الفصل السادس؛ النصح والتقويم

من ضوابط النقد ما سبق ذكره من اشتراط حضور المُنتقَد نقدَهُ حضوراً حقيقياً أو حُكمياً (عبر الوسائط الحديثة)، وسبق أن فائدة هذا الشرط؛ حفظ حق السياسيين في الدفاع عن سياساتهم وقراراتهم، ومنع فوضى النقد بما يدرء الفتن ويحفظ وحدة البلاد.
ويُشترط تمكن المُنتَقد من الدفاع عن نفسه في نفس الجلسة في المسائل الخفية حتى لا يطير نقده كل مطير، ويُشترط في المسائل الظاهرة أن يصله النقد كاملاً دون مشقة، فلا يُلزم بتتبع كل نقد وبالتالي لا بد من ضوابط.
السلطات حاضرة حُكماً إن لم يكن حقيقةً في وسائل التقويم، ومن وسائل التقويم النافعة إذا ضبطت بضوابط تمنع الفوضى والتخريب؛ المؤتمرات الصحفية المشهودة، وحملات النقد التي تنظمها جماعات النصح وغيرها من منظمات المجمتع المدني، والتظاهر غير الثوري المنضبط المرخص له من الجهات الأمنية كالوقفات الاحتجاجية.
المقصود بالمظاهرات غير الثورية التي لا تطالب بإسقاط النظام؛ كالتي يراد منها إقرار معروف أو إنكار منكر أو المطالبة باستفتاء عام أو تخصصي حول رؤية سياسية أو المطالبة بتغيير سياسات ضارة أو غير عادلة.
ويعتبر السلطان حاضرٌ حُكماً في حملات النقد الإعلامية المنظمة التي تنظمها وتقودها المنظمات المدنية كالسياسية والخدمية والحقوقية وغيرها، لأن مثل هذه الحملات المنظمة تصل إلى السلطان على وجهها، ولأنها منظمة فليس فيها ما في النقد الفردي من فوضى.
وللتأكد من ضبط النقد يُمكن مثلاً وضع لائحة تنظم النقد بمثل فرض غرامة مالية على من ثبت أن نقده فردي ليس بتوجيه من منظمة مسجلة ضمن منظمات المجتمع المدني، وتقاضى بموجبها المنظمات التي تكذب في دعواها على أصحاب السلطة وغيرهم.
وأما السماح لكل الأفراد بتناول رموز الدولة بالنقد فإنه يجعل مسألة مقاضاة من يكذب في نقده شاقة بل غير ممكنة في الغالب، ويجعل لائحة مقاضاة مروجي الشائعات مجرد سواد على بياض، ويؤثر سلباً على هيبة السلطات.
وضابط حضور السلطات عند النقد يَحفظ وحدة البلاد وهيبة السلطات ويمنع الفوضى والخراب، فكثيرٌ من معارضي السلطات أكثر فساداً منها أو عملاء لأجنبي، وهؤلاء قد يروجون الشائعات والأكاذيب.
ومن فوائد وسائل التقويم بضوابطها؛ مدافعة ظلم ومنكرات السلطات، ومن فوائدها؛ أن يكون الضغط على صناع القرار لإجراء استفتاء عام أو تخصصي من وسائل سعي جماعات النصح لتحقيق رؤاها السياسية المختلفة عن رؤى غيرها، والضغط هو من وسائل سائر منظمات المجتمع المدني في نقد السياسات الظالمة والفاسدة.
ومن ضوابط وسائل التقويم أن تكون مباحة وألا تهدف إلى إسقاط النظام، كأن تكون لرفع ظلم أو إنكار منكر أو سياسة خاطئة أو إقرار معروف أو المطالبة بتطبيق رؤى سياسية، ومن ضوابطها ألا يترتب عليها ضرر أعظم، وألا تكون أيام الثورات والفتن، وأن يؤمن تحولها إلى ثورة.
وفي مبحث؛ التقويم المنظم مزيد شرح للتظاهرات، وبيان أن التظاهرات الثورية التي تسعى إلى إسقاط النظام محرمة، وبيان وجه كون أن المظاهرات الثورية بدعة، وفي المبحث بيان أن التظاهرات غير الثورية ليست محرمة ولا من البدع ولا من التشبه بالكفار إذا ضبطت بضوابط معينة، وفي المبحث نقل لكلام للشيخ العثيمين رحمه الله تعالى في التظاهر الجائز والممنوع.

هناك تعليقان (2):

  1. السلام عليكم
    جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل

    لو تكرمتم بوضع الاحالات في المقالات على صيغة روابط، حتى يسهل تتبع الموضوع

    ردحذف
    الردود
    1. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

      وإياك.

      بحاجة إلى مثال، فربما أكون قد نسيت، لأن هذا ما أفعله عادةً.

      حذف