جمع المغرب والعشاء للحاجة في شمال الأرض وجنوبها وحساب وقتيهما

الرجوع إلى قسم سؤال وجواب
السؤال: السلام عليكم ورحمة الله بركاته
لو سمحت عندي سؤال نحن نسكن في بريطانيا هذه مواعيد الأذان عندنا، يتأخر العشاء كثيراً و صلاة الفجر مبكرة جداً.
بالنسبة للأطفال وأصحاب العمل المبكر هل يجوز أن يجمعوا المغرب مع العشاء ثم ينامو حتى يتغير التوقيت للأفضل ؟ أم تعتمد مواقيت الصلاة كما هي؟
الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يجوز في صيف البلاد التي يطول نهارها جداً لمن له ارتباط بعمل أو دراسة ونحو ذلك جمع المغرب والعشاء.
وذلك لأثر عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: (صَلّى رَسولُ اللهِ ﷺ الظُّهْرَ والْعَصْرَ جَمِيعًا بالمَدِينَةِ، في غيرِ خَوْفٍ، وَلا سَفَرٍ. قالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: فَسَأَلْتُ سَعِيدًا، لِمَ فَعَلَ ذلكَ؟ فَقالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبّاسٍ كما سَأَلْتَنِي، فَقالَ: أَرادَ أَنْ لا يُحْرِجَ أَحَدًا مِن أُمَّتِهِ)، صحيح مسلم (٧٠٥).
بعض العلماء تأول أثر ابن عباس رضي الله عنهما بتأويلات بعيدة، كمن قال أنه جمع صوري غير حقيقي.
ولكن الصحيح أنه جمع حقيقي عند الحاجة.
والجمع الصوري غير الحقيقي هو ما كان في آخر وقت الصلاة الأولى وأول وقت الصلاة الثانية، وذلك لأن أول وقت الصلاة الثانية هو آخر وقت الصلاة الأولى.
مما يدل على خطأ هذا التأويل أن ابن عباس رضي الله عنهما قال (في غير خوف ولا سفر)، والجمع في السفر حقيقي، فدل على أنه يتحدث عن جمع حقيقي.
واشترط من أجاز الجمع للحاجة ورفع المشقة ألا يتخذ عادة.
ولكن هذا الشرط في البلاد المعتدلة، وذلك لأن المشقة في البلاد غير المعتدلة في الصيف مستمرة لمن يستيقظ في الصباح لعمل أو دراسة.
والله تعالى أعلم.
السائل: هل تعتبر بريطانيا من البلاد التي يطول نهارها جداً؟ نحن ضواحي لندن.
الجواب: نعم، كل البلاد الواقعة على وفوق خط عرض ٤٨ درجة تعتبر من البلاد التي يطول نهارها جداً صيفاً.
ولندن تقع على خط عرض 51.5074° ش.

تفصيل في المسألة

بلغني أن الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى أفتى طلاباً في ألمانيا بما سبق.
وفي فتاوى الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى كلام عام في حكم هذه المسألة، وهو: (وإن كان الشفق يغيب قبل الفجر بوقت طويل يتسع لصلاة العشاء؛ فإنه يلزمهم الانتظار حتى يغيب، إلا أن يشق عليهم الانتظار فحينئذ يجوز لهم جمع العشاء إلى المغرب جمع تقديم دفعا للحرج والمشقة، لقوله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)، ولقوله: (وما جعل عليكم في الدين من حرج). وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، "أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر"، قالوا: ما أراد إلى ذلك؟ قال: " أراد أن لا يحرج أمته"، أي لا يلحقها الحرج بترك الجمع، وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح) .
من ناحية النظر المبني على القواعد الأصولية، فإن ما كان حكمه لمقصد خفي أو غير منضبط تُستخرج له علة.
ورفع المشقة في ذاته ليس علة، لأنه وصف غير منضبط، ولكنه إذا تعلق بوصف آخر منضبط فإنه يضبطه، كقول ابن عباس رضي الله عنهما في المرضع والحامل؛ (إذا خافتا على أولادهما)، فالخوف وصف غير منضبط، ولكن عندما تعلق بالحمل والرضاع صار المجموع وصفاً منضبطاً.
وشرط العلة هو أن تكون وصفاً ظاهراً منضبطاً مناسباً، ومعنى مناسباً اشتمالها على المقاصد والحكم.
ويخطيء من يظن أن العلة وصف لا علاقة له بالمقاصد والحكم.
ومن ذلك أن حكم الفطر في نهار رمضان جعل منوطاً بعلتي المرض والسفر (علل متعددة)، فلم يقل؛ من وجد مشقة فليفطر، وإنما قال: {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.
وقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر} مما يدل على أن العلة يُشترط أن تكون مناسبة، فالسفر مظنة المشقة، والمرض مظنة الضرر والمشقة.
فكذلك الوصف هنا؛ هو الطول المفرط للنهار لمن خاف المشقة والحرج.
وضبط الفلكيون البلاد التي يطول نهارها جداً صيفاً بما يقع على وفوق خط عرض ٤٨ شمالاً وجنوباً.
وأطول نهار صيفاً في النصف الشمالي للكرة الأرضية هو حول أيام ٢١ و ٢٢ من يونيو، وما بعد هذه الأيام مثل ما قبلها.
ويتعاقب الصيف والشتاء بين نصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي، فأطول نهار صيفاً في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية هو حوالي يومي ٢١ و ٢٢ ديسمبر، وهو أقصر نهار شتاءاً في النصف الشمالي.
وكلما توغل الإنسان في الشمال أو الجنوب اقتراباً من القطبين كلما طال النهار صيفاً وقصر شتاءاً حتى يصل إلى ستة أشهر في القطبين.
وفي جعل الأحكام منوطة بعلل منضبطة تتضمن الحكم والمقاصد حكم عظيمة، أنقل حولها ما يلي من؛ مدونتي » أحكام » حكم الفطر في نهار رمضان للمسافر بالوسائل الحديثة.
(والمتأمِّل في الحكمة من جعل الحُكم منوطاً بالعلة كالسفر والمرض في جواز الفطر في نهار رمضان يجد في ذلك كمال التشريع، فلو قال الله عز وجل من وجد مشقة فليفطر، فإنه لا يجوز للإنسان حيئذ أن يفطر إلا بعد حصول المشقة. فإذا حصلت المشقة فأفطر في وسط النهار أو في آخره، فإنه يجد مشقة أكثر بعد الفطر لساعة أو أكثر بسبب الهضم كما دلت على ذلك التجربة، ثم يكون عليه بعد ذلك قضاء ذلك اليوم، ولَتَكَرَّر الحال هكذا كل يوم حتى يكمل سفره، ثم عليه قضاء تلك الأيام التي أفطرها. فلو جعل الله عز وجل الحكم منوطاً بالمشقة لكان في ذلك زيادة مشقة على المكلف ولأدى إلى نقيض المقصد والحِكمة من تشريع الحُكْم وهو رفع المشقة، فدل هذا على كمال هذه الشريعة وأنها راعت الحِكَم والرحمة بالمكلف ورفع المشقة والحرج عنه).
والله تعالى أعلم.

أفضل طرق حساب وقتي العشاء والفجر

السائل: وعندي سؤال آخر بالنسبة للآذان مواعيده تتغير عند تغير طريقة الحساب والمذهب من الضبط أي الطرق نعتمد؟ مع العلم لا يوجد مسجد في مدينتنا ولكن مسجد في المدينة المجاورة.
الجواب: في رأيي أصح الطرق هي طريقة أمريكا الشمالية القديمة والتي لا يزال العمل عليها في جميع التطبيقات تقريباً، وهي ١٥ درجة لكل من العشاء والفجر.
ولكنهم وللأسف غيروا الفجر إلى ١٧ درجة، ومن يعرف طريقة الحساب يعرف أن هذا التغيير مجرد استجابة لضغوط.
للمزيد من المعلومات حول طريقة الحساب ولماذا طريقة أمريكا الشمالية؛ أرجو الرجوع إلى؛ مدونتي » أحكام » حساب وقتي الغشاء والفجر.
عمر عبداللطيف محمدنور عبدالله
لوند، السويد
الثلاثاء 20 شوال 1442هـ، 1 يونيو 2021م.
pdf
الرجوع إلى قسم سؤال وجواب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق