مسألة في الميراث

الرجوع إلى قسم سؤال وجواب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هلكت امرأة ولا قرابة لها على قيد الحياة سوى بنت عمها ولا وارث حي لها؟ المسألة حقيقية، وسألني عنها ابن بنت عم الهالكة، وسأل قاضيان اختلفا في الإجابة، ويطالب بالدليل.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، يجب ملاحظة أنه لو كان لها وارث مات بعدها فإن حصته تذهب إلى ورثته، ولهذا السبب ونحوه يجب عرض مسائل الميراث على القضاة أو الاستفتاء فيها عبر المقابلة المباشرة، ولكن باعتبار صحة ما ورد في السؤال فجوابه التالي.
اختلف العلماء فيمن مات ولا وارث له، فمنهم من قال يذهب المال إلى غير الوارثين من الأرحام، ومنهم من قال يذهب إلى بيت المال.
والأصح أنه يذهب لغير الوارثين من الأرحام الأقرب فالأقرب، فإن لم يوجد فبيت المال، وإن لم يوجد بيت مال فإلى الأوقاف والصدقات.
واختلف العلماء فيمن هم الأرحام، والصحيح أن بنت عمها من الأرحام استنباطاً من آية في كتاب الله تعالى، واعتبار أولاد العم وأولاد العمات من الأرحام هي فتوى الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى، والأولاد يراد بهم الأبناء والبنات.
أما الأدلة؛ فالدليل على أن غير الوراثين من الأرحام يرثون عندما لا يوجد وارث هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الخالُ وارثُ من لا وارثَ له)، صححه ابن حبان والألباني رحمه الله تعالى في صحيح الجامع برقم 1254 وفي صحيح الترمذي برقم 2104، وحسنه الترمذي وابن حجر في الفتح وأبوزرعة الرازي في المحرر، قال الترمذي؛ (حسن غريب وقد أرسله بعضهم)، ويدل على ذلك أيضاً عموم قول الله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} سورة الأنفال الآية 75، وسورة الأحزاب الآية 6.
وأما الدليل على أن بنت العم من الأرحام، فاستنباطاً من الآية التي نسخت إرث المهاجرين والأنصار من بعضهم، وهي قوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَىٰ أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا} سورة الأحزاب الآية رقم 6.
وجه الاستنباط من الآية هو قياس غير الوارثين من الأقارب على الوارثين إما قياس أولى أو قياس تمثيل، وذلك لأن الآية سمت الوارثين أرحاماً، ومن في درجة الوارثين قرابةً من غير الوارثين هم إما إناث أو صلتهم عبر أنثي، فمن صلتهم عبر الأم فهم أولى بالصلة، فيعتبرون أرحاماً من جهة قياس الأولى، ومن كانت صلتهم عبر أنثى غير الأم فيعتبرون أرحاماً من جهة قياس التمثيل.
وأما كون هؤلاء الأقارب غير وارثين في الأصل، فلأن نقصان ميراث المرأة عن الرجل الذي هي في درجته هو بسبب وجوب النفقة على الذكور، فهذا هو السبب الذي هو مقصد الحُكم وحِكمته، وأما العلة التي يدور معها الحُكم وجوداً وعدماً فهي الذكورية والأنوثة، والله تعالى أعلم.
أما عموم الصلة فالأنثى مثل الذكر أو أولى، فالأم أولى بالصلة من الأب، ومن كانت صلته عن طريق الأم فهو أولى بالصلة كذلك ممن كانت صلته عن طريق الأب، لحديث من أحق الناس بحسن صحابتي، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه).
وهذا الاستنباط الذي من الله تعالى به علي ذكرته في مقال سابق بهذا الشأن، وفي المقال فتوى للشيخ ابن باز رحمه الله تعالى فيمن هم الأرحام تتوافق مع هذا الاستنباط، وقد نقلت فتواه في المقال في؛ مدونتي » مسائل وأحكام » من هم الأرحام؟.
pdf
الرجوع إلى قسم سؤال وجواب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق