مواقفنا وطنية

ملخص؛ مواقفنا وطنية، ومظهر التبعية لدولة خارجية لا يمثلنا، والنهج الحزبي يخالف عرفنا ونهجنا.
ووطنيتنا لا تتعارض مع الشرع، لأن ميثاقنا الوطني مبني على الدين ثم الرحم البعيد (الشعب)، رغم أنف من يريد فصله عن ديننا.
رحب قائد مجموعة سودانية بوساطة دولة مسلمة وشكر جهودها! وله تصريحات سابقة غريبة على نهج مجموعته، وله موقف مشبوه من الإطاري.
ولو سبق شكره لدولة خارجية ببيان فيه تأييد للجيش وشكره لربما زال الإشكال، فبدونه تتهم مجموعته بالعمالة، بل يطال الاتهام كل من على نفس نهجهم.
وقد قيل لي بسبب بعض المقولات التي صدرت من بعض من ينتسب لنصر السنة  [١]؛ مواقفكم تغيرت فجأة في آن واحد بعد الوساطة الأخيرة!
ومن تابع مقولاتي منذ دق ناقوس الخطر؛ يجد ثباتاً في تأييد الجيش وفي الموقف من الصلح قبل الحرب وأثناءها.
ومقولاتي منذ دق ناقوس الخطر منشورة بتواريخها [٢] وقد أوصلتها في آنها لعدد.
ولو قدر من شكر دولة خارجية أن الصمت أفضل للزمه مواصلته حتى تنجلي الأمور، ولما صح قبوله توجيه أئمة مجموعته لتأييد الجيش في خطبة العيد.
فأيهما أخطر؟ الكلام في خطبة العيد التي يحضرها من له انتماء وتعاطف مع أحزاب ومليشيات وقبائل، أم بيان من قائد؟ فأين مراعاة سلامة الإمام والمصلين؟
ومن لم يحضر صلاة العيد - وهم أغلب السودانيين- يعتبرون مع هذا التصريح تصريحاته السابقة وموقفه من الإطاري.
والأمر ليس شخصياً، فهي مواقف وتصريحات باسم مجموعة، ويستغلها أعداؤها ضد كل منسوبيها، بل تطال كل من له نفس النهج.
ومن انتهج نهج الحزبية السياسية ممن ينتسب لنصر السنة اعتمد كلام الترابي في ضرورة العلاقة بدولة خارجية لنجاح العمل السياسي الحزبي.
وكان الترابي يأتمر بأمر إيران في نشر التشيع في السودان.
والأجنبي ولو كان مسلماً يقدم مصالح وطنه وشعبه، بل هذا ما يلزمه شرعاً بدون إضرار بالآخرين، وهو ما يلزمنا أيضاً.
فعلاقة الذمة (الوطن السياسي) والرحم البعيد (الشعب) معتبرة شرعاً، ومن تجمعهم مع أخوة الدين أولى بالمحبة والنصرة [٣].
فقد ورد في السنة الوصية بالرحم البعيد واعتبار ذمته، لحديث؛ (إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيراً، فإن لهم ذمة ورحماً)، رواه مسلم بلفظ مختلف.
والوطن السياسي يضم الوطن الحقيقي (بلد المولد والنشأة والعشيرة).
وفي الوساطة قطب عالمي متحيز.
ولا أنفي قيام الدول الخارجية بدور إيجابي، فلبعضها مصالح مشتركة معنا.
ولكن الوساطة الوطنية أدعى لاتفاق السودانيين عليها.
فالسودانيون معروفون بالتواضع مع عزة النفس وإباء الاحتقار.
ولذا فإن العقلاء من قادة أي حزب أو قبيلة أو جهة أو نهج لا يظهرون فئتهم بمظهر التبعية المخزية للسفارات.
وشعبنا لا يجحد فضلاً عليه، وله كذلك أفضال تاريخية وحاضرة على الشعوب الأخرى.
وليس كل من لم يعلنوا وقوفهم مع جيشنا عملاء، ففيهم المتأول، والجبان، والضعيف، والمستضعف.
وحياد القادة من غير عذر أقبح من حياد العامة.
وإنما يصح حياد الجاهل والمكره والمضطر، والمحايد سواهم إما متواطيء أو جبان يخذل الضحية ولا ينصر غير نفسه والظالم.
ومن الإكراه المعتبر شرعاً خوف الرجل على حريمه وعياله، فقد نص الفقهاء على حرمة تعريض الرجل غيره لخطر محقق ولو تحققت المصلحة.
ولم يمدح الشجاع إلا لمغالبته الخوف.
والراجح في الآية التالية أنها في مؤمنين غلب عليهم الخوف بصفة عارضة غير متمكنة من نفوسهم، بدليل؛ {منكم} و {بينكم وبينهم مودة}.
﴿وَإِنَّ مِنكُمۡ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنۡ أَصَٰبَتۡكُم مُّصِيبَةٞ قَالَ قَدۡ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيَّ إِذۡ لَمۡ أَكُن مَّعَهُمۡ شَهِيدٗا ۝ وَلَئِنۡ أَصَٰبَكُمۡ فَضۡلٞ مِّنَ ٱللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمۡ تَكُنۢ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُۥ مَوَدَّةٞ يَٰلَيۡتَنِي كُنتُ مَعَهُمۡ فَأَفُوزَ فَوۡزًا عَظِيمٗا ۝ ۞ فَلۡيُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشۡرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۚ وَمَن يُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيُقۡتَلۡ أَوۡ يَغۡلِبۡ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا ۝﴾ [النساء: ٧٢ - ٧٤].
ويشكر أئمة صلاة العيد على مواقفهم الشجاعة.
والله تعالى أعلم.

لجنة حَلْقَدِيَّة وطنية

أقترح تكوين لجنة حلقدية (أهل حل وعقد) وطنية، لأن الأجنبي ليس مثلنا في مراعاة مصالحنا.
فالأمر يتطلب نظراً ثاقباً مبنياً على علم ورأي وحكمة وشوكة وتأثير في الناس.
إذ لابد من فتح ممرات آمنة للمتضرين وإغاثتهم، وترتيب لقاءات بين قادة التمرد وقادة قواتنا المسلحة لهذه الأغراض وغيرها من المناسب حسب الظروف ومجريات الأحداث.
وقد أجمع العلماء على أن أهل الحل والعقد يشملون جميع أقياد الناس (ممثلوهم) من العلماء والعرفاء وأهل الرأي والنظر والحكمة، وقد يقتضي الحال أن يدخل فيهم رؤوس أهل الشوكة كقادة الجيش.
عمر عبداللطيف محمدنور عبدالله
لوند، السويد
الجمعة ٦ ذوالقعدة ١٤٤٤هـ، ٢٦ مايو ٢٠٢٣م

مصادر وملاحق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق