السؤال؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا بارك الله فيكم ونفع بكم، ما حكم التكسب من العمل بالتطبيقات المهكرة، وبالأخص المستعملة في التصميم والمونتاج؟
الجواب؛ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أفتى أهل العلم المعاصرون باعتبار حقوق الاختراع والملكية الفكرية بجميع أنواعها وأنها مال مقوم.
والبناء على هذا الأصل المتفق عليه بين العلماء المعاصرين يقتضي أن يكون الأصل عدم جواز استخدام البرامج المهكرة وعدم جواز التكسب بها لما في ذلك من التعدي على حقوق الآخرين.
وحكم البرامج المهكرة يختلف عن عين المسروق من جهة أنها نسخة من أصل، فالملكية ليست للعين وإنما لوصف فيها.
والإنتاج بالبرامج المهكرة قائم على جهد خاص، ولهذا إضافة إلى كونها ليست كعين المسروق فإن المال المكتسب بالإنتاج بها لا يحرم في ذاته، فيقتصر عدم الجواز على التعدي على الوصف ووجوب تعويض صاحب الحق بقدر ما اعتدي على حقه.
ومن العلماء من أفتى بجواز الاستخدام الشخصي للبرامج المهكرة، ولعل من أفتى بذلك نظر إلى أن الشركات الكبرى لا تتضرر من الاستخدام الخاص مهما كان عدد المستخدمين، ولكن القواعد الفقهية تدل على أن الأصل عدم الجواز وأنه لابد من تقييد الجواز بحالات خاصة.
ومن ذلك أن البرامج المهكرة التي تركت الشركات دعمها الفني لم تعد فيها شبهة منع معتبرة في حق غير القادر على شرائها، وذلك لأن المقصود عدم الإضرار بصاحب حق الملكية الفكرية وملكية الاختراع.
وعندما تترك الشركات الدعم الفني كتحديثات الأمان فإنها تتوقف عن بيع تلك النسخ، وقد سأل أحد الإخوة إحدى الشركات فأفادته بأنها غير معنية باستخدامه النسخ التي أوقفت دعمها.
وأما ما لم تتوقف الشركات عن دعمه فنياً فإن استخدامه لغرض خاص أو للتكسب بالإنتاج به يعود إلى تقدير الشخص المستخدم من أربع جهات؛ الأولى؛ اطمئنان نفسه لفتاوى من أجاز، والثانية؛ تقدير عدم قدرته على الشراء، والثالثة؛ تقدير عدم تضرر صاحب الملكية الفكرية من استخدامه، والرابعة؛ اعتبار شروط الاضطرار والاحتياج.
ومن شروط الاحتياج والاضطرار التعيُّن، ويعني عدم وجود بديل شرعي لتحقيق المصلحة الضرورية أو الحاجية أو رفع الضرر أو رفع المشقة أو دفعهما، فيجب النظر في البدائل المجانية التي تطرحها كثير من الشركات لبعض المُستخدمين كالطلاب أو لفترة تجريبية أو بحدود معينة.
واطمئنان النفس هنا لا يستلزم اليقين، لأن الأحكام الاجتهادية مبنية غالباً على غالب الظن.
والشبهات الواجب تركها هي ما كان أقرب إلى الحرام أو تساوى فيه الاحتمالان.
وأما ما كان أقرب إلى الحلال فقسمان؛
الأول؛ ما اطمأنت إليه النفس مما كان احتمال حله عظيماً، وتركه تديناً من التنطع والتشدد المنهي عنه.
والثاني؛ ما في النفس منه شيء يسير ولم يكن يرقى إلى درجة الشبهات، وتركه من الورع المستحب.
للمزيد حول استفتاء القلب بعد سؤال أهل العلم؛ معنى استفت قلبك.
والله تعالى أعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق