يقول أشباه العلمانيين: "لا يكره الشعب على اختيار الشريعة، ويجب عليه اختيارها طوعاً لا كرهاً"!
ما سبق هو خلاصة ما يفهم من تصريحات نسبت إلى رجل ينسب إلى نصر السنة، وليت التصريحات كانت بالتعبير السابق، فهي للأسف عبارات يرددها العلمانيون وأشباههم، وهي عامة لا تختص بواقع معين [٧].
وكان صاحب هذا الرجل قد صرح معترضاً على الرئيس المعزول البشير إعلان تطبيق الشريعة دون الرجوع إلى البرلمان بقوله: (تعارض كثيراً من مقتضيات نظام الحكم في البلاد الذي يعتمد الديمقراطية آلية لتدوال السلطة، وسناً للقوانين والدساتير) [٨]، ومما رددت به عليه ما يلي؛
والمسلمون مجمعون على وجوب تحكيم الشريعة في المسلمين طوعاً وكرهاً عند القدرة في الدماء والأموال والأعراض ونحوها من المعاملات، والنصوص تدل على وجوب تحكيم الظاهر المتواتر منها في أهل الذمة.
والفقهاء مجمعون على وجوب إجراء بعض الأحكام الإسلامية على أهل الذمة عند القدرة مع خلافهم في بعض، ولهذا اتفقوا على أن دار الإسلام هي الدار التي يحكمها المسلمون ويحكمونها بالإسلام ولو كان غالب أهلها كفار.
فالشريعة الإسلامية جاءت لتحقيق مصالح البشر الدنيوية جميعاً مسلمهم وكافرهم، ولذا فإنها تكرههم عليها عند القدرة، فالربا ضرر على المجتمعات مسلمة كانت أو غير مسلمة، وهكذا الخمر والزنا والفواحش وسائر المحرمات كلها ضرر على الناس في معاشهم قبل معادهم.
وأما الأمور الدينية فإن أولى واجبات الحكام هي رعاية مصالح المسلمين الدينية ودعوة غير المسلمين إلى الشهادتين من غير إكراههم على الدخول في الإسلام على الأرجح خلافاً للشافعي رحمه الله تعالى ومن قال بقوله ممن يرى أن الجزية لا تقبل إلا من أهل الكتاب وممن لهم شبهة كتاب كالمجوس، وخلافاً لمن استثنى مشركي العرب [۹].
وقد أجمع أئمة المسلمين على أنه يجب على الحكومة المسلمة القادرة قتال الطائفة الممتنعة عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة، وإن أقروا بوجوب ما امتنعوا عنه، كما قاتل الصديق رضي الله عنه مانعي الزكاة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللهُ تعالى: (وكذلك مانعوا الزكاة فإنَّ الصدِّيق والصحابة ابتدؤوا قتالهم، قال الصديق: واللهِ لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه، وهم يقاتلون إذا امتنعوا من أداء الواجبات وإن أقرُّوا بالوجوب) [١٠].
وقال شيخ الإسلام أيضاً: (كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين، وإن تكلمت بالشهادتين.
فإذا أقروا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلوات الخمس وجب قتالهم حتى يصلوا، وإن امتنعوا عن الزكاة وجب قتالهم حتى يؤدوا الزكاة، وكذلك إن امتنعوا عن صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق.
وكذلك إن امتنعوا عن تحريم الفواحش أو الزنا أو الميسر أو الخمر أو غير ذلك من محرمات الشريعة.
وكذلك إن امتنعوا عن الحكم في الدماء والأموال والأعراض والأبضاع ونحوها بحكم الكتاب والسنة.
وكذلك إن امتنعوا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد الكفار إلى أن يسلموا ويؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
وكذلك إن أظهروا البدع المخالفة للكتاب والسنة واتباع سلف الأمة وأئمتها، مثل أن يظهروا الإلحاد في أسماء الله وآياته أو التكذيب بأسماء الله وصفاته أو التكذيب بقدره وقضائه أو التكذيب بما كان عليه جماعة المسلمين على عهد الخلفاء الراشدين أو الطعن في السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان أو مقاتلة المسلمين حتى يدخلوا في طاعتهم التي توجب الخروج عن شريعة الإسلام وأمثال هذه الأمور) [١١].
والله تعالى أعلم.
عمر عبداللطيف محمد نور
لوند، السويد
الأحد ٧ جمادى الأول ١٤٤٤هـ، ١٢ ديسمبر ٢٠٢٢م.
مصادر وملاحق
[٧] شرعية السلاطين برعاية أصل الدين.
[٨] الشريعة أجل من أن تعرض على البرلمان.
[٩] آيات السيف والبراءة.
[١٠] مجموع الفتاوى (ج٣٤/ص٥٧).
[١١] مجموع الفتاوى (ج٢٨/ص٥١٠-٥١١).
[٨] الشريعة أجل من أن تعرض على البرلمان.
[٩] آيات السيف والبراءة.
[١٠] مجموع الفتاوى (ج٣٤/ص٥٧).
[١١] مجموع الفتاوى (ج٢٨/ص٥١٠-٥١١).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق