تضاف هذه الرؤية العملية الكلية (الاستراتيجية) إلى طريقين شرعيين متبعين للإصلاح السياسي عند الناس، ويستبعد الطريق الثالث المتبع لعدم الاضطرار إليه بعد هذه الرؤية.
التصور الموجود للإصلاح السياسي عند الناس يمكن حصره فيما يبدو لي في ثلاثة طرق، وهي إما؛
١. سعي حزبي للسلطة بانقلاب أو قتال أو خوض معترك سياسي.
٢. تخفيف الشر بالمشاركة الفردية (وهذه أحكام استثنائية، والمشاركة باسم جماعة يعود للطريقة رقم ١).
٣. الاكتفاء بما لا خلاف فيه من نحو؛ نصح الحاكم سراً إذا تيسر، والنهي عن الخروج والفوضى.
ولا يوجد خلاف في أن العناية بإصلاح المجتمع هي أهم سبل الإصلاح السياسي، ولذا لم أذكرها كطريقة رابعة.
وفي هذا الطرح طريق جديد يضاف لأكثر ما سبق، وهو السعي لتشوقة البلد إضافة للطريقتين الثانية والثالثة.
فغياب أو تغييب الرؤية العملية الكلية (الاستراتيجية) يؤدي إلى ضعف واهتزاز في المواقف التفصيلية لا سيما الطارئة.
وبدون رؤية عملية كلية لن يكون للمصلحين السياسيين تأثير سياسي قوي.
فلا يمكن مثلاً معرفة موضع شرفة المنزل من غير وضع خرطة متكاملة للبيت، فكذلك من غير رؤية بعدية المدى، فإن الحلول المرحلية تكون أكثرها مجرد مسكنات للألم، ولذا يلاحظ أن بعض من يتحدث في الإصلاح السياسي لا يكاد يتجاوز الأحكام الاستثنائية المتعلقة بالموازنات الشرعية بين المصالح والمفاسد.
ومن غير تصور شرعي عملي متكامل لكيفية إدارة بلدنا سياسياً وفق الأسس الشرعية؛ يصعب على الفقيه والمصلح السياسي أن يجيب إجابة صحيحة على أسئلة فقهية وتساؤلات عملية حول الموقف الشرعي مما يحدث من طاريء أو اضطراب سياسي.
لذا أدعو الفقهاء والمصلحين لقراءة الأطروحة التي سميتها؛ "التَّشْوَقِيَّة الشرعية بديلاً للديمقراطية الوضعية" ضمن أربع رسائل في السياسة الشرعية؛ pdf، رابط الموقع.
ومن أسباب فشل تجارب معاصرة في إقامة نظام شرعي أو عدم النجاح فيه بعد الوصول إلى السلطة؛ عدم وجود تصور لديهم للسياسة الشرعية في الظروف المعاصرة.
ولهذا تخبط نظام الإنقاذ في السودان الذي تبنى ما أسماه بالمشروع الحضاري الإسلامي، فكانت البداية بانقلاب عسكري، وكانت النهاية بتعددية حزبية مدعاة، ثم تشقق حزبهم مما ساهم في زوال مشروعهم.
وتشقق الأحزاب أمرٌ متوقع كما وضحت التشوقة، ويظهر أثر التشقق سريعاً حال الضعف وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والضغوط الخارجية.
فبعض من ينادون بتطبيق الشريعة يتبنون الديمقراطية الوضعية نظرياً ويخالفونها واقعياً أسوة بالغرب حيث تسلط الصهيونية كحزب سري علني وخداع الناخبين عبر الحملات الانتخابية، ولهذا لم يطبقوها في السودان.
عمر عبداللطيف محمد نور
لوند، السويد
الخميس 11 صفر 1441ه، 10 أكتوبر 2019م
لوند، السويد
الخميس 11 صفر 1441ه، 10 أكتوبر 2019م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق