المُتَسَوْرِر وقدامى أصحابه

إذا كان المُتَسَوْرِر صادقاً فلماذا يركز على الاختراقات الاستخبارية في قدامى أصحابه دون آخرين؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
لم أذكر أسماء أشخاص ولا هيئات للفت الانتباه إلى المسميات دون التوقف عند الأسماء، والمعاني دون التوقف عند الأشكال والمباني.
ولأن ذكر الأسماء والهيئات يكدر المعاني عند المتعصبين والعاطفيين ومن يسيء الظن بغرض الكاتب باتهامه بالهوى والتعصب ومجرد الانتصار للنفس.
بعض الناس يتميّزون بصراحة وجرأة.
والناس عامة والسودانيون خاصة يحبون الرجل الصريح الجريء.
والعاطفيون لا يفرقون بين الجرأة في الحق والجراة على الباطل إذا رأوا في صاحبها جرأة في الحق، خاصة مع كثرة الجهل.
وقد تضررت البلد والدعوة كثيراً من اندفاع بعض المتسوررين وتهورهم وعدم مراعاتهم الحكمة والمصالح والمفاسد.
ولا أدري ماذا يستفيد المتسورر من الطعن في جماعة منظمة خاصة ومن على نهجها عامة باتهامهم بتبعية استخبارية لدولة أجنبية.
تبعية سودانيين ينتمون لجماعات معتدلة لمخابرات أجنبية كالمصرية مثلاً غير مستبعدة.
فالمجتمعات المعتدلة لا تخلو من اختراقات أصالة أو استدراجاً لمرضى القلوب وضعاف النفوس.
والتبعية لمخابرات دولة عربية مسلمة لا تعد من النفاق الأكبر، ولكنها من أمراض القلوب المهلكة للفرد المضرة بالأمة التي لا ينبغي التساهل في أمرها والتهاون في استئصالها.
بل وجد نفاق في المدينة، فوجوده في غيرها من المجتمعات الطاهرة من باب أولى.
فما فائدة ذكر مثل هذه الظواهر التي لا يكتشفها إلا العقلاء من المراقبين لمن لا يستطيع التحقق منها فضلاً عن معرفة مقدارها؟!
فمثل هذه الاختراقات الاستخبارية التي تحدث أصالة أو استدراجاً لا يخلو منها مجتمع بما في ذلك المجتمعات الأسلمية (التي تدعو لأسلمة الحياة).
فلماذا التركيز على مجتمعات أسلمية دون الأخرى؟
وإذا صح أن بعض من حرفته السياسة الحزبية خاصة وغير الشرعية عامة ممن يدعي نصر السنة يرى جواز التعاون مع أجهزة أجنبية عربية، فمن أين أتوا؟
أليس من قول زعيم أسلمي؛ لن يتحقق نجاح سياسي بدون علاقة بدولة خارجية؟
وأيهما أقبح التعاون غير الشرعي مع دولة فارسية رافضية كإيران أم التعاون غير الشرعي مع دولة عربية سنية كالجزائر؟ وفي كل شر.
فمن يدافع عنهم المتسورر تعاونوا تعاوناً غير شرعي مع دولة غير عربية ولا سنية قبل وصولهم للسلطة.
بل لم يصلوا للسلطة إلا بمثل هذا التعاون غير الشرعي كما صرح بما يدل عليه زعيمهم.
ولكن التهور والغلو في الانتصار للنفس قد يورد الرجل موارد التهلكة.
وقد طعن المتسورر في شيخ له جهود لا ينبغي أن تنكر في خدمة السنة والدعوة للتمسك بها والرد على مخالفيها.
وأهل السنة هم أهل الوسط والاعتدال، يعرفون قدره ولا يتعصبون له ولا لأقواله، ولا يجعلونه إماماً فيما خالف فيه الصواب.
وظني به أنه لو علم بالمعاينة لا الخبر ما أحدثه بعض من ينتسب إليه لا سيما في بلاد الكفار، لكان إنكاره عليهم بأشد مما قاله في بعضهم [١].
وأهل الزيغ والضلال يعادونه بسبب ردوده على أهل البدع والأهواء والتحزب والمجاملة في الدين.
أعاذنا الله وسائر إخواننا من الاندفاع والتهور والغلو في الانتصار للنفس وآثار مرضى القلوب والاختراق والنفاق.
وإذا سألت عن معنى المتسورر، فهو من صار سرورياً حقيقة أو ادعاءً أو مجاملة.
وإذا سألت عن معنى كلمة سروري، فأعني به من يتعصب للآراء التي كان يتبناها رجل اسمه محمد بن سرور زين العابدين حتى ولو كانت من قبيل الزلات والفلتات في حق من لا يتعصب لها ولا يوالي ويعادي عليها.
ويُعد من أهل البدعة والفرقة؛ من جعل مخالفته في أحد فروع المعتقد أصلاً عظيماً، يوالي عليها ويعادي، ويفرق بها جماعة المسلمين، ويكفرهم بمخالفتها، ويستحل بذلك دماءهم وأموالهم وأعراضهم، كما تفعل الخوارج [٢].
وقد كان منشأ بدعة الخوارج التعصب لرأيهم السياسي الرافض للتحكيم حتى جعلوه مخالفاً لأصل الدين وهو التوحيد، فقالوا لا حكم إلا لله.
فتأول الخوارج أوّلاً ثم أصروا فوقعوا في الكفر بتحريم ما أحل الله (التحكيم) فحكموا بغير ما أنزل الله، وكل ما زاد عن حده انقلب إلى ضده.
وحول اشتقاق متسورر من كلمة سروري أنقل التالي [٣]؛
السين والتاء في استفعل تعني الطلب كاستعان بمعنى طلب العون.
وتعني التحول الحقيقي كاستحجر بمعنى صار حجراً.
وتعني التحول المدعى والمجازي كاستنسر البغاث، واستنوق الجمل، واستتيست العنز؛ إن البغاث بأرضنا يستنسر.
والله تعالى أعلم.
عمر عبداللطيف محمد نور
لوند، السويد
الخميس ١٥ محرم ١٤٤٧هـ، ١٠ يوليو ٢٠٢٥م

مصادر ومراجع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق