الاتزان في جماعة الأفرع والأغصان

يخطئ في التنظيم الدعوي الحديث طرفان؛ من يزعم أنّ الدعوة لا تتم إلا به، ومن ينفي أنه أنفع في جوانب وأحوال. ويقال الفرقة والحزبية أو التفرق والتحزب، ولا يقال الفرقة والجماعية ولا التفرق والتجمع، لأن الجماعة لا تذم لذاتها.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين وعلى آله وصحبه ومن استن بسنتهم إلى يوم الدين.
المقصود بالتنظيم الحديث ما له مركز جامع لأفرع في القطر أو العالم.
يستدلّ بعضٌ بحديث أمارة السفر على أنّ الدعوة لا تتم إلا بمثل هذا النوع من التنظيم.
وتطرّف هذا القول واضح لما فيه من نفي قيام السابقين بالدعوة، فإنّ هذه التنظيمات حديثة نشأت أيام الاستعمار.
فقد كان أولها نشوءً جماعة أهل الحديث بالهند عام ١٩٠٦م [١].
وفيها شبه بتدوين الدواوين الذي أخذه المسلمون من الفرس في عهد عمر رضي الله عنه.
وينفي آخرون مشروعية الجماعة الحديثة.
ويخطئ الطرفان في التعبير عن مرادهم.
والخطأ في التعبير يجعل كثيراً من الخلاف لفظياً، ويُلبس أمر الخلاف الحقيقي.
ومن ذلك؛ قول بعضهم نظام لا تنظيم وتطاوع لا طاعة.
ومنه؛ إطلاق لفظ الجماعة على حديثة التنظيم دون غيرها.
ومنه أيضاً؛ إطلاق كلمة العمل الجماعي على ما كان على الطريقة الحديثة دون غيره.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله ﷺ قال: (إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم) [٢].
دلالة هذا الحديث على أنّ أمارة الحضر أولى واضحة، ولكنها في الأمور المستقرة، إذ يكفي في الأمور العارضة التطاوع (التنسيق).
فالأمارة لازمة في المقر الواحد كالمدرسة، فلا يلزم أن يكون لعدد من المقرات رأسٌ مطاع في كل القطر ولو كانت لها برامج مشتركة ما دامت عارضة.
ولكن التنظيم المركزي الجامع لعدد من المقرات قد يكون أنفع في بعض الجوانب إذا وضع له نظام أساسي محكم عندما تتوسع الجماعة ويتعقد نظامها [٣].
وقد قرأت تقريراً عن دور الحديث التي أنشأها تلاميذ الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله باليمن، يظهر من خلاله مدى نفعها العلمي والدعوي وتأثيرها في اليمن.
بل يشهد كل منصفٍ على امتداد تأثيرها إلى خارج اليمن بما في ذلك الدول الغربية.
وفي كل دار حديثٍ منها رأس مطاع.
ولدور الحديث مجتمعة برامج علمية ودعوية مشتركة قائمة على التطاوع لا الطاعة (التنسيق).
ولا يصح أن يقال عن هذه الدور مجتمعة أنهم ليسوا جماعة.
فالجماعة في اللغة من الإضافة وتأليف المتفرق.
وفي الاستعمال هي الطائفة من الناس تجمعها جامعة واحدة أو غرض واحد.
فالجماعة تطلق على المتشاكلين في أمرٍ كالعقيدة والرأي والجنس والنسب كالقبيلة، ولا تستلزم براءً من مخالفيها.
ولكن يصح أن يقال فيما بينهم من برامج مشتركة تطاوع لا طاعة لأنها عارضة.
ومع ذلك ففي كل دار حديثٍ تنظيم وطاعة وقبول وفصل للطلاب.
فلا يصح إطلاق قول؛ نظام لا تنظيم وتطاوع لا طاعة.
ولا يصحّ القول بعدم جواز الفصل من الجماعة.
ففي دور الحديث التي ليس لها رأس جامع في القطر؛ إذا فصل طالب من أحدها، فإن دور الحديث الأخرى تمتنع عن قبوله لما بينها من تطاوع وتنسيق وتشاور.
ولذا لا يصح قول إخواننا في دور الحديث هذه محاربة الجماعات مع صحة قولهم بمحاربة الأحزاب والجماعات البدعيّة.
وأمارة الدعوة والسفر (مركزية أو فرعية) ونحوها تجب فيها الطاعة في الأمور المتعلقة بنوعها، فلا تجب في الأمور الخاصة ونحوها.
ولا تترتب عليها أحكام الأمارة السلطانية كإقامة الحدود والإنكار باليد [٤].
من حجج المانعين من الجماعة بالطريقة الحديثة (مركز وفروع) أنها لم تؤثر عن السابقين مع وجود حالات شبيهة بحالنا، وأن القول بأن العلماء السابقين غفلوا عن أهميتها لا ينبغي في حقهم.
فإن قصدوا القول بأنّ الدعوة غير ممكنة بغيرها، فكلامهم صحيح لأن في هذا القول غلو وإبطال لعمل السابقين.
وأما إن قصدوا أن التنظيم المعاصر بدعة، فلا يصح قولهم، ولو صح هذا القول لصح القول ببدعية مناهج البحث الحديثة في العلوم الشرعية والطرق الحديثة في إدارة الجامعات الإسلامية ونحوهما.
فاشتراط وجود المانع وانعدام المقتضي في المصالح المرسلة هو بالنسبة إلى عصر الرسالة والتشريع لا إلى ما بعده.
قال ابن تيمية رحمه الله: (فكل أمر يكون المقتضي لفعله على عهد رسول الله ﷺ موجوداً، لو كان مصلحة ولم يفعل، يعلم أنه ليس بمصلحة) [٥].
والقول بأنّ التنظيم المعاصر أنفع بسبب ضرورة مقابلة تنظيمات المبتدعة المعاصرة ليس ببعيد عن الصواب.
فإنّ استخدام الطائرات ونحوها في الجهاد مصلحة مرسلة، وهي أنفع لوجود المانع من فعلها في عهد الرسالة.
ووجود مقتضي الفهارس الحديثة ونحوها وانعدام مانعها في عهد السلف لا ينفي أنها أنفع في العلوم الشرعية، فلا يقال فيها لو كان خيراً لسبقونا إليه.
وعجباً ممن يدعى أنّ سبب الحزبيّة هو الشكل التنظيمي الحديث لجماعةٍ دعوية أو تمايزها عن غيرها باسم أو شعار وهو يوالي ويعادي على مسائل ظنية أو يقينية نسبية يحسبها عقدية! [٦].
فالتحزب إنما هو بمعاداة المخالف فيما لا ينبغي أن يعادى فيه ونحو ذلك مما فيه مخالفة للشرع.
وفي القرآن إطلاق الحزب على وجه المدح على مجموع الأمة المسلمة، وفيما عدا ذلك فقد ورد في الغالب على وجه الذم.
ولذا يُقال على سبيل الذم؛ التفرق والتحزب أو الفرقة والحزبية، ولا يقال؛ التفرق والتجمع، ولا يقال الفرقة والجماعية.
لأن الجماعة ليست مذمومة في ذاتها ما لم تكن فيها حزبية أو مخالفات شرعية، خلافاً لكلمة الحزب.
وأصل معنى التحزب في اللغة القسمة والتجزئة، كتحزيب القرآن.
والحزب من الناس هو الجماعة التي لها براءٌ من غيرها بسبب تمسك بحق أو تعصب لباطل.
فكلمة الحزب تحمل معنى الولاء والبراء، وهما سبب الغلبة لما فيهما من تناصر أهل الحق على مخالفيهم.
ولذا وردت كلمة الحزب مقرونة بالولاء والبراء والغلبة في قول الله تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾.
وفي الآية معنى البراء من الكافرين، لأن سابقتها حصرت الولاء بأداة الحصر إنما حصراً حقيقياً؛ ﴿إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمونَ الصَّلاةَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ وَهُم راكِعونَ﴾ [المائده: ٥٥].
ووردت كلمة الحزب مقرونة بالبراء في قول الله تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [المجادلة: ٢٢].
فالحزب من الناس هو الجماعة التي يُعقد على مميزاتها ومصالحها ولاء وبراء.
فعقد الولاء والبراء بين أفراد الجماعة من أهل السنة لا ينبغي أن يكون إلا فيما التقت عليه من عقيدة وأصول واضحة لأهل السنة والجماعة، وبقدرهما الشرعي.
وأما الحزب السياسي فيجب أن يكون حزباً واحداً هو جماعة المسلمين وإمامهم.
فوحدة الأمة المسلمة بجميع طوائفها السنية والبدعية تكون بطاعة رئيس البلاد المسلم الحارس لأصل الدين (الشهادتين والصلاة) وإن كان مبتدعاً أو فاسقاً أو ظالماً [٧].
فإن كان المسلمون أقليّة أو لم يوجد لهم رئيس مسلم أو كان الرئيس لا يقيم الشهادتين والصلاة، فوحدتهم تكون بمجلس تنسيقي قائم على التطاوع أكثر من قيامه على الطاعة.
وتكون وحدة كل جماعة من الجماعات المختلفة أصولياً بتمايزها بمنظماتها المدنية التي تتزاحم فيها مشتركات أهل القبلة مع خلافاتهم الأصولية أو التي يزعم مخالفوهم أنّها أصوليّة [٨].
ولا تكون وحدة أهل القبلة بأحزاب عريضة (جامعة لأهل القبلة)، وما أكثرها! وما أكثر تشققها!
وقد ثبت فشل الأحزاب العريضة وتشققها منذ تجربة جبهة الميثاق الإسلامي التي تركها مشايخنا (من أمثال الهدية وأبي زيد) وجزموا بعدم تكرار تجربتها أبداً.
فالأحزاب السياسية تزيد الفرقة ولا تجمع الأمة بالنظر والتجربة، وللاطلاع على بعض النواحي النظرية أرجو الرجوع للرابط رقم [٨].
وبدل الأحزاب فإنّ جماعات النصح السياسية مقترحة ضمن أطروحة سياسية تسمى التشْوَقية [٩]، وهي جماعات لا تسعى لسلطة بترشيحات ولا محاصصات ولا أي وسيلة كانت.
والولاء الخاص لجماعة سنية (سواءٌ كانت منظمة بطريقة حديثة أو بين مقارها تطاوع وتنسيق) إذا كان بسبب تميز في المنهج لا يعارض الولاء لبقيّة السنيين خاصّة وللمسلمين عامة.
والولاء الخاص لجماعة سنية (سواءٌ كانت منظمة بطريقة حديثة أو بين مقارها تطاوع وتنسيق) إذا كان بسبب تميز في المنهج لا يعارض الولاء لبقيّة السنيين خاصّة وللمسلمين عامة.
فيجب أن يكون الولاء والبراء بقدرهما الشرعي، وهو أن يكون الولاء بقدر ما في الرجل من طاعة وسنة، وأن يكون البراء منه بقدر المعصية والبدعة.
وكل اجتماع ديني أو دنيوي لابد فيه من خصوص صلةٍ من غير استلزام براء من مخالف.
وللانتماء معنى لغوي فقط، وللولاء معنى شرعي.
فيجوز الانتماء لجماعة اجتمعت على مسائل لا يوالى ويعادى عليها كالانتماء للشعب والقبيلة.
ويجب ولاء الجماعة السنيّة (حديثة أو معتادة) في المنهج لا في الاسم والشكل والآراء والمسائل الدقيقة.
والجماعة والجمعية معناهما واحد لغةً.
وأما في الاستعمال المعاصر؛ فالجماعة هي التي تجتمع على رأي أو فكر أو منهج أو عقيدة أو نسب كالقبيلة، والجمعية هي التي تجتمع على أمر متفق عليه بين الناس كالخدمات الاجتماعية.
فلا فرق يُذكر بين تسمية التنظيم السني المنظم بالطريقة المعاصرة جمعية أو جماعة، فالعبرة بالحقائق والمسميات لا بالأشكال والأسماء.
وتوجد فتوى للجنة الدائمة في أنصار السنة لم تُنكر تسميتها جماعة [١٠].
وجماعة النصح السياسية غير حزبية لأنها لا تسعى لسلطة.
وأما الحزب السياسي فهو اسم على مسمى، لأنه قائم على العصبية على السلطة والثروة، فأقل أعضاء الحزب طمعاً يريد علاقةً ولو مع رئيس بلدية لخدمة مصالحه الشخصية.
والسياسة الشرعية هي رعاية الدين وسياسة الدنيا.
والأصل في وسائل رعاية الدين الإرسال إلا لنص، والأصل في سياسة الدنيا الإباحة إلا لنص.
ووسائل الدعوة توقيفية لأنها عبادة، ولكن الأصل فيها الإرسال (مصالح مرسلة) إلا لنص.
وكذا جميع وسائل العبادات، وذلك لأن وسائل العبادات عبادات، والعبادات توقيفية.
فلا يقال في وسائل العبادة أنها مباحة في الأصل وإنّما يقال أنّها مصالح مرسلة في الأصل.
والمباحات هي الأشياء الدنيوية التي يشترك في فعلها المسلم والكافر، وتشمل الأعيان والمعاملات والعادات.
والفرق بين مرسلة ومباحة هو أن المصالح المرسلة يُشترط للعمل بها عدم وجود المقتضي لفعلها في عهد الرسالة أو وجود مانع من فعلها على عهد الرسالة، بينما المباح لا تشترط له هذه الشروط.
ولولا أن المصلحة المرسلة عبادة لكونها وسيلة لها لكانت من المباحات الدنيوية، ومن أمثلة المصالح المرسلة؛ حفر الخندق، وجمع المصحف، وأحكام التجويد.
فالحرب مثلاً مشتركة بين الناس مسلمهم وكافرهم، ولكن الجهاد عبادة لكونه وسيلة للدفاع عن الدين وإعلائه، ولذا كان الأصل في وسائله الإرسال إلا لنص، كحفر الخندق.
وفارقت المصالح المرسلة المباحات التي تنقلب عبادات كالنوم من جهة أن المصلحة المرسلة عبادة بطريقة استعمالها وليس بمجرد الاحتساب.
وإرسال وسائل العبادة غير النصية لأصلها، وإطلاق العبادات النصية لصفة فيها كالزمان والمكان.
فخالف الإرسالُ الإطلاقَ في الاستعمال من هذه الجهة.
وإلجام المرسل بدعة، وكذا تقييد المطلق، كإرسال المنصوص عليه وإطلاق المقيد.
ولذا أفتى العلماء بجواز ترجمة خطبة الجمعة ومنع ترجمة الأذان، لأن الأذان مقيد بصيغة نصية تبدأ بالتكبير وتنتهي بالتهليل، بينما صيغة الخطبة مطلقة.
فبعض وسائل العبادات مرسلة (أصلها) وبعضها مطلقة أو مقيدة (بصفات)، فخطبة الجمعة مثلاً مقيدة بوقت ومطلقة في صيغتها.
وخطبة الجمعة وسيلة دعوية تعليمية، والأذان وسيلة دعوة لعبادة.
فالحزب من الناس هو الجماعة التي يُعقد على مميزاتها ومصالحها ولاء وبراء.
والولاء الخاص لجماعة سنية إذا كان بسبب تميز في المنهج لا يعارض الولاء لبقيّة السنيين خاصّة وللمسلمين عامة.
والنسبة إلى جماعة سنية هي نسبة إلى السنة، مثل النسبة إلى أهل السنة، ولذا نجد في السودان مثلاً أن عامة السودانيين ينسبون كل سني إلى جماعة أنصار السنة المُحمدية لأنها أبرز وأول تجمع تمايز عن أهل البدع والأهواء.
وجواز النسبة إلى جماعة سنية لا يستلزم جواز النسبة إلى الجماعات التي جعلت بدعاً أصولاً لها، بل تستلزم البراءة مما يخالف أصول الجماعة السنية ومنها منهج الدعوة والإصلاح.
والولاء والبراء بقدرهما الشرعي يجب أن يكونا على الأصول المنهجية الواضحة الجلية التي يلتقي عليها تنظيم أو جماعة مسجد أو مركز أو شيخ أو أي تجمع كان، ولا ينبغي أن يكون الولاء لمجرد الالتقاء الشكلي ولا على المسائل الخفية ولو كان الخفاء نسبياً في بلدة أو مجتمع سني.
والقدر الشرعي هو أن يكون الولاء بقدر ما في الرجل من طاعة وسنة، وأن يكون البراء بقدر المعصية والبدعة.
وكل اجتماع ديني أو دنيوي لابد فيه من خصوص صلةٍ أو محبة أو تناصر من غير استلزام براء من مخالف.
فالتحزب إنما هو بمعاداة المخالف فيما لا ينبغي أن يعادى فيه ونحو ذلك مما فيه مخالفة للشرع.
ولذا فكل حزب جماعة وليست كل جماعة حزباً في الاصطلاح.
والولاء الخاص لجماعة سنية إذا كان بسبب تميز في المنهج لا يعارض الولاء لباقي السنيين خاصة وللمسلمين عامة.
وللعمل من خلال جماعة دعوية شروط، منها ما يلي:
يجب أن يكون الولاء والانتماء في المعاني والمسميات المشروعة لا الأشكال والأسماء، والولاء أو الانتماء على مجرد الاسم والشكل يدل على نقص في الإخلاص لمنهج وآراء الجماعات والتنظيمات وغلبة المصالح الشخصية.
لا يجوز التعصب لآراء الجماعة ولا اعتقاد العصمة في اختياراتها، ولا فرق في حرمة التعصب بين التعصب لشيخ أو لجماعة أو مذهب أو مركز.
ويجوز في العمل الجماعي المنظم وضع لوائح لتنظيم العمل، ويشترط في اللوائح ألا تخالف الشرع.
فالعهد بين جماعة من المسلمين ليس تفريقاً بين المسلمين إلا إذا كان فيه مخالفة للشرع بنحو التعصب وعقد ولاء وبراء على مجرد التنظيم والاسم والشكل أو الآراء لا على ما يحمله التنظيم من منهج تمايز به عن أهل البدع.
ومن العهود المخالفة للشرع العهود التي تنازع الجماعة فيها رئيس البلاد خصائصه وأعماله المعروفة بمقتضى العلاقة معه سواء كانت شروطاً نصية أو عرفية.
ولا بأس بالسرية للحذر من أثر النفاق والاختراق، ولا يجوز العمل السري الذي يتضمن غدراً بالعهود، وأهم تلك العهود؛ بيعة رئيس البلاد المسلم الحارس لأصل الدين؛ الشهادتين والصلاة[٧].
ولا يجوز العمل السري المبني على النظام الهرمي الذي تَعرِف فيه الخلية أو الأسرة أميرها ولا تعرف أميره، وذلك لعدم جواز طاعة من لا يُعرف دينه وعدالته.
وقد اقترحت نظاماً إدارياً بديلاً لنظام الخلايا السري، فيه جمع بين الحذر من آثار الاختراق وتوسيع الشورى وتضييقها حسب مسائلها في الجماعات والجمعيات [٣].
والله تعالى أعلم.
عمر عبداللطيف محمد نور
لوند، السويد
الأربعاء ١٨ محرم ١٤٤٠هـ، ٢٨ سبتمبر ٢٠١٨.

المراجع

[١] أثر غربة السنة ونشأة الحركة.
[٢] أخرجه أبو داود (٢٦٠٩)، والبيهقي (١٠٦٤٩)، الألباني: صحيح، إرواء الغليل (ج٨/ص١٠٦).
[٣] أسس إدارية لجماعة النصح السياسية.
[٤] إنكار المُنكر باليد.
[٥] اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (ج2/ص101)، تحقيق؛ ناصر العقل، دار عالم الكتب، بيروت، لبنان، الطبعة السابعة.
[٦] حكم غلاة التصنيف.
[٧] شرعية السلاطين بإقامة أصل الدين.
[٨] التعاون مع المخالفين.
[٩] التشوَقيّة لِسبق الديمقراطيّة.
[١٠] فتاوى اللجنة الدائمة (ج2/ص321)، جمع وترتيب؛ أحمد بن عبد الرزاق الدويش، الناشر؛ رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء، الإدارة العامة للطبع، الرياض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق