المؤامرة ليست نظرية!

ملخص؛ الحذر ضروري، والتحذير بدون ضوابط الضرورة إشانة سمعة، واستخبارات الدول والأحزاب تسرب الأكاذيب ممزوجة بحقائق.
من الإفراط في حسن الظن الشعور بأن الحذر هضم لحق وكأنه عقوبة.
فالحذر فيه سوء ظن، ولكنه يختلف عن سوء الظن المنهي عنه، وهو ما يصدر عن غل وكراهية أو حسد ولو عارض بسبب منافسة مشروعة.
وسوء الظن المنهي عنه غالباً ما تصحبه عقوبة ولو كانت مجرد إشانة السمعة، خلافاً للحذر.
فالحذر لا يقتضي التحذير إلا في حدود ما يقتضيه الأصلح (الضروري وليس الحاجي)، هذا مع تقدير الضرورة بقدرها، فلا يتوسع في التحذير بما قد يؤدي إلى إشانة سمعة دون اعتبار الأصلح وحدوده.
ولكن الإفراط في حسن الظن مضر بمصالح الأفراد الضرورية والحاجية، وخطره على المجتمعات والدول أبلغ.
وهو كثير في عامة الناس، وثمة من هو كثير الشك لا يكاد يثق في أحد، ويفسر كل شيء بأنه مؤامرة.
وفي المقابل ثمة من لا يكاد يصدق وجود مؤامرة.
والمؤامرة كمفهوم حقيقة وليست نظرية، ولكن المُعيَّن منها قد يكون نظرية، فرضية، حقيقة، خيالاً، أو كذباً.
فلا ينبغي أن نردد كلام الغربيين كالببغاوات، فقد يكون هدفهم صرف أنظارنا عن مؤامراتهم.
فيلاحظ تصديق بعض الناس من يظنون فيه أنه قوي التحليل دون ملاحظة أن تحليله قد يكون مبنياً على معلومات سرية، ودون تساؤل عن كيفية حصوله عليها.
أجهزة الاستخبارات في كل العالم تسرب معلومات صحيحة بغرض تسريب معلومات كاذبة معها، لأنها تعلم أن الناس لا يصدقون الكذب المحض.
وقد تستخدم هذه الأجهزة من لا يعمل معها ولا يتقاضى منها أجراً لتسريب معلومات صحيحة ممزوجة بكذب.
وطريقة الأجهزة في ذلك أنها ترسل للمؤثرين كالمحللين السياسيين والكتاب من يصادقهم ويوحي لهم بأنه يعمل في الاستخبارات.
وقد يحرص الإعلامي على مثل هذه الصداقة لأن صاحبه يسرب له معلومات صحيحة تجعل تحليله أصدق من غيره، ولكن المسكين قد لا يدري أنه طعم تسرب من خلاله معلومات كاذبة أو مضللة ممزوجة بمعلومات صادقة.
ومن لا يدقق فيما وراء التحليلات قد يصدق كل من يتحدث بلهجة وطنية دون تساؤلات، لا سيما لو أخرج المحلل للناس معلومات في مصلحة الوطن لم يخرجها غيره.
وأجهزة الاستخبارات الحكومية والحزبية قد تتعمد تسريب معلومات فيها خطورة على مشروعها لعلمها بأن الناس لن يصدقوها إلا بعد أن تتحقق في الواقع.
فمن المصلحة الوطنية وضع علامات استفهام حول من يكثر صدق تحليله، مثل؛ هل تستخدمه استخبارات دول أو أحزاب وهو لا يدري (مغفل نافع)؟ وهل ثمة ما يشكك في أن له أجندة؟
فمثلاً من أخرج ما يظن الناس أنها تحليلات صادقة وأنها مبنية على معلومات عن مو إبراهيم وحمدوك وغيرهما، ينبغي أن نتساءل هل معلوماته كلها صحيحة؟ وهل هو مستخدم وهو لا يدري؟ وهل له أجندة خاصة؟
ومن القرائن التي لا تزيد عن كونها مجرد تساؤلات ما يلي؛
١. احتمال أن يكون الحزب الشيوعي قد اخترق الماسونية بمساعدة دول شيوعية كالصين.
٢. كون المحلل شيوعي أو كان شيوعياً.
وكل من يقول أو يقال عنه كان شيوعياً أو إخوانياً فهو لا يزال معهم باحتمال وارد ما لم يثبت العكس.
وذلك لأن أعضاء الأحزاب كلهم كوادر سرية عدا من تقتضي الضرورة ظهور حقيقتهم كالنشطين والإداريين.
وأنا أقول هذا عن خبرة تزيد عن ٢٥ سنة في الغرب مع الإخوان والفتحاويين والشيوعيين وغيرهم من الحزبيين من جميع الجنسيات.
٣. لدى المحلل معلومات حساسة لا يمكن الحصول عليها من مكتبات المحافل الماسونية، وأما الويكيليكس، فإن عدم حصول غيره على تلك المعلومات قد يشير إلى أنه عرفها أولاً بطريقة مباشرة قبل البحث عنها في الويكيليكس.
وثمة شك في ماسونية الويكيليكس، ولا يصدق أن أمريكا لا تستطيع القبض على مالكها بسبب القوانين البريطانية.
٤. دفاع المحلل عن الحركيين قد يشكك في أنه يخادعهم لتحقيق أهداف معينة، ولا يستبعد التمكن من خداعهم، فهم ليسوا أذكى من غيرهم من السودانيين.
٥. أن المحلل يعد من يتهمهم بالماسونية أصدقاء ويقابلهم، فكيف يقبلون مقابلته والحديث معه بأريحية وهو يفضحهم؟
٦. انحياز شيوعيين من أمثال ياسر عرمان للتمرد.
٧. مطالبة مسؤولة أمريكية سابقة بإصدار عقوبات على المتهمين بالماسونية.
٨. تعاون شركة فاغنر الروسية مع الدعم السريع، والخلاف بين الغرب وروسيا واضح في حرب أوكرانيا.
فهذا قد يشير إلى اختراق الحزب الشيوعي للماسونية بسبب تقارب الصين وروسيا وربما وجود شيوعيين روس في النظام الروسي.

بصمات الحزب الشيوعي

حول فصل أو انفصال عرمان والشفيع وحمدوك ونحوهم عن الحزب الشيوعي؛ لا أدري لماذا يستبعد الحركيون ومن صدق تحليلاتهم واستخباراتهم أن يكون هذا تبادل أدوار؟
فعندما كان الحزب الشيوعي يقاتل الدولة السودانية باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون غرنغ، لم يكن للحزب الشيوعي خيار للعبهم القذر غير تبادل الأدوار وفصل من يعمل من أعضائه بصورة واضحة مع التمرد، سواء كان هذا في عهد النميري أو سوار الذهب أو الصادق المهدي أو البشير.
وإذا افترضنا أنه فصل حقيقي لبعض الأعضاء أو انفصال حقيقي، فلماذا نستبعد التعاون والتنسيق أو إعادة العضوية بعد الفصل أو الانفصال؟
ولا أستبعد بذلك وجود خلافات بين أعضاء الحزب الشيوعي، فأنا أعرف أن بين أعضائه من الخلافات المالية والأخلاقية ما هو أعظم من خلافاتهم مع من يعادونهم سياسياً ﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ﴾.
وبمناسبة استمرار تمرد الحزب الشيوعي بقيادة جون غرنغ حتى في الفترة الديمقراطية، فإنها رسالة لمن يصدق أن الحزب الشيوعي يسعى لديمقراطية بمعنى حكم منتخب.
ومن الوقاحة أن يتحدث الحزب الشيوعي عن الديمقراطية الحزبية التعددية وكل حكوماته التاريخية والحالية شمولية (الاتحاد السوفيتي، الصين، كوريا الشمالية، كوبا، ...إلخ).
ولا أستبعد تحكم الحزب الشيوعي في المؤتمر السواني حتى ولو ثبت أن من أنشأه هم الحركيون، فالحزب الشيوعي تلاعب على كثير من الناس بكل السبل القذرة، ومنها الاختراق والتظاهر بالتوبة والوطنية، والتلاعب على من فيه ضعف في العلم أيسر.
والله تعالى أعلم.
عمر عبداللطيف محمدنور عبدالله
لوند، السويد
الجمعة ٦ ذوالقعدة ١٤٤٤هـ، ٢٦ مايو ٢٠٢٣م

مصادر وملاحق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق