مما يؤكد واقعية المقترح في الوضع في السودان توقع تأييد أكثر من ٨٠٪ من الأمّة السودانية لأصل مُقترح التَّشْوَقَة وجماعتها النصحية السياسية، والتالية بعض الأسباب.
1. كراهية أكثر الأمة للأحزاب أو عدم قناعته بها.
2. ولأن المُقترح فيه تمثيل حقيقي لاختيار الناس لممثليهم واختيارهم للرؤى السياسية.
3. ولأن جماعة النصح الناس بمثل طرح حلول للأزمات العاجلة كأزمة الكهرباء والمواصلات ولو بجهد عامّة الناس كفضل الظهر، وبمثل محاربة الظلم والمحسوبية وحفظ الحقوق بالنصح والضغط، والسبيل إلى القلوب هو الإحسان.
4. ولضعف شبهة التجارة بالدين والمباديء الإنسانية وتغليب المنفعة الخاصة على العامة، لأن جماعة النصح ليست حزباً يسعى للسلطة والثروة، ولأنها تتبنى منع انتخاب من يرشح نفسه، فلا مجال لاتهامها بالمتاجرة بالدين أو المباديء.
5. ولدعوة جماعة النصح لحفظ الدين، إذ لايزال في الناس تدين وحب للملة.
6. ولأن إعادة تشكيل النظام السياسي وفق رؤية سياسية شرعية فيه تحقيق مصالح الناس الدينية والدنيوية وتأهيل السودان ليكون في مصاف الدول المتقدمة.
7. ومما يخدم جماعة النصح؛ صراع الأحزاب فيما بينها ومع الدولة العميقة، وصراع مكونات الدولة العميقة فيما بينها.
وإضافة إلى توقع تأييد أكثر الناس مقترح التَّشْوَقَة وجماعتها النصحية السياسية، فهذا المتوقع كذلك من التكتلات غير الحزبية، مثل الاتحادات الطلابية والنقابات المهنية والجماعات الدعوية والإدارات الأهلية.
ويحق لجماعات النصح منافسة الأحزاب واللوبيات في السيطرة على الاتحادات الطلابية والنقابات المهنية، وذلك لإبعادهم عن استخدامها في صراعهم السياسي، وللمحافظة على عملها الخدمي الحقوقي، فالوظائف العادية كثيرة وأقل أهمية من العُليا، فضرر التنافس عليها مرجوح خلافاً للوظائف السياسية العليا المحدودة العدد والتي يشتد التنافس عليها لأهميتها.
وقد تجد بعض آليات التَّشْوَقَة قبولاً عند بعض التكتلات الحزبية ورؤوس أهل الشوكة (ضباط الجيش)؛ فمثلاً يمكن أن تقبل التكتلات الحزبية الصغيرة الانتخاب الهرمي، لأنه ليس لها مال وإعلام يجعلها تنافس الأحزاب الكبيرة، وقد تقبل بعض الأحزاب الكبيرة التي لها تأييد جماهيري كبير كحزب الأمّة بالانتخاب الهرمي لظنها بأنّ الناس معها.
ومسألة ضبط النقد والضغط وتحويل الأحزاب السياسية إلى جماعات نصح قد تجد قبولاً عند رؤوس أهل الشوكة أو غيرهم من القيادات فيؤيدونها، وذلك لما في ضوابط النقد من عدل وحرب شائعات، ولما في جماعات النصح من استقرار ووحدة وطنية.
والانتخابات الهرمية تحقق العدل وتحقق رضا الناس عمن اختاروهم بأنفسهم، ورضا الناس هو من أهم أسباب نجاح الأنظمة الحاكمة، لأنه سبب في تعاونهم مع النظام، ولأنه يدفع أسباب التمرد والصراع والحروب، ولأنه يعين على صبر الناس على الأزمات التي تحدث بسبب خارج عن قدرة النظام الحاكم وإرادته.
والمطلوب من جماعة النصح تبني التَّشْوَقَة والتبشير بها كاملةً نظرياً ولكن في التطبيق العملي تسعى لتطبيقها بتدرج، فتحاول مثلاً الضغط لإجراء استفتاء عام حول قضية معينة ونحو ذلك، وقبل ذلك تبدأ بخدمة المجتمع، وذلك بمثل تقديم حلول عملية لأزمات اقتصادية عاجلة كأزمة الخبز والوقود والمواصلات ولو بجهود عامّة الناس كمشروع فضل الظهر ونحوه.
وإذا كان إعلان محاربة جماعة النصح للتحزب يؤدي إلى صراعها مع الأحزاب، فإن إعلان حزب سياسي يؤدي أيضاً إلى صراعه مع الأحزاب الأخرى المختلفة معه عقدياً أو منهجياً أو سياسياً، إضافةً للصراع مع الحزب لمجرد التنافس على السلطة.
ولن يتحقق استقرار في السودان مع صراع الأحزاب، وبعض الحُكومات الجبرية أكثر استقراراً من حُكومات ليس فيها تحكم خفي في المُعترك السياسي الحزبي، مثل؛ الصين، والخليج، وسلطنة بروناي.
وذلك لأن التنافس السياسي في النظام الحزبي الأحادي الجبري داخل الحزب الحاكم أوسع وأشد من التنافس بين أفراد الأسر المالكة، والتنافس بين أفراد الأسر المالكة أقل خطورة من التنافس في الأنظمة العسكرية المحضة، ويظهر ضرر التنافس في الحزب الحاكم سريعاً مع الأزمات الاقتصادية.
ومن أهم أسباب عدم الاستقرار وعودة الحكم العسكري بعد كل فترة ديمقراطية في السودان مراراً النظام الحزبي نفسه، خاصة طريقته في السودان التي ليس فيها ضامن سيادي أو ضامن من لوبٍ سري لاستمراره، ويرجى حول هذا الرجوع إلى؛ التجربة البريطانية، والماليزية، والغربية عموماً، والهندية.
من عدم الاستقرار وعدم استمرار نظام النميري والبشير العسكري، أنه كان نظاماً مزدوجاً عسكرياً حزبياً أحادياً أولاً ثم عسكرياً حزبياً متعدداً مُداراً ثانياً.
فالسبب الرئيسي في عدم استقرار ملك البشير ثم زواله هو الانشطارات داخل المؤتمر الوطني، وكان أبلغها أثراً تآمر صلاح قوش مع تأزم الوضع الاقتصادي، إضافة للحزبية المحاصِصة والمعارِضة والتدخلات الخارجية.
ولسنا بحاجة إلى لوبٍ سري في بلادنا لأن غالب أهل بلادنا مسلمون، فسبب لجوء الصهيونية إلى اللوبيات السرية واللعب بمفهوم الديمقراطية هو أن عدد اليهود قليل جداً في الغرب، وأما في بلادنا فالمسلمون أغلبية، والانتخابات الهرمية لا تأتي إلا بمسلمين، وليس من أخلاقنا المكر والخداع والغدر.
وخداع الصهاينة للناس بالديمقراطية هو خداع بمكر عظيم، ففي الغرب عدل وحريات لا نظير لها في كثير من الدول مع ما في الديمقراطية الغربية من خداع ومكر وظلم في توزيع الثروات، ولذا فمن أهم أسباب استقرار الغرب أن الناس يثقون في السلطات لأن الاختيار فيه صدق إلى حد يُحقق شيئاً من العدل.
قد يرد الوهم بأن التَّشْوَقَة غير واقعية من جهة الظن بأن تحقيق تَشْوَقَةَ البلد تشوقة كاملة هدف آني سريع، بينما التشوقة عمل متدرج ممرحل استراتيجي مستدام، ولكن مع ذلك فإن جماعة النصح تُحقق مصالح مرحلية أثناء سعيها في تشوقة البلد.
ومن تلك المصالح المرحلية؛ طرح حلول للأزمات الاقتصادية والسياسية، والدعوة للتعايش السلمي، ومدافعة سياسات غير عادلة أو غير صالحة سواءٌ كانت من ناحية رعاية الدين أو سياسية الدنيا، وتوعية الناس وتكتّلاتهم الحزبية وغير الحزبية بالتشوقة، ورد شبهة عدم وجود تصور إسلامي لنظام الحُكم، وصيانة الشباب المُسلم من التأثر بهذه الشبهة.
والتَّشْوَقِيَّة مبنية على اعتبار الواجب الشرعي والمقدور الطبيعي والممكن الواقعي والتدرج الكوني، وهذا الاعتبارات مشار إليها في كتاب التَّشْوَقِيَّة في الانتخاب الهرمي وشكل التعدد السياسي وغيرها من مباحث الكتاب.
ففي جانب التعدد السياسي فإن المُقترح فيه اعتبار اختلاف الناس وآرائهم شرعاً وكوناً وقدراً، فقد راعى المُقترح التعدد السياسي من جانبين؛ الأول؛ الشرعي وذلك باعتبار اختلاف التنوع والتضاد السائغ، الثاني؛ الكوني القدري باعتبار الاختلاف غير السائغ اعتباراً للممكن والمقدور عليه.
وقد راعى المُقترح القدرة دفعاً للضغوط الخارجية والداخلية، وذلك بما سبق وبإبطال حجة التسلط، لأن المختلف فيه من السياسات يقرر عبر الاستفتاء العام.
والمنظمات المدنية ومنها الدعوية تعتبر لوبيات علنية موجِّهةً للانتخاب الهرمي بطريقة الإقناع الذي لا يتضمن غشاً وإخفاء حقائق ولا كتمانها.
عمر عبداللطيف محمد نور
لوند، السويد
الخميس 11 صفر 1441ه، 10 أكتوبر 2019م
لوند، السويد
الخميس 11 صفر 1441ه، 10 أكتوبر 2019م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق