كوشيّو السودان أخوال عُربهم، فهم شعوب وقبائل بينها رحم، وهم أمّة واحدة وقوم واحد، والنسب بالآباء والأعمام، والمؤثّر في السلوك يُورث منهم.
المحتويات
١. تمهيد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.رجوع إلى قائمة المحتويات
تحرص الصهيوماسونية على تشكيك القبائل العربية السودانية في نسبهم وزرع الفتنة بين القبائل.
تحرص الصهيوماسونية على تشكيك القبائل العربية السودانية في نسبهم وزرع الفتنة بين القبائل.
واليهود يعتنون بالأنساب، ومنها ما هو مكتوب في مقدسهم.
والنسب بالآباء، والرحم بالآباء والأمهات.
ورحم الأم أولى بالصلة من رحم الأب، وذلك لحديث تفضيل صلة الأم، ولأن من البر صلة أهل ود الأب، فأهل ود الأم أولى.
الكوشيون حسب روايات بني إسرائيل نسبة إلى كوش بن حام بن نوح عليه السلام.
وفي صحيح البخاري؛ (وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) [١].
وهذا فيما لا نصدقه ولا نكذبه (مشكوك فيه)، لأنه قد يثبت بالبحوث والآثار، فالشك (تساوي الاحتمالين) مطروح.
رجوع إلى قائمة المحتويات
إذا صح أنّ سكان السودان الأصليّين كوشيّون، فلا شك أنّ كوشيّي السودان أخوال عُربهم.
إذا صح أنّ سكان السودان الأصليّين كوشيّون، فلا شك أنّ كوشيّي السودان أخوال عُربهم.
فالسودانيّون شعوب وقبائل بينها رحم، وهم أمّة واحدة وقوم واحد.
فالأمّة لغةً من القصد، والأمّة من الناس هي الجماعة التي لها مقصد مشترك يعملون له.
والقوم لغةً من القيام، فالقوم هم الجماعة من الناس التي لها جامعة يقومون لها.
وجامعة الدين قبل الرحم، ويضاف إليهما؛ جامعة الذمة (الوطن السياسي)، وجامعة الأوطان الحقيقية التي يضمها الوطن السياسي.
قال رسول الله ﷺ: (إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيراً، فإن لهم ذمة ورحماً)، رواه مسلم بلفظ مختلف.
فبنو إسماعيل والقبط شعبان بينهما رحم بدرجة رحم الشعب الواحد، لأنّ القبط أخوال بني إسماعيل، فإنّ هاجر أم إسماعيل عليهما السلام قبطيّة.
والشعب هو أعلى نسب.
وهذا هو معنى الشعب في قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.
فالقوم أوسع من الشعب، لأن القوم من لهم جامعة أياً كانت، والشعب من لهم جامعة نسب إلى أب واحد.
فكل شعب قوم وليس كل قوم شعباً.
ومن أمثلة الشعوب؛ القحطانيون والعدنانيون وبنو إسماعيل.
قال ابن منظور رحمه الله في معنى الأمّة: (وأصل هذا الباب كله من القصد. يقال: أممت إليه إذا قصدته، فمعنى الأمّة في الدين أنّ مقصدهم مقصد واحد) [٢].
وقال في معنى القوم: (قال ابن الأثير: القوم في الأصل مصدر قام) [٣].
رجوع إلى قائمة المحتويات
نسب القبائل السودانية العربية وغير العربية هو بسبب أن النسب بالآباء والأعمام.
نسب القبائل السودانية العربية وغير العربية هو بسبب أن النسب بالآباء والأعمام.
والنسب بالآباء أجمع عليه المسلمون واليهود والنصارى وكان هو عرف العرب وغيرهم.
والصفات التي لها صلة بالسلوك كشدة الغضب والحلم تُورث من جهة الآباء والأعمام.
قال رسول الله ﷺ لأشج عبد القيس: (إن فيك خلتين يحبهما الله: الحلم والأناة، قال: يا رسول الله، أنا أتخلق بهما، أم الله جبلني عليهما؟ قال: بل الله جبلك عليهما) [٤].
وفي الشعوب والقبائل والأفراد تنوع في الذكاء والقدرات [٥].
ويُسمى الأرحام من جهة الأب أعماماً تغليباً، وأما في الأفراد؛ فعم الأم عمٌ عالٍ وخال الأب خال عالٍ [٦].
دلالة نصوص القرآن والسنة على أن النسب بالآباء بينة؛ كبني إسرائيل وبني إسماعيل وآل عمران.
وقال الله تعالى: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: ٥].
والنسب بالآباء بيِّن كذلك في اليهوديّة والنصرانيّة.
نوح عليه السلام هو أبو البشرية الثاني في الإسلام واليهودية والنصرانية مع رجحان أن زوجات أبنائه ليسوا بناته، والأبلغ هو أن زوجاته لسن بناته.
قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ﴾، وعليه يحمل معنى؛ ﴿ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا﴾، وذلك بموت من كان معه دون عقب.
وكل البشر كانوا قوم نوح عليه السلام لقلتهم.
ولم يعم الطوفان كل الأرض مع أنه أهلك كل البشر عدا القليل، لأن البشر كانوا محصورين في بلاد معينة.
من الإسرائيليات أن أبناء نوح عليه السلام ثلاثة، وهم؛ حام وسام ويافث.
ومن الإسرائيليات أن أبناء حام هم؛ كوش جد السودان (السود) كالنوبة والبجة والزغاوة، وقبط جد القبط، وكنعان جد قدامى الشاميين، وفوت جد الأمازيغ.
ومن الإسرائيليات؛ العرب والفرس والروم ساميون، والهنود وقدامى الشاميين والقبط والبربر والنوبة والزغاوة حاميون، والترك والمغول والصقالبة يافثيون.
وثمة خلافات فرعية كثيرة في الأنساب، فثمة من عد بعض السودان (السود) كنعانيين ونسبهم إلى كوش بن كنعان بن حام.
ويبدو أنهم متفقون على أن كل السودان حاميون نسبةً إلى حام بن نوح عليه السلام.
قال السمعاني رحمه الله تعالى: (الزنج والحبش والنوبة وزغاوة وفران، هم ولد رغيا بن كوش بن حام، وقيل: السودان من بني صدفيا بن كنعان بن حام) [٧].
وقال ابن خلدون رحمه الله تعالى: (فبنو حام بن نوح بالحبش من ولد حبش بن كوش بن حام، والنوبة من ولد نوبة بن كوش بن كنعان بن حام فيما قاله المسعودي، وقال ابن عبد البر إنهم من ولد نوب بن قوط بن مصر بن حام، والزنج من ولد زنجي بن كوش، وأمّا سائر السودان فمن ولد قوط بن حام فيما قاله ابن عبد البر، ويقال: هو قبط بن حام) [٨].
ويبدو أن أصول ألوان الناس ثلاثة؛ اللون الأزهر (الأبيض المشرب حمرة) كلون الأوربيين، والأبيض كلون الصينيين، والأسود.
ويبدو من ألوان الناس وأشكالهم والإسرائيليات أن العرب العاربة ساميون أخوالهم كوشيون حاميون، وأن الترك يافثيون أخوالهم ساميون، وأن من أخوال الهنود يافثيون ومنهم كوشيون.
وهذا لاستبعاد جواز زواج الأخت في شرعتهم، فإذا كان لسام مثلاً أكثر من زوجة، فأولاده منهن إخوة لأب.
وإذا جاز زواج الإخوة لأب في شرعتهم، فزوجات أولاد نوح قد لا يكن بناته، وإذا كن بناته، فقد يكن أخوات لأب، ما أدى لاختلاف ألوان الناس.
ومما يؤكد أن النسب بالآباء في اليهودية والنصرانية أنهم يعدون موسى عليه السلام وذريته من بني إسرائيل مع أن زوجته كوشية في رواياتهم.
وهم يحافظون على أنسابهم، فدل على أن نسب زوجته الكوشي لا يؤثر في نسب ذريته.
والنوبة هم كوشيو مصر وما جاورها على قول.
وقيل كنعانيون أولاد نوبة بن كوش بن كنعان بن حام [٨].
مما يؤكد نسب القبائل العربية في السودان ما يلي؛
١. انتسابها للعرب.
وانتساب القبائل إلى شعب معتبر لاستفاضته خلافاً لانتساب الأفراد الذي يفتقر إلى بينة، وهو معنى قول الفقهاء "الناس مؤتمنون على أنسابهم"، فلم يقولوا؛ الرجل مؤتمن على نسبه.
٢. تواتر الروايات في أن هجرات العرب للسودان كانت جماعية وأنهم كاثروا السكان الأصليين، ونقله المؤرخون كالمقريزي في "البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب".
٣. لغتهم العربية وتميزها بكلمات فصيحة.
٤. سحنتهم المزيج المميزة، وهو مما يؤكد كثرة التزاوج.
ويزيده تأكيداً؛ التطابق الكبير بين رطانة نوبة الشمال ورطانة نوبة جبال النوبة مع اختلاف واضح في سحناتهم.
ومن يظن من نوبة الشمال اختلاف رطانة نوبة جبال النوبة فقد يكون بسبب جهله بأن بعض قبائل جبال النوبة ليسوا نوبة.
٥. حرص العرب على المحافظة على أنسابهم.
ولذا كانوا ولا زالوا لا يزوجون بناتهم بغيرهم بينما يقبلون زواج أبنائهم بغيرهم.
٦. مما أغرى العرب بزواج بنات النوبة؛ تقديم النوبة أبناء البنات، فملك النوبة كان يرثه ابن البنت أو ابن الأخت.
واليهود يعرفون صحة نسب القبائل العربية السودانية.
فسحنات اليهود متعددة بمن فيهم من ينتسب إلى إسرائيل عليه السلام (الأسباط الاثني عشر، يوسف عليه السلام وإخوته الإحدى عشر).
فيهود إثيوبيا (الفلاشا) يشبهون الحبش، وهم ينتسبون ويُنسبون إلى إسرائيل عليه السلام.
ففي من ينتسب إلى إسرائيل عليه السلام سحنات أوروبية وعربية وحبشية بسبب تشردهم وزواجهم من شعوب متعددة.
الامتزاج قد يجمع خصالاً حميدة [٩].
فالنبي ﷺ من بني إسماعيل، وهم مزيج، ولذا سماهم بعض النسابة بالعرب المستعربة.
وذلك لأن إسماعيل عليه السلام تزوج من قبيلة جرهم، وهي قحطانية، ولسانها عربي عند بعضهم، ويظهر أنه ترجيح ابن عباس رضي الله عنهما.
ففي صحيح البخاري قال ابن عباس رضي الله عنهما في قصة إسماعيل عليه السلام مع جرهم: (وشب الغلام وتعلم العربية منهم) [١٠].
وفي الحديث عن فَرْوَةَ بنِ مُسَيك المُرَادي أن رسول الله ﷺ قال: (وأنزل في سبإ ما أنزل، فقال رجل: يا رسول الله، وما سبأ، أرض أو امرأة؟ قال: «ليس بأرض ولا امرأة، ولكنه رجل ولد عشرة من العرب فتيامن منهم ستة، وتشاءم منهم أربعة. فأما الذين تشاءموا فلخم، وجذام، وغسان، وعاملة، وأما الذين تيامنوا: فالأزد، والأشعريون، وحمير، ومذحج، وأنمار، وكندة». فقال رجل: يا رسول الله، وما أنمار؟ قال: «الذين منهم خثعم، وبجيلة») [١١].
وإبراهيم غير عربي (بابلي حسب المتداول)، وهو والد إسماعيل عليهما السلام، يؤكده أن بني إسرائيل ليسوا عرباً.
ولا شك في أن أم إسماعيل عليه السلام غير عربية (قبطيّة) لورود هذا في السنة.
وكثير من مصريي زماننا عرب نسباً إن لم يكن أكثرهم.
وأما كون النبي ﷺ عربي مع أن جده إسماعيل عليه السلام غير عربي، فهو بسبب المعنى العرفي لكلمة العرب.
فالعروبة لسانٌ في أصلها، وقيل عن أفصح أو أول من تكلم بالعربية أنه يعرب بن قحطان.
ثم صارت رحماً من جهة الأخوال لبني إسماعيل الأوائل على القول بأن قحطان ليس من بني إسماعيل.
وأما على القول بأن قحطان من بني إسماعيل، فالمستعربة هم بعض بني إسماعيل (العدنانيون).
ولا شك في نسبة العدنانيين إلى إسماعيل عليه السلام لأن النبي ﷺ منهم.
ثم صارت العروبة نسباً عرفاً لأنها أطلقت على العاربة (القحطانيين) والمستعربة (العدنانيين أو كل بني إسماعيل).
ولكلمة العرب معان أخرى حسب موردها في الجمل، فقد يراد بها إضافة لظاهرها (العرب نسباً)؛ العرب لساناً ورحماً وموالي (متجنسون أو مستوطنون).
قيل عن مجمع البحرين أنه مقرن النيلين في الخرطوم، فقد ورد عن بعض المفسرين أنه بإفريقية.
يرجح هذا القول قربه من مصر وأن مجمع اسم مكان من الجمع، فلو كان مصب النيل لقيل ملتقى البحرين من اللقاء.
ولذا فإن العبد الصالح الذي وجده موسى عليه السلام وفتاه قد يكون من الخرطوم.
وذكر ابن كثير أن سحرة فرعون من السودان (السود)، وهم الذين؛ ﴿قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ [طه: ٧٢].
وسبق أنه قد ورد في الإسرائيليات أن زوجة موسى عليه السلام كوشية، وأن كوشيي مصر وما جاورها هم النوبة على القول بأن النوبة كوشيين، وأن ثمة من نسب النوبة إلى الكنعانيين.
فهذا قد يدل على زاوج بعض بني إسرائيل ببنات النوبة.
يرجحه أن موسى عليه السلام كان شديد السمرة بينما يترجح أن إبراهيم عليه السلام كان أزهر اللون (أبيض مشرب حمرة).
ولأن موسى من ذرية إبراهيم عليهما السلام (من بني إسرائيل)، فشدة سمرته قد تكون بسبب أن له أخوال كوشيون.
فقد ورد في الصحيحين عن موسى عليه السلام أنه آدم.
وأما لون إبراهيم عليه السلام، فقد يدل عليه ما صح في السنة من أنه أقرب الأنبياء شبهاً بالنبي ﷺ.
والنبي ﷺ كان أزهر اللون كما في الصحيحين.
والأزهر هو الأبيض المشرب حمرة كما ورد التصريح بذلك عند الحاكم.
والرومان (الأوربيون) زُهر، وحسب الروايات المتداولة؛ الرومان من ولد العيص بن إسحق بن إبراهيم، وإبراهيم عليه السلام بابلي.
تعليقاً على رواية البخاري؛ (وأما موسى فآدم جسيم سبط كأنه من رجال الزُّط)، قال ابن حجر رحمه الله: (الزط؛ بضم الزاي وتشديد المهملة جنس من السودان) [١٢]، يعني السود.
فالعرب تقول السودان للسود والبيضان للبيض.
فإذا أرادوا بلداً قالوا بلد السودان.
قال ابن منظور رحمه الله تعالى: (والبيضان من الناس: خلاف السودان) [١٣].
السودان الحالي سماه كذلك محمد علي باشا الألباني عام ١٨٢٤م فترة الحكم التركي (١٨٢١-١٨٨٥م) [١٤].
وكانت في السودان قبل ذلك مملكتين كبيرتين؛ مملكة سنار العربية الإسلامية (١٥٠٤-١٨٢١م)، وسلطنة دارفور الإفريقية الإسلامية (١٦٠٣-١٨٨٦م).
وعُرفت مملكة سنار أيضاً بسلطنة الفونج والسلطنة الزرقاء.
ومن الممالك الصغيرة؛ مملكة كوكا، مملكة الخاسة، مملكة تقلي، مملكة المسبعات.
فيما صح في لون موسى عليه السلام أنه شديد السمرة تكذيبٌ لمن يزعم من اليهود والنصارى أن سواد الكوشيين بسبب اللعنة المزعومة التي جعلت كثيراً منهم يعتقدون أن كل أبناء حام عبيد سودهم وبيضهم.
وسبق أنّ من الإسرائيليّات في أبناء حام أنّ؛ كوش جد السودان، وقبط جد القبط، وكنعان جد قدامى الشاميّين، وفوت جد البربر.
ترجع قصة استعباد الحاميين إلى قصة مختلقة في مقدس اليهود والنصارى فيها أن حام بن نوح أخطأ فلعن نوح كنعان بن حام! ودعا عليه بأن يكون نسله عبيداً، ثم زعم بعض شراح مقدس اليهود والنصارى أن لون السود يعود إلى تلك اللعنة.
ومما يكذب هذه القصة من مقدس اليهود والنصارى أنه مكتوب فيه أن الإنسان لا يعاقب بجريرة غيره، فكيف يكون المخطيء حام ويلعن ابنه كنعان؟
ومما يكذب تفسير سواد كوش باللعنة من مقدس اليهود والنصارى أنه مكتوب فيه أن زوجة موسى عليه السلام كوشية.
وقد يكون تعدد ألوان الحاميين بسبب تعدد زوجات حام وأنهن من غير نوح عليه السلام.
وبعضٌ يسأل؛ هل في السودان (القوم السود) رسل؟ وهو سؤال ساخر يُطرح مزاحاً أحياناً، والمزاح بهذه الطريقة مستقبح.
وقد قال الله تعالى: ﴿وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾.
وما كان للمسلمين البيضان اتباع اليهود والنصارى في السخرية من السودان، كما لا ينبغي للسودان أن يسخروا من البيضان.
ولم يثبت تفضيل الساميين بنصوص الكتاب والسنة، بل لم يثبت بالنصوص أن أبناء نوح عليه السلام هم سام ويافث وحام، فالأحاديث فيهم ضعيفة، وما نقل عن السلف فيهم كابن عباس رضي الله عنهما هو من باب التحديث بالإسرائيليات.
ولو افترضنا صحة تفضيل الساميين، فالغالب أن أخوالهم جميعاً حاميون أو يافثيون.
والسبب هو استبعاد أن يتزوج الأخ أخته، فحتى ولو افترضنا أن لسام عدداً من الزوجات، فأولاده منهن إخوة لأب.
وإذا افترضنا جواز زواج الإخوة لأب في شريعة نوح عليه السلام ومن بعده، فما هو دليل بقاء تفضيل الجنس السامي إلى يوم القيامة؟
ولا ينبغي لمسلم أن يتشبه باليهود الذين يفتخرون بنسبهم الإسرائيلي وبالجنس السامي.
وكان اختيار بني إسرائيل بعلم الله وحكمته؛ ﴿وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [الدخان: ٣٢].
وقد نزع الله الخيرية منهم بعدله كما اختارهم بعلمه، فبعض الصفات الحميدة سلاح ذو حدين كالقلم يكتب به الخير والشر.
فليس بين الله تعالى وبين خلقه نسب؛ ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾.
ولما جعل الله سبحانه وتعالى رسالة آخر الزمان في بني إسماعيل حسدهم اليهود فكفروا، وكان كل رسول يبعث إلى قومه خاصة.
قال الله تعالى: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٥٤].
وقال تعالى ذكرُهُ: ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ [البقرة: ۹۰].
قال رسول الله ﷺ: (إنَّ الله عز وجل قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي وفاجر شقي، أنتم بنو آدم وآدم من تراب، ليدعنَّ رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن).
عمر عبداللطيف محمد نور
لوند، السويد
الثلاثاء ١٧ محرم ١٤٤٦هـ، ٢٢ يوليو ٢٠٢٤م
[١] صحيح البخاري (٣٤٦١).
[٢] لسان العرب (ج١٢/ص٢٧) - ابن منظور (ت ٧١١).
[٣] لسان العرب (ج١٢/ص٥٠٥) - ابن منظور (ت ٧١١).
[٤] صحيح أبي داود (٥٢٢٥).
[٥] تنوع الذكاء والقدرات.
[٦] من هم الأرحام؟
[٧] الأنساب للسمعاني (ج١٣/ص١٩١).
[٨] تاريخ ابن خلدون (ج٦/ص٢٦٤).
[٩] ولم يستح إنسان من أصله؟
[١٠] صحيح البخاري (٣٣٦٤).
[١١] أخرجه أبو داود (٣٩٨٨)، والترمذي (٣٢٢٢) وقال؛ حسن غريب، وقال الألباني؛ "حسن صحيح" في صحيح الترمذي.
[١٢] فتح الباري لابن حجر (ج٦/ص٤٨٥).
[١٣] لسان العرب (ج٧/ص١٢٣).
[١٤] مقال لأبي كنانة على قناته في تلغرام قال فيه: (وأما تخصيصه اسماً لبلدنا: فأول من أطلقه عليه سياسياً هو محمد علي باشا التركي الألبانيّ عام ١٢٣٦هـ، ثم نشره الإنجليز من بعده وأذاعوه، كما أفاده النسابة الفحل بن طاهر النافعي الجعلي العباسي (ت ١٣٩٥هـ) والمؤرخ أ. د. يوسف بن فضل الجعلي).
[٢] لسان العرب (ج١٢/ص٢٧) - ابن منظور (ت ٧١١).
[٣] لسان العرب (ج١٢/ص٥٠٥) - ابن منظور (ت ٧١١).
[٤] صحيح أبي داود (٥٢٢٥).
[٥] تنوع الذكاء والقدرات.
[٦] من هم الأرحام؟
[٧] الأنساب للسمعاني (ج١٣/ص١٩١).
[٨] تاريخ ابن خلدون (ج٦/ص٢٦٤).
[٩] ولم يستح إنسان من أصله؟
[١٠] صحيح البخاري (٣٣٦٤).
[١١] أخرجه أبو داود (٣٩٨٨)، والترمذي (٣٢٢٢) وقال؛ حسن غريب، وقال الألباني؛ "حسن صحيح" في صحيح الترمذي.
[١٢] فتح الباري لابن حجر (ج٦/ص٤٨٥).
[١٣] لسان العرب (ج٧/ص١٢٣).
[١٤] مقال لأبي كنانة على قناته في تلغرام قال فيه: (وأما تخصيصه اسماً لبلدنا: فأول من أطلقه عليه سياسياً هو محمد علي باشا التركي الألبانيّ عام ١٢٣٦هـ، ثم نشره الإنجليز من بعده وأذاعوه، كما أفاده النسابة الفحل بن طاهر النافعي الجعلي العباسي (ت ١٣٩٥هـ) والمؤرخ أ. د. يوسف بن فضل الجعلي).
هل هنالك إنجازات تاريخية لعلماء سودانيين في الدين... محدثين.. . تحقيقا.. أو مخطوطات... الخ .؟ البعض ذكر مفاخر للحبش والنيجر ومالي وغيرها.. ولم يجد للسودان غير طبقات ود ضيف الله الشاذة الأفكار والمعتقدات..؟؟؟
ردحذف