سبب كيفية التقدير

حكم المواقيت في بلاد تطرف الأوقات       المحتويات      علل الأحكام ومقاصدها

إذا علمنا أنّ التقدير بترك العلامات مع وجودها موافق للسنة، فإنه لم يرد نص في كيفية التقدير، فهو أمر اجتهادي.
وسبق أنّ  أوقات الصلاة والصوم تُقدّر طوال السنة في  البلاد ذات خطوط العرض العالية الدرجات بالمكان الذي يتقاطع فيه خط طول البلد المراد تقدير الأوقات فيه بخط عرض مكة وهو ٢١.٣٨٩١° ش.
فأمّا اختيار خط الطول فلأنّ الزوال واحد في خط الطول الواحد، وبالتالي يكون الظهر هو المعيار، ويكون الظهر بوقته المحلّي وباقي الصلوات بالتقدير.
والسبب في اختيار وقت الظهر هو أنّ تغيره ليس كثيراً، فتغيره في هذه البلاد هو مثل تغير الوقت في البلاد المعتدلة.
ولأنّ الظهر وسط النهار فيُقاس عليه ما قبله وما بعده، حتى يجد المسلم وقتاً كافياً للراحة في اللّيل قبل الفجر، وللعمل بعده.
خلافاً لمن قدر المغرب في الصوم وأبقى على الفجر والإمساك على التوقيت المحلي.
وقد بدأ الله عز وجل في ذكر الأوقات في القرآن بدلوك الشمس - وهو زوالها عن كبد السماء على الأرجح، وهو وقت الظهر -  في قوله تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾.
والدلوك في اللغة الميل.
وسمى النبي ﷺ صلاة الظهر الأولى، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: (مَن صلى الضحى أربعاً، وقَبْلَ الأولى أربعاً بُنِيَ له بيتٌ في الجنةِ)، حسنه الألباني رحمه الله تعالى [١].
وأمّا التقدير طوال السنة مع وجود أوقات معتدلة ما بين الشتاء والصيف وما بين الصيف والشتاء، فلأنَّ هذه الأوقات المعتدلة تتغير فيها أوقات الصلوات تغيراً كبيراً معدله في بعض تلك البلاد حوالي ربع ساعة كل أسبوع، مما يؤدي إلى خلل كبير في تنظيم أوقات النوم وبالتالي تنظيم سائر الأوقات.
وهذا الخلل والتغير الكبير في المواعيد يتعارض مع ما خلق الله عز وجل عليه الإنسان وجسمه من التعود على أداء الأعمال في أوقات محددة، وهو ما يسميه المختصُّون في هذا المجال بالساعة البيولوجية، والتي لها أثرها في النوم والراحة والإفرازات الهرمونية في الجسم.
وأوقات الصلوات متقاربة في البلاد المعتدلة عدا الفجر، فوقته بعيد عن وقت العشاء ووقت الظهر، وما بين العشاء والفجر وقت للنوم، وما بين الفجر والظهر وقت للكسب.
وللمزيد حول النوم وتنظيم الأوقات؛ مدونتي » إرشادات » تنظيم النوم والأوقات.
وأمّا التقدير على مكة وتجاوز أقرب البلاد التي يطول نهارها طولاً غير مفرط والتي يكون نهارها أطول نسبياً من مكة صيفاً وأقصر شتاءً، فلفارق يتعلق بالقدرة على النوم قبل حلول الظلام.
فالسبب هو عدم وجود مصلحة راجحة عند تطرّف الأوقات مثلما هو موجود في تلك المناطق، وذلك لأنّ الأيسر لمن طال نهارهم صيفاً طولاً غير مفرط  - كأهل سمرقند وبخارى - الانتظار إلى أن يحل الظلام لصعوبة النوم قبل حلول الظلام.
فالمشقة المترتبة على انتظار الظلام عند تطرّف الأوقات أعظم، وكان سكّان هذه المناطق قديماً يحدثون ظلاماً اصطناعيّاً بنحو الستائر وغطاء العينين.
فالتقدير على مكّة أنسب لكون الوقت فيها أكثر اعتدالاً وعدم وجود مصلحة راحجة للتقدير على وقت أقل اعتدالاً.
pdf
حكم المواقيت في بلاد تطرف الأوقات       المحتويات      علل الأحكام ومقاصدها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق