الإصلاح السياسي واجب كفائي

ومن أسباب وقاية أهل السنة من تكرار الخطأ؛ سلوك بديل شرعي يناسب الوضع المحلي والدولي والإقليمي، وقد طرحت بديلاً سميته التشوقة [٢١].
فأدعو إلى إنشاء جماعة سياسية لا تسعى لسلطة، وتدعو إلى وحدة أهل القبلة تحت نظام حكم واحد بمناهضة الحزبية السياسية، وكل نهجها مبني على الشرع.
والإصلاح السياسي فرض كفاية، والكفاية إن لم تتم لحق الإثم كل قادر حتى تتم، ولذا فقد يجب إنشاء مثل هذه الجماعة من باب أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وترك المشروع المقدور عليه من الجهاد والمال وإصلاح السياسة ليس من نهج السلف، بل هو نهج النصارى الضالين ومن سلك سبيلهم.
وعند عدم القدرة على الجهاد والمال والإصلاح السياسي يفعل المسلم ما يقدر عليه.
والقدرة أوسع من الإمكان، فالقدرة تقابل العجز وما فيه ضرر أو مشقة، وأما الإمكان فيقابل العجز فقط.
والجهاد غير مقدور عليه في زماننا، فبقي السعي في إصلاح السياسة بالمشروع المقدور عليه.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: (وهذان السبيلان الفاسدتان – سبيل من انتسب إلى الدين ولم يكمله بما يحتاج إليه من السلطان والجهاد والمال، وسبيل من أقبل على السلطان والمال والحرب، ولم يقصد بذلك إقامة الدين – هما سبيل المغضوب عليهم والضالين، الأُولى للضالين النصارى، والثانية للمغضوب عليهم اليهود.
وإنما الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، هي سبيل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وسبيل خلفائه وأصحابه، ومن سلك سبيلهم، وهم السابقون الأوَّلون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه، وأعدَّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً. ذلك الفوز العظيم) [٢٢].
والضرر راجح في تولي ولايات عن طريق المحاصصات والترشيحات والانقلابات (سعي جماعة من المسلمين للسلطة أو بعض فروعها)، وذلك إما لرجحان الضرر المؤقت أو عدم استقرار المصالح الراجحة [٢٣].
فالإصلاح السياسي واجب كفائي، والكفاية فيه لم تحدث كما هو حال غيره من الواجبات الكفائية، والحذر في هذا الباب واجب، فقد زلت فيه أقدام وضلت أفهام، والله المستعان.
حمى الله تعالى بلادنا الحبيبة وشعبنا المسلم الطيب وجماعتنا المباركة وكل السلفيين من كل شر وسوء ومن مكر الأعداء وشقاق الأعضاء، وجعلنا جميعاً مفاتيح للخير مغاليق للشر.
والله تعالى أعلم.
عمر عبداللطيف محمد نور
لوند، السويد
الأحد ٧ جمادى الأول ١٤٤٤هـ، ١٢ ديسمبر ٢٠٢٢م.

مصادر وملاحق

[٢١] أربع رسائل إصلاحية في السياسة الشرعية؛ رابط المدونة، رابط pdf للطباعة المغلفة.
[٢٢] مجموع الفتاوى (ج٢٨/ص٣٩٥)
[٢٣] السعي الحزبي للسلطة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق