لا يمكن التعامل مع أي نظام معقد من غير تقسيم، وسبق التمثيل بعدم إمكان رؤية شارع في مدينة في خريطة العالم التي يمكن فيها رؤية القارات فقط، ثم أجزاء أصغر كالأقطار، ثم أصغر كالمدن، وهكذا إلى التمكن من رؤية الأحياء، ثم رؤية الشوارع والمباني ونحوها.
فلابد في كل نظام معقد من تقسيمه إلى وحدات أصغر منفصلة عن بعضها بطريقة هرمية ليسهل التعامل معها، سواءٌ كان نظاماً طبيعياً مثل خريطة العالم، أو كان نظاماً تقنياً آلياً مثل معالجات الحاسوب التي قد تحوي مليارات الترانزيسترات، أو كان نظاماً إدارياً.
وفي الأنظمة الإدارية المعقدة لابد من اللامركزية والفصل بين السلطات والصلاحيات مع مركزية محدودة لضمان عدم تفكك النظام وعدم إغراء الأطراف بالانفصال.
وكلما توسعت رقعة الحكم كان أكثر تعقيداً فتزداد الحاجة إلى لامركزية وفصل بين السلطات والصلاحيات حسب درجة تعقيد النظام.
اللامركزية والتقسيم معروفان منذ القدم، ولو لم يكونا معروفين منذ القدم لما وجدت إمبراطوريات قديمة في التاريخ، ولكن غالباً ما يحدث الخلل لنقص في اللامركزية والتقسيم أو لعدم الفصل بين المستويات أو السلطات والصلاحيات.
وعدم الفصل والتقسيم الناقص هو الخطأ الذي صححتُه باقتراح الانتخاب الهرمي، وهو الخطأ في الطريقة الانتخابية المتبعة في الأنظمة الديمقراطية الوضعية.
وبعض الإدارات والدول تلجأ لمركزية شديدة إما في السلطات والصلاحيات أو في ميزانيات القطاعات خوفاً من الاستقلال والانفصال، بينما الأجدر فصل الصلاحيات والسلطات والميزانيات بقدر يسهل على القطاعات عملها ويضمن الوحدة ويمنع الانفصال والاستقلال التام.
ولهذه الأسباب يعتمد النظام التَّشْوَقِي اللامركزية والفصل بين السلطات والصلاحيات والمستويات الهرمية نظاماً إدارياً للحُكم مع مركزية محدودة لضمان وحدة البلاد.
ففي البلاد الكبيرة يتم اختيار السلطات التنفيذية والقضائية الولائية من ولاةٍ ومجالس ولائية إدارية ومجالس قضائية ولائية عليا عبر المجالس الحَلْقَدية الولائية.
ومجالس البلديات الخدمية تُختار مباشرةً من المجالس الحَلْقَدية التي على مستوى المدن.
وتتبع الولاياتُ والمدن المركزَ في السلطات الأمنية والدفاعية والسياسة الخارجية بما في ذلك العلاقات الاقتصادية مع الدول الخارجية، وفي النظام المالي، وذلك لضمان وحدة البلاد تحت إمرة المجلس الرئاسي.
وهذا يعني أن يكون نظام الشرطة والأجهزة الاستخبارية الأمنية والعسكرية والجيش تابعة للمركز مباشرةً مع تقسيمات إدارية فرعية هرمية.
وفي النظام المالي الملجس الرئاسي هو الذي يصادق على الصفقات الاقتصادية الكبرى مع جهات خارجية، وتتبع كل المصارف المصرفَ المركزي في التوجهات المالية العامة كإصدار العملة المحلية والتحكم في الأرصدة المصرفية الشرعية.
في هرمية الانتخاب ولا مركزية الإدارة ضمان اختيار الجهات أبناءها للسلطات الجهوية الحلقدية والتنفيذية والقضائية، والانتخاب الهرمي يضمن تمثيل الجهات والأفرع تمثيلاً عادلاً في السلطة المركزية حسب نسبتهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق