المحاصصات والاتفاقات السياسية

المحاصصات والاتفاقات السياسية ذات الطابع الحزبي باسم أنصار السنة تجعلها حزباً سياسياً ينافس غيره من الأحزاب على السلطة، وهذا ما كان يرفضه الرعيل الأول.
وأما تجربة جبهة الميثاق الإسلامي فقد رفض الشيخ الهدية رحمه الله تعالى تكرارها، وكان هذا واضحاً أيام تكوين جماعة الترابي ما أسمته الجبهة الإسلامية القومية بعد عزل سوار الذهب النميري رحمهم الله تعالى.
والمحاصصات تُظهر الجماعة بمظهر المتهافت على السلطة، وتفرق بين أفراد الجماعة لسببين هما؛ تناقض هذا المسلك مع ما يدرس في مساجد الجماعة وجميع منتدياتها الشرعية، والتنافس بين أفراد الجماعة على السلطة.
ومن المصالح نفي شبهة ما يسميه العلمانيون اليوم بالتجارة بالدين؛ {ويا قومِ لا أسألكم عليه مالاً إن أجري إلا على الله}.
ونفي هذه الشبهة آكد فيما هو محرم في الأصل ومضاره راجحة بالنظر في الموازنات كحكم استثنائي.
فمضار السعي الحزبي للسلطة راجحة لأحد سببين؛ إما رجحان المفاسد مرحلياً، أو لعدم استقرار المصالح الراجحة المتحصلة [١٥].
والسعي الحزبي للسلطة يعرض جماعة أنصار السنة للشقاق أكثر من غيرها، وذلك لمخالفة هذه الممارسة لنهج الجماعة، هذا إضافة إلى السبب المشترك العام وهو تنافس أعضاء الحزب الواحد فيما بينهم على السلطة.
والعهد العرفي في جماعتنا يجب الالتزام به (جماعة إصلاحية غير حزبية) والالتفاف عليه خيانة، بل هو عهد منصوص عليه في منتديات الجماعة.
ويكفي العمل السياسي الحزبي شهادة أهله عليه أنه معترك وتحزب وخوض ولعب، بل ولعب قذر، فالحمد لله الذي عافانا.

الأحزاب المتشاكسة

أصحاب مشروع الاتفاق ادعوا تمثيل تجمعات باسم؛ الأمة، والاتحادي الأصل، والمؤتمر السوداني، وأنصار السنة، والمؤتمر الشعبي.
ومن ادعوا تمثيل أنصار السنة لم يستشيروا كثيراً من خواصها بله عوامها.
لا شك أن غياب الشيوعي والبعثي من مشروع الاتفاق مما يُفرح المؤمنين، سواء ابتعدا أو أبعدتهما أمريكا.
ولكن أصحاب مشروع الاتفاق فيهم علمانيون ومن ليس للدين أولوية عنده، هذا إضافة للتشاكس الحزبي، والانشقاقات الحزبية الواقعة والمتوقعة كما هو ديدن العمل السياسي الحزبي.

تصرف اللجنة كحزب يعرضها للحل

تصنيف اللجنة السياسية كحزب سياسي يعرضها للحل كباقي الأحزاب السياسية.
ولقاء رئيس اللجنة السياسية بالسفير البريطاني يعرض اللجنة ومن يؤيدها للاتهام بخرق السيادة الوطنية كما اتهمت غيرها من الأحزاب السياسية.
وليس لأي منظمة مدنية مقابلة السفراء لأغراض سياسية إلا بعد موافقة الجهات المختصة، وهذا لا يحدث إلا في السودان وبعد سقوط نظام الإنقاذ، والمقلق أن يتم ذلك باسم أنصار السنة.
ومما يدل على براءة أنصار السنة من مشروع الاتفاق السياسي ما يفهم من كلام من يؤيده من القادة بأنهم لا يريدون استشارة ولا تنوير أفراد الجماعة بخطوات اللجنة السياسية قبل وضعهم أمام الأمر الواقع.
والنظام التشوقي يمنع مثل غيره من الأنظمة تواصل المنظمات المدنية مع السفراء إلا بعد موافقة الجهات الرسمية السيادية، هذا مع فارق قليل في النظام التشوقي متعلق بالفصل بين  السلطات والصلاحيات.
وسبب تخصيص العلاقات الخارجية في التشوقة بمجلس رئاسي سيادي هو أن الأصل أن تكون الأمة المُسلمة أمة واحدة في النظام السياسي مع تمايز السلفيين بمجموعاتهم المدنية التي تتزاحم فيها خلافات أصولية مع مشتركات أهل القبلة، كالدعوية والسياسية.
فتوحيد أهل القبلة يكون بطاعة حاكم واحد والجهاد والصلاة خلفه، وليس بتكوين جبهة إسلامية عريضة كما زعم الترابي، وقد تشرذمت تلك الجبهة لأن الأحزاب تفرق ولا توحد، وهكذا كانت نتيجة إصرار أصحابنا على عملهم الذي أسموه بالسياسي وما هو بالسياسي.
والله تعالى أعلم.
عمر عبداللطيف محمد نور
لوند، السويد
الأحد ٧ جمادى الأول ١٤٤٤هـ، ١٢ ديسمبر ٢٠٢٢م.

مصادر وملاحق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق