حُكم شراء حلوى المولد

السؤال؛ ما حكم شراء حلاوة المولد من غير الاحتفال ولا الاختلاط من مكان ليس فيه اختلاط؟
الجواب؛ حكم هذه المسألة يعود إلى ثلاثة أمور، وهي؛ النية، وتزيين المنكر، والمعاونة على المنكر.
مع انتشار الجهل بأن المولد بدعة؛ لا بأس بشراء حلوى المولد بغرض الحلوى فقط مع إخبار الرجل أولاده ومن يعول بأن الاحتفال بالمولد بدعة.
فبسبب جهل عامة المسلمين بأن الاحتفال بالمولد بدعة لا يعد الشراء معاونة، وذلك قياساً على ما ورد عن بعض السلف من جواز شراء المباح من أسواق الكفار في أعيادهم وقبول الهدية -المباحة في الأصل- منهم في أعيادهم، لأن الحلوى مباحة في الأصل.
وقد قاس العلماء أهل الكتاب على المسلم الذي يجهل وجوب التسمية على الذبيحة في حل ذبيحة الكتابي الذي لم يذكر اسم الله بأن يسمي هو عند الأكل.
والحكم بالغالب الأعم وغلبة الظن، فإذا علم بقرائن أن البائع يعلم أن المولد بدعة؛ فلا يجوز أن تشترى منه الحلوى الخاصة بالاحتفال بالمولد في أيام الاحتفال به، كما لا يجوز الشراء ولا قبول هدية من مسلم في أعياد الكفار إذا كانت في وقتها وكانت من جنس ما يبيعون ويتهادون في أعيادهم لما في ذلك من شبهة احتفاله بأعيادهم وإعانته على هذا المُنكر.
ولكن الخلاف في مثل هذه المسائل وارد، وواجب المسلم العمل بما تطمئن إليه نفسه بعد تحري الحق في المسألة من غير ميل للتساهل ولا التنطع في الأحكام، فيمكن لمن لم يطمئن قلبه أن يشتري حلوى المولد لأولاده بعد فترة العيد المبتدع.
واطمئنان القلب نسبي يختلف من شخص لآخر باختلاف النظر في الأدلة والقدرة على ذلك [١].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (وأما قبول الهدية منهم يوم عيدهم، فقد قدمنا عن علي -رضي الله عنه- أنه أتي بهدية النيروز فقبلها.
وروى ابن أبي شيبة في المصنف: حدثنا جرير عن قابوس عن أبيه أن امرأة سألت عائشة، قالت: إن لنا أظآراً من المجوس، وإنه يكون لهم العيد فيهدون لنا. فقالت: "أما ما ذبح لذلك اليوم فلا تأكلوا، ولكن كلوا من أشجارهم".
وقال حدثنا وكيع عن الحسن بن حكيم، عن أمة عن أبي برزة: أنه كان له سكان مجوس، فكانوا يهدون له في النيروز والمهرجان، فكان يقول لأهله: "ما كان من فاكهة فكلوه وما كان من غير ذلك فردوه".
فهذا كله يدل على أنه لا تأثير للعيد في المنع من قبول هديتهم، بل حكمها في العيد وغيره سواء؛ لأنه ليس في ذلك إعانة لهم على شعائر كفرهم) [٢].
وقال أيضاً: (وكما لا نتشبه بهم في الأعياد فلا يعان المسلم المتشبه بهم في ذلك، بل ينهى عن ذلك.
فمن صنع دعوة مخالفة للعادة في أعيادهم لم تجب دعوته، ومن أهدى من المسلمين هدية في هذه الأعياد، مخالفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد، لم تقبل هديته.
خصوصاً إن كانت الهدية مما يستعان بها على التشبه بهم، مثل: إهداء الشمع ونحوه في الميلاد أو إهداء البيض واللبن والغنم في الخميس الصغير الذي في آخر صومهم.
وكذلك أيضاً لا يهدى لأحد من المسلمين في هذه الأعياد هدية لأجل العيد، لا سيما إذا كان مما يستعان بها على التشبه بهم كما ذكرناه.
ولا يبيع المسلم ما يستعين به المسلمون على مشابهتهم في العيد، من الطعام واللباس ونحو ذلك؛ لأن في ذلك إعانة على المنكر.
فأما مبايعتهم ما يستعينون هم به على عيدهم أو شهود أعيادهم للشراء فيها، فقد قدمنا أنه قيل للإمام أحمد: هذه الأعياد التي تكون عندنا بالشام مثل طور يانور ودير أيوب [٣]، وأشباهه يشهده المسلمون، يشهدون الأسواق، ويجلبون فيه الغنم والبقر والدقيق والبر، وغير ذلك؛ إلا أنه إنما يكون في الأسواق يشترون، ولا يدخلون عليهم بيعهم، وإنما يشهدون الأسواق، قال: إذا لم يدخلوا عليهم بيعهم، وإنما يشهدون السوق فلا بأس) [٤].

المصادر

[١] معنى استفت قلبك.
[٢] اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (ج٢/ص٥١-٥٢).
[٣] قال المُحقق؛ طور يا نود. وفي المطبوعة: طور يا بور. ولم أجد له ذكرا.
دير أيوب: قرية بحوران من نواحي دمشق. يقال: إن أيوب عليه السلام كان بها، وأنه ابتلي بها، وفيها قبره، والله أعلم.
[٤] اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (ج٢/ص١٢-١٣).
والله تعالى أعلم.
عمر عبداللطيف محمدنور عبدالله
لوند، السويد
pdf

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق