات الانتخابية لا زالت تتطلب مبالغ مالية ضخمة.
فهيمنة الصهاينة على رؤوس الأموال تمكنهم من السيطرة على السلطة التنفيذية، والسيطرة على السلطة التنفيذية تمكنهم من رؤوس الأموال، في دورة مستمرة، إضافةً إلى إعادة السيطرة على رؤوس أهل الشوكة؛ قيادات الجيش والشرطة والاستخبارات العسكرية والأمنية.
أغلب الناس في دولنا يعرفون أن الصهيونية مسيطرة على الغرب، ولكنهم قد يجهلون أن السبب الأساسي في سيطرة الصهيونية هو آليات الديمقراطية الحزبية نفسها.
ولأن عدم الفوز وارد بسبب علاقة السلطة التنفيذية المُباشرة بحياة الناس، حرص الصهاينة على التحكم في الحزب الحاكم والمعارض والتأثير في الأحزاب الصاعدة، وذلك لأجل ألا يُضطروا إلى الغش في فرز الأصوات الذي يسهل اكتشافه.
يدل على ذلك وجود حزبين كبيرين فقط غالباً بأسماء مختلفة في كل الغرب، أحدهما يميل إلى اليسار والاشتراكية والتحرر، والآخر يميل إلى اليمين والرأسمالية والمُحافظة.
فالحزبان الكبيران في دول الغرب هما مُسميان فقط بأسماء متعددة؛ في أمريكا؛ الجمهوري والديمقراطي، وفي بريطانيا؛ المحافظون والعمال، وفي بقية دول أوروبا؛ القومي أو الوطني أو الوسط أو المحافظون والاشتراكي أو الاشتراكي الديمقراطي أو الديمقراطي، وهكذا.
وقد انقلب الديمقراطيون الحزبيون كثيراً على الديمقراطية في خارج الغرب وداخله، وفي الداخل يتم الانقلاب على الديمقراطية إما بصورة خفية، مثل اختراق الأحزاب الصغيرة الصاعدة أو بالضغط عليها، وأحياناً تُترك بعض الأحزاب للصعود مرحلياً لتحقيق أهداف معينة.
فسبق وأن ضغط الاتحاد الأوروبي على حزب عنصري فاز بأغلبية في البرلمان في إحدى دول الاتحاد ليتخلى عن السلطة، والسبب معلوم؛ فأكثر من يتضرر من النازية والعنصرية هم اليهود.
صعود الأحزاب الصغيرة في السويد مثلاً عسير جداً، لأن الدولة تدعم الأحزاب بقدر ما عندها من أعضاء في البرلمان، مما يعني استمرار الحزبين الكبيرين في الفوز.
وفي الغرب كثيراً ما لا تتجاوز نسبة المشاركين في الانتخابات الخمسين بالمائة ممن لهم حق في المشاركة والتصويت، ولعل سبب ذلك هو قناعة الكثيرين بأنّ مشاركتهم لا تغير شيئاً.
من أسباب عدم الفشل في الغرب مع التعددية الحزبية المتنازعة على السلطة تحكم حزب واحد هو الصهيونية وأذرعها من اللوبيات السرية والعلنية.
فالغرب مستقر مرحلياً لوجود هذا اللوبي (حزب سري) يسيطر على الشوكة والمال والأحزاب والإعلام، ولولم يكن الغرب قوياً مالياً، لتمكن أعداؤه من اختراقه عبر أحزابه بما فيها حزبه المتحكم سراً.
فهذا اللوبي هو المسيطر على الأحزاب الكبيرة سراً وهو الذي يتحكم في الأحزاب الصاعدة باختراق أو احتواء بسلطات هامشية أو حدٍ من صعودها.
وهذا الحزب المتحكم سراً هو الضامن لعدم حدوث انقلابات عسكرية في الغرب بهيمنته على أجهزة الاستخبارات العسكرية والأمنية والقيادات العسكرية والحزبية.
وعضوية الأحزاب السياسية قائمة على تغليب تحقيق المصالح الشخصية من السلطة والثروة على المصالح العامة، ولذا فإن كثيراً من الناس في الغرب ينضمون إلى الأحزاب لأجل السلطة والجاه والثروة، ولهذا تجد من يُغيِّر حزبه بين عشية وضحاها من نظرية إلى ضدها.
من عُيوب الأنظمة الديمقراطية الغربية والمعاصرة عموماً ضعف هرمية الانتخابات، وهذا يجعل الفوز في الانتخابات يعتمد على الحملات الانتخابية التي يؤثر فيها مالكو المال والإعلام من أفراد ولوبيات سرية وعلنية، مما يؤدي إلى احتكار السلطة حتى مع حرية الانتخابات ونزاهتها.
ومن عيوب ضعف هرمية الانتخابات عدم قدرة الناخب على حُسن الاختيار، إما بسبب التصويت المُباشر لأعضاء البرلمان الاتحادي أو لرئيس البلاد ونحو ذلك، مما يؤدي إلى تصويت أكثر الناس لمن لا يعرفونهم معرفة مباشرة أو قريبة السند.
ففوز المرشح في الأنظمة الديمقراطية الحزبية يعتمد على التأثير الإعلامي والمال، فهو يعتمد على دراسة كيفية استقطاب أصوات الناخبين بالمعرفة بشرائح المجتمع خاصة التي تشارك بالتصويت، ويعتمد الفوز على قدرة المرشح الخطابية بنفسه أو بمساعدة اللوبيات.
واللوبيات تُساعد المُرشح الذي تريد أن يفوز بما تمتلك من قدرات مالية وموارد بشرية في خطاباته أثناء الحملة الانتخابية وفي برنامجه الانتخابي بناءاً على أسس مدروسة، فيفوز غالباً في الانتخابات في الأنظمة الديمقراطية الحزبية من كان أقدر على خداع الناخبين والضرب على الوتر الحساس كما يُقال.
وبالتالي فإن حقيقة الأنظمة الديمقراطية الحزبية أنها جبرية (دكتاتورية) مقنعة، يدل على ذلك انقلاب الديمقراطية الغربية على مبادئها إذا أتت بمن لا يرغب فيه الحزب المتحكم سراً ودعمها لأنظمة جبرية في دول خارجية، ولهذا أيضاً لا يتعدى تغيير السياسة الخارجية في الغرب تغيير التكتيكات.
والقادة في الغرب بمن فيهم رئيس البلد إما أنهم ينتمون للحزب المتحكم سراً أو مجرد دمية يتلاعب بها الحزب المتحكم سراً عبر بأسه واستخباراته وماله وإعلامه وتأثيره الخفي والعلني في الأحزاب السياسية ومفاصل الدولة وكثير من المنظمات المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق