تصنيف الناس بين الغلو والجفاء

المحتويات

  1. التصنيف المعتدل
  2. الغلو والجفاء في التصنيف
  3. معنى المجالسة
  4. المرء بخدنه
  5. الاعتدال في تصنيف جلساء المبتدعة
  6. معينات تجنب الغلو في التصنيف
  7. حكم غلاة التصنيف
  8. التصنيف وهجر المبتدعة
  9. الهجر الاجتماعي
  10. هجر المجالسة
  11. هجر الدروس والمجالس الدعوية والثناء
  12. التعاون مع المخالفين
  13. إنصاف أهل البدع
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ولي الصالحين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وعلى صحابته الميامين، ومن سلك سبيلهم إلى يوم الدين.

التصنيف المعتدل

التصنيف المعتدل يحتاج إليه أهل كل تجمع بشري لمعرفة عدوهم من صديقهم الأقرب فالأقرب، ولا يوجد تجمع بشري ليس فيه تصنيف.
مع ظهور غلو في التصنيف عند بعض من ينتسب إلى منهج السلف صار كثيرٌ من أهل البدع ينفِّرون أهل السنة من مطلق التصنيف، وتبعهم في ذلك بعض من ينتسب إلى منهج السلف لِما رأوا من غلو عند بعض في التصنيف والتبديع.
وأهل البدع يستقبحون كل تصنيف من أهل السنة وكأنهم لا يصنفون، وذلك إما مكراً وصداً عن الدعوة وتفريقاً بين أهلها أو مجاملةً لغلاة المبتدعة أو الكفار أو إرصاداً لمن حارب السنة وحملتها من هؤلاء وأولئك، وهذا يدل على ضعف الولاء للتوحيد والسنة.
والتصنيف المعتدل يُعين على نصرة الدعوة وحملتها إضافةً إلى الولاء للأقرب فالأقرب كلٌ بحسبِه، وهذا من أسباب احتياج أصحاب الدعوات سواء كانت حقاً أم باطلاً إلى التصنيف، وكيف يوالي الإنسان من لا يعرف؟ وكيف يوالي الحق ولا يوالي أهله وحملته؟
فإن طبيعة الإنسان أنه يوالي من يشاكله ويجانسه، ولذا يوالي المنافقون بعضهم بعضاً والكفار بعضهم بعضاً وأهل البدع بعضهم بعضاً.
ولذا فإن من كان له ولاء حقيقي للإسلام فإنه يوالي أهله ولا يوالي أعداء الإسلام الولاء الشرعي الخاص بالمؤمنين خصوصية مطلقة.
فمن والى أعداء الإسلام فبحسب موالاته، فإما أن يكون كافراً مثلهم وإما أن فيه ضعف في إيمانه بحسب موالاته، قال الله عز وجل: {وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَـٰكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ}.
وللمزيد حول الولاء الشرعي الخاص بالمؤمنين خصوصية مطلقة؛ مدونتي » الموجز اليسير حول شبهات في الجهاد والتكفير » الولاء الشرعي.
قال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله: (فلا يُتصوَّرْ من جهة الحق أن يكون موالياً للسنَّة وهو ليس مُتَبَرِئاً من أهل البدع إلا إذا كان لم يفهم السنَّة، أو أنَّ عنده هوى تفريق. فمَن والَى السنَّة؛ فلا بد عليه أنه يتبرأ من البدعة، ومَن والَى أهل السنَّة؛ فلا بد أن يتبرأ من أهل البدعة) [١].
عندما كان أنصار السنة في السودان يقولون في تصنيفهم للناس؛ "ده موحد"؛ فإنهم قد يقصدون أنه ناصر لدعوة التوحيد موالياً أهلها أو منتسباً إليهم وإلى دعوتهم، وليس قصدهم في الغالب أن غير من وصفوه بذلك مشرك.
وكانوا يقولون؛ "هذا من إخواننا" ولا يعنون أنَّ غيرهم من المسلمين ليسوا إخواناً لهم، وإنما يقصدون أخوة أخص من أخوة عامة المسلمين.
وكانوا يقولون؛ "هذا سني" ولا يعنون أن غير من وصفوه بذلك مبتدع ضرورةً، فربما قصدوا أنه معروف عندهم بنصرة السنة وموالاة أهلها، وربما قصدوا بقولهم "هذا ليس سني" أنه غير معروف عندهم بنصرة السنة وموالاة أهلها مفرقاً بين السنة والبدعة، وليس أنه مبتدع ضرورةً.
وكانوا يقولون فلان هذا قريب من الدعوة يُرجى منه خير وإن كان فيه كذا وكذا فهو معذور لكذا وكذا، أو فلان هذا أثر فيه المتصوفة أو الحركيون ولكنه لا يزال قريباً من الدعوة، وهذا تصنيف ولكن ليس المقصود به الهجر والإبعاد وإنما الدعوة والتأليف.

الغلو والجفاء في التصنيف

ثم نبتت نابتة غلت في التبديع والتصنيف والطعن حتى أوصلها الغلو إلى تبديع من تعلموا منهم التوحيد والسنة.
ثم ظهر أناس يَنْفِرون من التصنيف ويُنفِّرون منه جملةً وتفصيلاً ولو كان على سبيل التعريف أو الحذر وليس على سبيل الغلو في التبديع أو التصنيف بالظن أو بدافع الحسد والبغضاء غير الشرعية.
وكلما ظهرت بدعة ظهرت مقابلها بدعة في الرد عليها.
وبعض الناس نسبوا هذا الغلو إلى أهل السنة إما مكراً وتفريقاً لأهل السنة وصداً عنهم وعن دعوتهم أو انخداعاً ببعض المقصِّرين أو المفرطين في الدعوة إلى التوحيد والسنة.
فقد نسب هذا  الغلو إلى أهل السنة من يحمل في نفسه على دعاة التوحيد والسنة من أعداء الدعوة أو ممن ينتسب إلى جماعات تقلل من شأن دعوة التوحيد والسنة أو تنفِّر منها أو ممن تأثر ببعض تلك الجماعات فأوغروا صدره على إخوانه.
وبعض المقصرين في الدعوة بسبب خوف أو شهوة أو مجاملة أو شبهة ظنوا أن كل تصنيف مذموم، فوقعوا فريسة لمكر أعداء الدعوة الذين يريدون إضعاف الولاء للدعوة وأهلها.

معنى المجالسة

حُكم السلف بإلحاق من يجالس أهل البدع بهم هو فيمن يصاحبهم، لأن القرين يعرف بقرينه.
ومما يدل على ذلك استدلال الإمام أحمد رحمه الله تعالى على حكم من يجالس أهل البدع بقول ابن مسعود رضي الله عنه؛ (المرءُ بخِدْنِه) [٢].
والمجالس والجليس في الاستعمال هو  الصاحب، والجمع جلساء.
والاستعمال الغالب معتبر، وبه رجح ابن القيم رحمه الله تعالى أن القرء يعني الحيض.
وأما المجالسة من حيث اللغة فهي من جالس يجالس مجالسة فهو جليس، وجالس فاعل وهو بين اثنين كقاتل، وجليس فعيل، من صيغ المبالغة، كعليم بمعنى الكامل في علمه.
ولأن حال جلساء أهل البدع خفية فقد أشبهوا المُنافقين، ولذا قال ابن عون رحمه الله تعالى: (من يجالس أهل البدع أشد علينا من أهل البدع) [٣].
فيُلحق جُلساء أهل البدع بهم في الحكم العام، ويحكم على المعين بحسبه، وأما هجر أهل البدع فيما دون المجالسة بمعنى الصحبة فهو للزجر والتأديب، فيراعى في هذا الهجر الحال ككثرة الشبهات وغربة السنة.
وأما إطلاق بعض السلف القول بأن من يسلم على أهل البدع يحبهم ونحو ذلك؛ فيُحمل على حال السلف، وذلك لأن التقرب إلى أهل البدع حال ضعفهم فيه محبة وتقوية لهم.

المرء بخدنه 

مجهول الحال يُحذر بمجرد معرفة قرينه، فإذا اجتمعت قرائن أخرى تأكد حاله.
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... ففيه دليل عنه بالطبع تهتدي
ولا بدع في وفق الطباع إذا اقتدت ... فكل قرين بالمقارن يقتدي
هذا البيت الشعري في مجهول الحال، لأن السؤال إنما يكون عن مجهول الحال.
فإذا انضافت إلى جهل الحال قرائن أخرى تأكد وجوب الحذر.
ومن القرائن؛ رضا القرناء عنه، سكوته عن نصحهم، مجاراته لهم بعبارات موهمة.
وهذا هو معنى قول ابن مسعود رضي الله عنه: (المرء بخدنه) أو قال: (اعتبروا الناس بأخدانهم).
وقد استدل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى بقول ابن مسعود رضي الله عنه هذا على إلحاق جلساء أهل البدع بهم.
ولأن هذه القرائن معتبرة بحسبها اجتماعاً وافتراقاً مع اعتبار غيرها عند التعيين رويت فيها آثار عن السلف، منها ما يلي؛
قال ابن المبارك: (من خفيت علينا بدعته لم تخف علينا ألفته) [٤].
قال الأوزاعي: (من ستر عنا بدعته لم تخف علينا ألفته) [٥]. 
قال معاذ بن معاذ: (يا أبا سعيد الرجل وإن كتم رأيه لم يخف ذاك في ابنه ولا صديقه ولا في جليسه) [٦].
قال الغلابي: (كان يقال: يتكاتم أهل الأهواء كل شيء إلا التآلف والصحبة) [٦].
(لما قدم سفيان الثوري البصرة، جعل ينظر إلى أمر الربيع وقدره عند الناس، فسأل أي شيء مذهبه؟ قالوا: ما مذهبه إلا السنة. قال: من بطانته؟ قالوا: أهل القدر. قال: هو قدري) [٥].
وهذه القرائن ظنية، والقرينة الأقوى تعتبر إذا وجدت، فإن دلت القرائن الأقوى على أن من يجالس أهل البدع سني، فإنها تعتبر في الحكم عليه مع مناصحته.
وأما حكم الثوري على مجهول الحال ببطانته، فلأن بطانته أهل مذهب معين حالهم ظاهر غير متلونين (ليسوا كوادر سرية)، ولأنه ليست له بطانة غيرهم فيما يبدو من السؤال.
وحال أهل البدع قرينة، فإذا كانوا قلة ضعفاء فإن مجرد تقرب السني منهم معتبر، وكان هذا حالهم في عهد السلف.
ومما يدل على اعتبار القرينة الأقوى عند الحكم على الأعيان قول النبي ﷺ في الجليس السوء؛ (إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً منتنة).
وجه الدلالة هو اختلاف أثر الجليس قوة وضعفاً.
وقد دل العقل ودلت التجارب المؤكدة على أن التأثير والتأثر بقدر قوة الإيمان والعلم والشخصية.
وتأثير المبتدع في السني ليس بأولى من العكس.
ولا ينبغي التهوين من أثر الصحبة، فمعظم النار من مستصغر الشرر.
فأقل ما قد يطرأ على جليس أهل البدع عظيم، ومن ذلك تعظيم أخطاء أهل السنة وتهوين انحرافات أهل البدع في نفسه، فلن يألوا أهل البدع جهداً لتحقيق أقل ما يمكنهم.
ولما سبق فرق ابن تيمية رحمه الله بين الحذر من جلساء السوء وعقوبتهم، والحكم عليهم وإشاعته عقوبة.
قال ابن تيمية رحمه الله: (وأما الحذر من الرجل في شهادته وأمانته ونحو ذلك، فلا يحتاج إلى المعاينة؛ بل الاستفاضة كافية في ذلك، وما هو دون الاستفاضة، حتى إنَّه يستدلُّ عليه بأقرانه، كما قال ابن مسعود: "اعتبروا الناس بأخدانهم"، فهذا لدفع شرِّه، مثل الاحتراز من العدو. وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "احترسوا من النَّاس بسوء الظن". فهذا أمر عمر، مع أنَّه لا تجوز عقوبة المسلم بسوء الظن) [٧].
والقاريء الكريم يعلم أن أقوال السلف والعلماء السابقة مستنبطة من النصوص، ولمزيد اطمئنان القلوب أذكر من النصوص ما يلي؛
قال رسول الله ﷺ: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) [٨].
وقال الله تعالى: ﴿ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيراً منهم فاسقون﴾.
والمعنى نفي أصل الإيمان عمن والى الكفار في الدين أو رضاً بدينهم، ويدخل في معنى الآية نفي كمال الإيمان عمن والى كفاراً بما فيه ضرر على استقامته على الدين أو نصرته.
ومن يكفر بهذه الآية كل من والى المشركين فإنه قد زاد في الحكم الشرعي [٩]، فكذلك من يبدع دون تحقيق وتمحيص.
ولا ينبغي التساهل في موالاة الكفار، فإنها من الكفر المحتمل، والكفر المحتمل من أعظم علامات النفاق، وإنما ذكر الله تعالى صفات المنافقين للحذر منهم.
وكذا لا ينبغي التساهل في مجالسة أهل البدع والحذر ممن يجالسهم، والحذر غير التحذير الجازم بالحكم، وقد يجب التحذير على سبيل التنبيه للحذر لا على سبيل الجزم في غير محله.

الاعتدال في تصنيف جلساء المبتدعة

ومما يعين على الاعتدال في التصنيف بالمجالسة بمعنى الصحبة؛ التفريق بين الحكم العام والحكم على المعين.
فالحكم العام فيمن يجالس أهل البدع أنه يلحق بهم، وأما في الحكم على المعين فقد توجد قرينة أقوى من قرينة المجالسة، ولذا فمن يجالس أهل البدع ممن ينتسب لأهل السنة عند التعيين أصناف؛
١. أن نجهل حاله، ونعلم عنه فقط أنه ينتسب إلى السنة ويُجالس أهل البدع، فهذا يجب الحذر منه.
٢. أن نعلم أنه ينصر العقيدة والسنة، ولكنه يقلل من شأن انحرافات أهل البدع، أو يعظم زلات أهل السنة، أو يبغض أهل السنة، فهذا يعامل بحسبه.
فمجالسة المبتدعة توغر صدر مجالسهم على أهل السنة، لأن المبتدعة لا يألون جهداً في تعظيم زلات بعض السلفيين والتقليل من شأن انحرافات المبتدعة.
٣. أن نعلم أنه يقدم ولاءه لمن يجالسهم على ولائه للسنة ودعاتها فهذا مبتدع.
٤. أن نعلم أنه متمسك بالسنة ويقدم ولاءه للسنة وأهلها على من يجالسهم، فهذا سلفي غير أنه واقع في زلة عظيمة ويُخشى عليه.
فتضعف قرينة الصحبة في هذه الحالة بوجود قرائن أقوى منها، إذ تأثير البدعي في السني ليس بأولى من تأثير السني في البدعي، ولكن يقع التأثير ولو بالقليل؛ (إمّا أنْ يُحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمّا أنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً)، ومعظم النار من مستصغر الشرر.
أمثلة واقعية لبيان حال الأصناف السابقة؛ مدونتي » سياسة واقتصاد » سلفي مؤتمري.

معينات تجنب الغلو في التصنيف

ولتجنب الغلو في التصنيف لابد من اعتبار أمور، منها ما يلي؛
التفريق بين مجالسة الصحبة وتكرار الجلوس لحاجة دينية أو دنيوية، كالجلوس المتكرر في فصل دراسي دنيوي مع زملاء فيهم فساق ومبتدعة، وأما المجالسة الواردة في الحديث فإنها تعني الصداقة.
ومنها؛ التفريق بين الحَذَرِ والتحذير في حق المعيَّن، فالتحذير حكم على المحذر منه، والتنبيه على الحذر تحذير غير مؤكد، بمعنى ترك الأمر لمن يعرف حال المحذر منه أو يمكنه معرفة حاله، وقد يحكم لنفسه ومن خبر مثل خبرته، فإبداء بعض الأحكام قد يؤدي إلى فتنة بسبب تعسر إثبات الدعوى.
ومنها؛ معرفة أن التحذير من معين إذا أدى إلى ضرر أعظم فإنه يجب تركه، وأن الحال قد يقتضي ترك التحذير لتأليفه أو تأليف أتباعه، وكلما كثر ابتعاد الناس عن آثار النبوة كلما كان التأليف أنفع من التحذير كالهجر.
ومنها؛ الفرق بين التحذير والهجر من جهة والتبديع من جهة أخرى، فمُطلق الهجر والتحذير لا يستلزم التبديع.
ولكن التحذير والهجر على طريقة غلاة التبديع يستلزم التبديع، وذلك لأن مقصد التبديع هو إماتة البدعة والتنفير منها، فحُكم المُبتدع في الآخرة قد يكون العُذر كمن شك في شيء من كمال قدرة الله عز وجل، وحكمه في الدنيا عدم اتخاذه جليساً، وإذا ترجحت المصلحة؛ هجره فيما دون ذلك والتحذير منه.

حكم غلاة التصنيف

من أصابته فتنة الغلو في التحذير والتنفير والرودود من رؤوس أو عوام غلاة الجرح والتبديع فهو من أهل البدعة والفرقة وليس من أهل السنة والجماعة، لأنهم يوالون ويعادون على آرائهم ويفرقون بها بين أهل السنة ويفارقونهم بها.
ولكن لا يبدع كل من أصابه شيء من هذه الفتنة، وفرق بين من أصابته الفتنة ومن أصيب بشيء منها، فإن الفتن إذا وقعت لا يكاد يخلو أحد من إصابته بشيء منها، فوقوع تضليل وتبديع بغير حق خطأً أو لهوىً خفي عارض وارد من أفاضل الناس فضلاً عن غيرهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (ومثل هؤلاء إذا لم يجعلوا ما ابتدعوه قولاً يفارقون به جماعة المسلمين; يوالون عليه ويعادون; كان من نوع الخطأ، والله سبحانه وتعالى يغفر للمؤمنين خطأهم في مثل ذلك) [١٠].
وقال: (فمن جعل طريق أحد من العلماء والفقهاء أو طريق أحد من العباد والنساك أفضل من طريق الصحابة فهو مخطئ ضال مبتدع، ومن جعل كل مجتهد في طاعة أخطأ في بعض الأمور مذموماً معيباً ممقوتاً فهو مخطئ ضال مبتدع) [١١].
والخوارج لم يخالفوا في ركن من أركان الإيمان ولا الإسلام ولا في قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، وإنما جعلوا رأيهم السياسي الرافض للتحكيم أصلاً، بل جعلوا مجرد التحكيم مخالفاً لأصل الدين وهو التوحيد، فقالوا فيه لا حكم إلا لله.
فكفر الخوارج برأيهم في عدم جواز التحكيم، واستحلوا به الأموال والأنفس والأعراض، وفرقوا به جماعة المسلمين، فكان منشأ بدعتهم التعصب لرأيهم وعقد الولاء والبراء عليه.

التصنيف وهجر المبتدعة

معرفة الطريقة الصحيحة المعتدلة لتصنيف الناس من غير أصحاب البدع المغلظة والمجاهرين بالدعوة إلى البدع لمما يُعين على الحذر ومعرفة العدو من الصديق الأقرب فالأقرب.
فمما يعين على الاعتدال في تصنيف أمثال هؤلاء؛ التفريق بين هجر مجالسة أهل البدع وهجرهم فيما دون المجالسة.
فمن أسباب الاضطراب عدم التفريق بين أنواع هجر المبتدعة الأربعة التالية وجعل حكمها واحداً؛
١. هجر أهل البدع اجتماعياً.
٢. هجر مجالسة أهل البدع بمعنى اتخاذهم جلساء وأصحاب.
٣. هجر دروس أهل البدع ومجالسهم الدعوية والثناء عليهم.
٤. هجر أهل البدع بترك التعاون معهم.
٥. وسبب خامس، وهو عدم الإنصاف والتلاعب باللفظ.

الهجر الاجتماعي

١. هجر أهل البدع اجتماعياً بنحو عدم السلام عليهم والتحدث معهم خلاف الأصل في زمان ومكان غربة السنة، وذلك لأن للمبتدع حقوق المسلم في الأصل، ولأن الأصل الرفق والبر والقسط في معاملة الناس، والبر هو الصلة.
وهذا النوع من الهجر هو الأصل حال ظهور الحجة وعند قوة أهل السنة أو كثرتهم، وذلك بدليل حال السلف مع أهل البدع، ولأن أحكام الشريعة فيها تغليظ على من يحرف الأحكام التي أجمع عليها السلف.
ولذا أجمع العلماء على وجوب قتل المرتد الزنديق والمحرف لأحكام الدين [١٢]، وعلى وجوب أن يقاتل إمام المسلمين عند القدرة الممتنعين عن شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة كمانعي الزكاة والخوارج وأهل البدع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في وجوب قتال الطائفة الممتنعة عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة: (وكذلك إن أظهروا البدع المخالفة للكتاب والسنة واتباع سلف الأمة وأئمتها) [١٣].
وقد كان أثر الزنادقة والمبدلين للشرائع عبر التاريخ أسوأ من غزو الجيوش، بدءاً بمانعي الزكاة ثم الخروج على عثمان ثم علي رضي الله عنهما ثم تظاهر بعض الزنادقة بالتشيع لآل البيت.
والقوة الداخلية أهم من موازين القوى الخارجية، ولا توجد قوة داخلية من غير ولاء ووحدة كلمة، ولذا ذكر الله تعالى أن النزاع سبب الفشل، وأمر بالولاء للمؤمنين والبراءة من الكافرين، والبدع والمحدثات تفرق الأمة وتضعف الولاء لها.
ولكن الأصل في زمان ومكان غربة السنة التأليف وليس العقوبة والهجر، وأما حال السلف مع أهل البدع فلا يقارن بوقتنا لأسباب، منها؛ ظهور الحجة في وقتهم وغربة السنة وكثرة الأهواء في زماننا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في قوتهم وضعفهم وقلتهم وكثرتهم، فإن المقصود به زجر المهجور وتأديبه ورجوع العامة عن مثل حاله، فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفيته كان مشروعاً، وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك بل يزيد الشر والهاجر ضعيف بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته لم يشرع الهجر; بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر) [١٤].
وهجر المبتدع والعاصي ينظر في مصلحته من ثلاث جهات؛
١. مصلحة المهجور لينزجر، كالثلاثة الذين خلفوا.
٢. مصلحة العامة لينزجروا عن متابعة المبتدع.
هاتان الجهتان متعلقتان بقوة أهل السنة وضعفهم وقلتهم وكثرتهم، فإذا كانوا قلة ضعفاء فإنَّ الهجر فيما دون المجالسة عقوبة على أنفسهم وليس على أهل البدع.
ويشترط غلبة الظن بانتفاع المهجور بالهجر.
مصلحة الهاجر لكيلا يتأثر بأهل البدع، وهذه لا تقتضي الهجر المطلق وإنما يكفي لها هجر المجالسة.
فهذا النوع من الهجر للزجر والتأديب، ولذا فهو حكم متغير منوط بعلل.

هجر المجالسة

٢. أما هجر المجالسة بمعنى الصحبة فهو حكم ثابت، والجليس يعنى الصاحب.
فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: (مَثَلُ الجَلِيسِ الصّالِحِ والسَّوْءِ، كَحامِلِ المِسْكِ ونافِخِ الكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ: إمّا أنْ يُحْذِيَكَ، وإمّا أنْ تَبْتاعَ منه، وإمّا أنْ تَجِدَ منه رِيحًا طَيِّبَةً، ونافِخُ الكِيرِ: إمّا أنْ يُحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمّا أنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً) [١٥].
وقال رسول الله ﷺ: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) [١٦].

هجر الدروس والمجالس الدعوية والثناء

٣. وأما وجوب هجر دروس أهل البدع ومجالسهم الدعوية والثناء عليهم، فهو من أوضح ما يكون في أدلة الشرع والعقل.
فمن قواعد الشرع سد الذرائع.
ولا يشك عاقل أن ما ورد بخلاف ذلك استثناء منوط بالاحتياج أو الاضطرار، والحاجة تقدر بقدرها كالضرورة.
وفي الحديث؛ (إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر)، قال ابن المبارك رحمه الله تعالى: (الأصاغر من أهل البدع) [١٧].
والحق يُقبل من كل من قاله ولو كان قائله الشيطان، ولكن الحق لا يُطلب إلا من أهله، فلا أحد يقول بجواز طلب الحق من الشيطان.
فمن وجد حقاً عند كافر أو مبتدع دون سعي منه وطلب وجب عليه قبوله، ولكن الحق قد يلتبس على المُبتديء.
 وهذا في غير العلوم الدنيوية والمعارف البشرية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ومن أدمن على أخذ الحكمة والآداب من كلام حكماء فارس والروم، لا يبقى لحكمة الإسلام وآدابه في قلبه ذاك الموقع) [١٨] .
وترك النقل عمن يخفى حاله من أهل البدع أولى وكذا ترك الثناء عليه من تركه عمن حاله معلوم منهم.
فمطلق جواز النقل عن أهل البدع لغير سبب أو الثناء عليهم من غير تفصيل فيه غش لمن يجهل حالهم وتغرير العوام بهم وتزيين طريقتهم.
وأما استدلال العلماء ببعض كلام أهل البدع أو الثناء عليهم، فلا تكاد تجد شيئاً من ذلك إلا ومعه إشارةٌ إلى ما أخطؤوا فيه، والفرق بين هذا وبين تزيين طريقتهم وتعظيمهم واضح.
وفرق في ذكر محاسن أهل البدع بين مقام التقييم والترجمة ومقام الرد والتحذير.
ولذا لا يصح الاستدلال بكلام الذهبي رحمه الله تعالى على مطلق جواز ذكر محاسن أهل البدع، لأن كلامه في مقام الترجمة.
والعدل يقتضي ذكر محاسنهم في مقام التقييم والترجمة.
وأما في مقام التحذير والرد، فإن ذكر محاسنهم قد يكون فيه تشويش على الناس، وقد يلزم فيه ذكر محاسنهم، وذلك حسب الحال.
فالأمر متعلق بالحاجة والضرورة والتعذر.
قال ابن تيمية رحمه الله: (فإذا تعذَّر إقامة الواجبات من العلم والجهاد وغير ذلك، إلا بمن فيه بدعة، مضرَّتها دون مضرَّة ترك ذلك الواجب، كان تحصيل مصلحة الواجب مع مفسدة مرجوحة معه خيراً من العكس) [١٩] .
(ورواية السلف في الكوفة عن القدرية كانت للحاجة وخشية ضياع الحديث، ولا يصلح أن يكون هذا دليلاً على أن القدرية يكملون نقصاً في أهل السنة، ولا على إطلاق القول بأن القدرية يسدون ثغرات، ولا على أن وجودهم ظاهرة صحية وعدم جواز محاربتهم) [٢٠].

التعاون مع المخالفين

٤. وأما التعاون مع المبتدعة في أمر شرعي يعلي شأنهم فهو منوط بالاحتياج لأنه محرم لغيره، ومنوط بالاضطرار إذا تضمن مخالفة ضررها أخف.
والمخالفون ليسوا فقط من خالف في أصل عظيم، كالذي ينقض ركناً من أركان الإيمان أو الإسلام، أو القاعدة العظيمة من قواعد الإسلام كإجماع الصحابة رضي الله عنهم، أو الجزئيات العديدة التي تعود على قاعدة بالنقض.
بل يشمل المخالفون من تعصبوا لآرائهم وجعلوها أصل دعوتهم وتمايزوا بها عن أهل السنة والجماعة وعقدوا الولاء والبراء عليها.
وقد كان منشأ بدعة الخوارج التعصب لرأيهم السياسي الرافض للتحكيم، فجعلوه أصلاً عظيماً، وجعلوا مخالفه مخالفاً لأصل الدين وهو التوحيد، وهو مرادهم بقولهم لا حكم إلا لله.
فالخوارج لم يخالفوا في أصل عظيم ناقض لركن من أركان الإيمان ولا الإسلام، وإنما كفروا برأيهم في عدم جواز التحكيم، واستحلوا به الأموال والأنفس والأعراض، وفرقوا به جماعة المسلمين.
وقد أجمع أهل السنة على وجوب طاعة كل بر وفاجر وسني ومبتدع من الحكام.
فيجب أن يتحد المسلمون في المواقف العامة المشتركة وفي نظام الحكم في البلاد التي يحكمها مسلمون يقيمون فيها الشهادتين والصلاة.
ووحدة الأقليات المسلمة تكون بمثل مجلس تنسيق للمراكز الإسلامية مع تمايز السلفيين بمراكزهم الخاصة.
فهذا هو سبيل وحدة أهل القبلة، وأما تجميع المختلفين في عمل يشمل مجاله ما يرونه أصلاً عظيماً مما اختلفوا فيه، فهو مما يزيد التفرق والتنازع مع مخالفته لمنهج أهل السنة والجماعة.
وقد تشققت الجماعات والجمعيات والمراكز والأحزاب التي ادعت توحيد المسلمين بهذه الطريقة.
وأما مخالفة هذا السبيل للمنهج فلأنه يؤدي إلى التنازل وترك بيان الطرق المبتدعة في الدين.
فوحدة المسلمين وعملهم السياسي بالمشترك المتفق عليه كطاعة الحاكم المسلم المقيم لأصل الدين في المنشط والمكره.
والتعاون مع المبتدعة مدنياً يُقصر على مواقف ومنظمات تخصصها مشترك كالنقابات، ولا تترك لأجلهم المنظمات الحكومية العامة كمجامع الفقه ونحوها مما يجب فيه مزاحمة الباطل.
فيجب التمايز في المنظمات المدنية التي تتزاحم فيها خلافات أصولية مع مشتركات أهل القبلة، كالدعوية والسياسية.
والمنظمات المدنية التي يجوز أن تكون مشتركة مع أهل البدع هي التي تكون متخصصة في المسائل المشتركة.
والاشتراك قد يكون بين الناس عامة كاتحادات الطلاب ونقابات العمال أو بين المسلمين خاصة، وذلك لأن القضايا المشتركة إما أن تكون دينية أو دنيوية.
ويجب السعي في الحفاظ على طبيعة التجمعات الخدمية ومنع الأحزاب السياسية من استغلالها في صراعاتهم السياسية.
وأما التنظيمات الدعوية والسياسية فعملها يحوي مسائل غير مشتركة، ومنها ما فيه خلاف أصولي مع أهل البدع، فلا يجوز الدخول مع أهل البدع في مثل هذه التنظيمات المدنية.
وكل تنظيم يشمل مجاله مسائل أصولية غير مشتركة أو يراها المخالفون أصولية، فمصيره إما إلى الفشل أو مجاراة المخالفين، وقد دلت على ذلك التجربة والعقل المجرد مع دلالة الشرع وأقوال السلف عليه.
ولذا لما سئل الشيخ الإمام الألباني رحمه الله تعالى عن حركة الجهاد الإسلامي الأرتري التي أسسها سلفيون وإخوان مسلمون، أجاب بأن التجارب المعاصرة قد دلت على أن مصير هذه التحالفات إلى فشل، وهذا ما حدث فعلاً في هذه الحركة.
وقد حدث الفشل أيضاً في السودان في جبهة الميثاق الإسلامي التي أسسها أنصار السنة والإخوان المسلمون، وبعدها قطع الشيخ الهدية رحمه الله تعالى بألا يكرر التجربة.
وإذا كان السلف قد نهوا عن مطلق الجلوس مع أهل البدع من باب الهجر، فمن باب أولى النهي عن التعاون معهم بدون احتياج أو اضطرار، وذلك لأن الأصل محاربة البدعة وأهلها.
والحاجة تقدر بقدرها كالضرورة، دون حجر وتضييق ولا توسع وتساهل، بل كلما ضاق الأمر اتسع وكلما اتسع ضاق.
ولا يزال الحركيون ومن تأثر بهم يلبسون على أهل السنة السلفيين، ومن ذلك نشر بعضهم كلاماً لعلماء حول التعاون مع أهل البدع وذكر محاسنهم والسكوت عن بعضهم، فهؤلاء الناشرون يضعون كلام هؤلاء العلماء في غير موضعه.
والعالم قد يخطيء في التعبير عن مراده لإعياء أو تعب أو لتأكيد أمر في ظرف خاص ونحو ذلك من الأسباب، ولذا قال الفقهاء؛ لازم المذهب ليس بلازم حتى يلتزمه صاحبه، قالوا لأنه قد يغفل عن لازم قوله.

إنصاف أهل البدع

٥. وأما مسألة إنصاف المبتدعة، فهي مهمة عند الترجمة والتعريف والتقييم، ولأن كلام الذهبي رحمه الله تعالى في مقام الترجمة؛ نجد فيه توسعاً في ذكر محاسن المبتدعة.
أما مقام التحذير؛ فلا يحسن فيه ذكر محاسن المبتدعة لما في ذلك من تزيين طريقتهم.
ومن تسمية الأمور بغير أسمائها تسمية تعظيم المبتدعة بمدحهم عدلاً وإنصافاً.
وقد كتبتُ في رد شبهات المتساهلين والغلاة في التبديع إضافة إلى هذا المقال المقالات التالية؛
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
عمر عبداللطيف محمدنور عبدالله
السبت ٧ محرم ١٤٣٨هـ، ٨ أُكتوبر ٢٠١٦م
لوند، السويد

المراجع

[١] إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل (ص755)، [الكتاب مرقم آليا، دروس مفرغة].
[٢] طبقات الحنابلة (ج١/ص‏١٦٠)، تحقيق؛ محمد حامد الفقي، دار المعرفة - بيروت
[٣] الإبانة الكبرى لابن بطة (ج٢/ص‏٤٧٣)، دار الراية للنشر والتوزيع، الرياض.
[٤] الإبانة الصغرى ص١٥٦.
[٥] الإبانة الكبرى (ج٢/‏ص٤٥٢).
[٦] الإبانة الكبرى (ج٢/‏ص٤٧٩).
[٧] مجموع الفتاوى (ج28/ص372)،  الطبعة السابقة.
[٨] أخرجه أبو داود (٤٨٣٣)، والترمذي (٢٣٧٨)، وأحمد (٨٣٩٨) واللفظ له، وقال الألباني في هداية الرواة (ج٤/‏ص٤٤٢): إسناده حسن.
[٩] الولاء الشرعي.
[١٠] مجموع فتاوى ابن تيمية (ج3/ص348)، الطبعة السابقة.
[١١] مجموع فتاوى ابن تيمية (ج11/ص15)، الطبعة السابقة.
[١٢] حكم المرتد.
[١٣] مجموع الفتاوى (ج٢٨/ص٥١٠-٥١١)، مجمع الملك فهد، 1416هـ/1995م.
[١٤] مجموع فتاوى ابن تيمية (ج28/ص206)، الطبعة السابقة.
[١٥] أخرجه البخاري (٥٥٣٤) واللفظ له، ومسلم (٢٦٢٨).
[١٦] أخرجه أبو داود (٤٨٣٣)، والترمذي (٢٣٧٨)، وأحمد (٨٣٩٨) واللفظ له، وقال الألباني في هداية الرواة (ج٤/‏ص٤٤٢): إسناده حسن.
[١٧] شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (ص١/‏ج٩٥). [١٨] اقتضاء الصراط المستقيم (ج١/ص٥٤٣).
[١٩] الفتاوى (ج٢٨/ص٢١٢).
[٢٠] منقول من؛ مدونتي » شبهات وردود » الإخوان بين اليوسف والمدخلي وأنصار السنة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق