العنف دخيل ويزول

السودانيون مسالمون بطبعهم، والعنف واستهداف المواطنين العزل دخيل وإلى زوال إن شاء الله تعالى.
العنف ورد على السودان من الخارج وزال من الحياة المدنية، وقد ورد مرة أخرى قبل الحرب وأثناءها وسيزول إن شاء الله تعالى.
السودانيون مسالمون ومسامحون، فهم لا يعرفون العنف في حياتهم المدنية، ولا يعرفون ترويع المسالمين والمواطنين العزل.
وأذكر في انتخابات ما بعد نيفاشا أن قال لي أحد الإخوة؛ سيحدث عنف في الانتخابات.
فهذا ما كانت تردده أحزاب قحت الحالية بمن فيهم من انفصل في الكتلة الديمقراطية، فقد ملأت الصحف والإعلام بهذا الكلام وقتها.
فقلت لهذا الأخ، والذي كان من حسن الحظ جراح عظام؛ بل لن يحدث عنف لأنه ليس من شيمة السودانيين، وقلت له؛ لا أستبعد أن يحدث عنف من بعض الجنوبيين بسبب الحركة الشعبية التي سيطر عليها الحزب الشيوعي المعروف بالعنف والتصفيات الجسدية وقتها، فجون غرنغ كان ماركسياً قبل أن يتجه للكنيسة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.
وبعد الانتخابات قال لي؛ صدقت، فكل من كان يأتي للمستشفى للعلاج من جراء العنف في الانتخابات من الجنوبيين.
والعنف لا أظنه متأصلاً في قبائل الجنوب، ولا أدري هل هو موجود في بعضها أم لا، ولكن طبيعة الحياة السهلة الغنية بالموارد الطبيعية من ثروة حيوانية ونباتية تمنع العنف والعدوان غالباً.
وقد سمعت أحد الضباط قبل أيام يثني على الجنوبيين خيراً في تعاملهم مع أسرى قواتنا المسلحة أيام التمرد الجنوبي.
فالعنف ليس أصيلاً في السودانيين في حياتهم المدنية، ولكنه وردهم من الخارج ثم زال، فقد أدخلته أحزاب معروفة ثم تركته في المرافق المدنية والحياة العادية، وهي؛ الحزب الشيوعي المعروف بالدموية والتصفيات الجسدية، ثم حزب البعث، ثم حزب الإخوان المسلمين.
فالحركيون كانوا معروفين بالسيخ والعصي قديماً في الجامعات، ولكنهم تركوه فيها منذ عدة سنوات حسب علمي، وكانت تحدث تصفيات جسدية بينهم وبين الشيوعيين في الجامعات، ولم أسمع بمثل هذه التصفيات في السنوات الأخيرة.
وكل هذه الأحزاب واردة، فالشيوعي من روسيا، والبعثي من العراق وسوريا، والإخوان المسلمون من مصر.
وليس في تاريخ الأحزاب السياسية التقليدية عنف، ورغم أن الأنصار تعرضوا لإبادة جماعية في الجزيرة أبا من الشيوعيين إلا أنهم لم يقابلوا العنف بالعنف حسب علمي.
والمتصوفة ليس عندهم عنف، بل لبعضهم مواقف سلبية من الجهاد عموماً بنحو تسميته الجهاد الأصغر، ولا أعمم، فطالبان أفغانستان متصوفة، وقاتل المهدي المستعمر الإنجليزي، وهو صوفي.
وتاريخ أنصار السنة ليس فيه عنف ودموية، ورغم أن بعضاً استخدموا العنف ضدهم في بدايات دعوتهم، إلا أن أنصار السنة لم يقابلوا العنف بمثله، وتكرر هذا عندما اعتدي على مساجدهم وخيمهم في المولد حديثاً.
والحركات المتمردة التي غزت الخرطوم لم يعرف عنها استهداف المواطنين العزل لأغراض قتالية أو سياسية حسب علمي.
 ولا أنفي حدوث ثأر قبلي وعنف في مناطق مختلفة من السودان، فكلامي في الغالب وفي حياتنا المدنية.
فعندما دخلت حركة خليل إبراهيم الخرطوم لم أسمع أنها اعتدت على المواطنين العزل.
ومن سماهم النميري بالمرتزقة لم يروعوا المواطنين العزل، وهم أحزاب سياسية كانت معارضة للنميري، وأظن أنها كانت تضم الأمة والإخوان والاتحادي والشيوعي.
كل ما سبق يرجح أن التمرد الحالي ضم عناصر من خارج السودان تختلف أخلاقهم وأعرافهم عنا، وهم إخواننا في الدين والدم، ولكن طبيعة الحياة والبيئة تؤثر في السلوك والأخلاق.
وبمناسبة ذكر جنوبيي السودان فإن صلتهم بالسودانيين الشماليين لم تنقطع، وبلغني أنهم رحبوا بفارين من الحرب الحالية، هذا على الرغم من أن بعضهم سمع من بعض الجهلة عبارات عنصرية، ولكنهم يعلمون أن العنصرية ليست من ديننا ويجرمها قضاؤنا، وأن القبلية لا يخلو منها مكان وأنها موجودة بين قبائل جنوبية.
ولا شك أن أخطاء بعض القادة والعامة كانت من أسباب انفصال الجنوب إضافة للأسباب الرئيسية، ولو ألف هؤلاء القادة قلوب غير المسلمين من الجنوبيين للإسلام لكان خيراً.
وقد قال لي جنوبي نصراني قبل اتفاقات نيفاشا - وكان قد صرح لي بأنه عضو في الجبهة الشعبية لتحرير السودان - قال لي بأن الجبهة الشعبية بقيادة جون غرنغ وجدت رفضاً لفكرة التمرد في بداياتها ولسنوات عديدة جداً، فقال لي؛ عندما كنا نذهب لقبائل في قرى الجنوب لنخبرهم بعداوة الشماليين المسلمين العرب وعنصريتهم كانوا يكذبوننا بل ويحاربوننا، ويقولون لنا عبر رؤساء قبائلهم؛ لا نعرف عدواً غيركم، وأنتم تريدون خيراتنا وتجنيد أولادنا، وقال لي؛ لم يكونوا يعرفون شيئاً عن شمال السودان، وهذا حسب زعمه.
فعلى أحزابنا وعلينا جميعاً أن نتدارك أخطاءنا لنفوت الفرصة على أعدائنا، ولنتجاوز المصائب والفتن ثم نعمر بلدنا بالسلامة والإسلام والأمن والإيمان والتنمية والعمران.
والله تعالى أعلم.
عمر عبداللطيف محمدنور عبدالله
لوند، السويد
الجمعة ٦ ذوالقعدة ١٤٤٤هـ، ٢٦ مايو ٢٠٢٣م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق